< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/10/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

تنبیه: هل یجري النزاع في بعض الجوامد أم لا؟

هنا قولان:

القول الأوّل: عدم الجریان [1] [2]

دلیل القول الأوّل

قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «إنّ المراد بالمشتقّ المتنازع فيه هو ما دلّ على ذات باعتبار معنى، فخرج الجوامد؛ لأنّها تدلّ على الذات دون المعنى»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [3]

أقول: هذا ادّعاء بلا دلیل.

القول الثاني: الجریان [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25]

أقول: هو الحق؛ لأنّ الثمرات المترتّبة علی بحث المشتقّ- کما سیأتي تفصیله- تترتّب علی هذه الجوامد و تکون محلّ النزاع فیما انقضی عنه المبدأ؛ لأنّها تدلّ علی ما تتّصف بما یزول عنها في زمان، سواء کان من الأمور المتأصّلة، کالأسود و الأبیض و أمثالها، أو من الأمور الاعتباریّة الشرعیّة أو العقلائیّة من الأحکام الوضعیّة أو التکلیفیّة، مثل الزوج و البائع و المشتری و أمثالها أو من الأمور الانتزاعیّه؛ مثل: الفوق و التحت و أمثالهما، کما تویّد ذلك الروایات، کما سیأتي.

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «إنّه لا يبعد أن يراد بالمشتقّ في محلّ النزاع مطلق ما كان مفهومه و معناه جارياً على الذات و منتزعاً عنها بملاحظة اتّصافها بعرض أو عرضيّ و لو كان جامداً؛ كالزوج و الزوجة و الرقّ و الحر. و إن‌[26] أبيت إلّا عن اختصاص النزاع المعروف بالمشتقّ- كما هو قضيّة الجمود على ظاهر لفظه- فهذا القسم من الجوامد أيضاً محلّ النزاع». [27] [28]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کما أوضح ذلك و أیّده المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «بل إنّ الزوجيّة و أمثالها من الاعتبارات الشرعيّة أو العقلائيّة و لا يحاذيها في الخارج شي‌ء، كما هو ظاهر. و مراد المحقّق صاحب الكفاية (رحمة الله) من العرضيّ هو ذلك؛ كما صرّح به في بحث الاستصحاب عند تعرّضه لمجعوليّة الأحكام الوضعيّة». [29]

کما قال المحقّق الإیروانيّ (رحمة الله): «أمّا الاسم فظاهر العنوان و إن كان قصر البحث على قسم المشتقّ منه، بل ربما يختصّ ببعض أقسام المشتق، لكنّ الظاهر عموم مناط البحث لكلّ اسم تضمّن معنى النسبة؛ لقيام المناط بها، فأينما كانت النسبة جاء البحث، سواء كانت في المشتقّ أو في الجامد». [30]

و قال المحقّق البروجرديّ (رحمة الله): «ظهر عدم اختصاص النزاع بالمشتقّات، بل يشمل الجوامد التي تكون مفاهيمها منتزعةً عن الذات و محمولةً عليها أيضاً، مثل مفهوم الزوج و الزوجة و غيرهما». [31]

و قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «علم ممّا ذكرناه دخول بعض الجوامد أيضاً في محلّ النزاع ممّا هو جارٍ على الذات، باعتبار اتّصافه بصفة من الصفات الخارجة عن مقام الذات و إن كانت من الأمور الاعتباريّة؛ كالزوج و الحرّ و العبد و نحوها.

و توضيح المقام: أنّ اللفظ الموضوع إمّا مشتقّ أو جامد و لا ثالث لهما. و المراد بالأوّل ما تعلّق الوضع المستقلّ بكلّ من مادّته و هيئته. و المراد بالثاني ما تعلّق بالمجموع من مادّته و هيئته وضع واحد. و إن شئت قلت: إنّ المشتقّ ما كان الوضع في مادّته و هيئته نوعيّاً و الجامد ما كان الوضع فيه شخصيّاً.

و المشتقّ قسمان، فمنه ما كان بمفهومه جارياً على الذات باعتبار اتّصافه بصفة خارجة عن الذات، كاسم الفاعل و المفعول و اسم الآلة و اسم الزمان و المكان. و منه ما هو بمفهومه غير جارٍ على الذات و آبٍ عن الحمل عليه؛ كالمصادر و الافعال. و قد ذكرنا أنّ القسم الأوّل منه‌ داخل في محلّ الكلام و القسم الثاني خارج عنه. و ظهر الوجه فيهما ممّا تقدّم و لا حاجة إلى الإعادة.

و الجامد أيضاً قسمان، فمنه ما كان مفهومه منتزعاً عن أمر خارج عن مقام الذات، كالزوج و الحرّ و الرقّ و أمثالها. و منه ما كان مفهومه منتزعاً عن مقام الذات؛ كالإنسان و الشجر و الحجر و نحوها من الجوامد.

و القسم الأوّل منه ملحق بالقسم الأوّل من المشتقّ و داخل في محلّ الكلام. و القسم الثاني ملحق بالقسم الثاني من المشتقّ و خارج عن محلّ الكلام». [32]

الدلیلان علی جریان النزاع في بعض الجوامد

الدلیل الأوّل: الروایة

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ[33] عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ[34] عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ[35] رَوَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(ع)[36] قَالَ: قِيلَ لَهُ إِنَ‌ رَجُلاً تَزَوَّجَ‌ بِجَارِيَةٍ صَغِيرَةٍ فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَتُهُ ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ لَهُ أخرى. فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَ امْرَأَتَاهُ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع): «أَخْطَأَ ابْنُ شُبْرُمَةَ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ وَ امْرَأَتُهُ التي أَرْضَعَتْهَا أَوَّلاً، فَأَمَّا الْأَخِيرَةُ فَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ كَأَنَّهَا أَرْضَعَتِ ابْنَتَهَا[37] ». [38]

قال المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «ربما يشهد لذلك أيضاً، بل يدلّ عليه ما رواه ... فإنّ تعليله (ع) لعدم حرمة الكبيرة الثانية بقوله: «لأنّها أرضعت ابنته» ظاهر في أنّه لا يكون الحكم المزبور تعبّديّاً و أنّه على طبق القواعد. و فيه أيضاً تخطئة لابن شبرمة لما تخيّله من كون المشتقّ حقيقةً في الأعمّ و دلالة على أنّ المشتقّ حقيقة في المتلبّس الفعلي». [39]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[14] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص134.
[15] . علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص43.
[19] . مصباح الاصول (مباحث الالفاظ)، الخوئی، السید ابوالقاسم، ج1، ص187.
[26] في« ب»: فإن أبيت.
[32] . مصباح الاصول (مباحث الالفاظ)، الخوئی، السید ابوالقاسم، ج1، ص187.
[33] علان الکلیني: إماميّ ثقة.
[34] الرازي: إماميّ مختلف فیه و هو إماميّ لم تثبت وثاقته.
[35] إماميّ ثقة.
[36] الإمام الجواد (ع).
[37] .تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص294. «لأنّها أرضعت ابنته» و لعلّه الأصح.
[38] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص446. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود صالح بن أبي حمّاد في سندها و هو إماميّ لم تثبت وثاقته).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo