< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/10/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

قال الفاضل النراقيّ (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار الماضي- أي بعد وجوده و زواله عنه؛ كالضارب لمن ضرب و زال عنه الضرب- ففيه خلاف»، (إنتهی ملخّصاً). [1]

و قال الشهید الثاني (رحمة الله): «محلّ الخلاف ما إذا لم يطرأ على المحلّ وصف وجوديّ يناقض المعنى الأوّل أو يضادّه؛ كالزناء و القتل و الأكل و الشرب؛ فإن طرأ من الوجودات ما يناقضه أو يضادّه- كالسواد مع البياض و القيام مع القعود- فإنّه يكون مجازاً اتّفاقاً». [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «إنّه لا خلاف أيضاً في عدم صحّة استعمال الجوامد كالإنسان و الحجر و غير ذلك إلّا في خصوص المتلبّس و أنّ استعماله في غيره يعدّ من الأغلاط و لو كان ممّا انقضى عنه المبدأ». [3]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کلام الحجّة التبریزيّ في المقام

قال (رحمة الله): «إعلم أنّ المأخوذ في المشتقّ- و لو على وجه الالتزام- هو الذات و المبدأ و النسبة، فباعتبار نسبة الضرب للذات يقال ضارب و محلّ النزاع في المشتقّ ليس إلّا في هذه النسبة و جهة الإضافة- أعني إضافة الذات للمبدأ؛ فمن يقول بأنّ المشتقّ حقيقة في خصوص حال التلبّس يقول بأنّ التلبّس إذا كان باقياً يصحّ النسبة و إلّا فلا. و من يقول بكون المشتقّ حقيقة في الأعمّ يقول بصحّة النسبة و أنّ الانتساب باقٍ و لو مع انقضاء التلبّس.

فمحلّ الكلام و مورد النقض و الإبرام يكون في النسبة و فهمت بأنّ الدالّ على النسبة هو هيئة المشتق، ففي المشتقّ لا يكون لفظه بهيئته و مادّته موضوع للذات المقيّد، بل المادّة دالّة على المبدأ و الهيئة دالّة على النسبة؛ فلا يكون اللفظ موضوعاً للشخص الخاصّ حتّى إذا لم تكن الخصوصيّة باقيةً، لم يكن يصحّ الإطلاق، بل الهيئة دالّة على النسبة و النسبة كونها دالّةً على المتلبّس أو الأعم، يكون محلّ الكلام في‌ المشتق». [4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

تنبیه

أنّ النزاع هنا في الوضع و الاستعمال أو في صحّة الإطلاق و عدمها؟

القول الأوّل: النزاع في صحّة الإطلاق و عدمها

قال السیّد البهبهانيّ (رحمة الله): «الصواب أنّ بحث المتقدّمين ليس عن وضع المشتقّ و كيفيّة استعماله و أنّ الاتّفاق و الاختلاف إنّما هو في صدق الإطلاق و عدمه، لا في الوضع و الاستعمال‌». [5]

أقول: لا دلیل علیه، بل الاختلاف في الوضع و الاستعمال- کما سیأتي- حیث إنّ صحّة الإطلاق و عدمها من فروعات الوضع و الاستعمال.

القول الثاني: أنّ النزاع في الوضع و الاستعمال[6] [7] [8] [9]

قال المحقّق الاصفهانيّ (رحمة الله): «ينبغي التنبيه على أمر و هو أنّ النزاع هنا في الوضع و الاستعمال أو في صحّة الإطلاق و عدمها- مع التسالم على المفهوم و المعنى؟ الظاهر هو الأوّل؛ كما تفصح عنه كلمات القوم من قديم الزمان إلى اليوم. و أمّا ما تكرّر في كلماتهم في عنوان البحث من اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتقّ و إطلاقه، فلا ينافى ذلك؛ فإنّ الصدق بلا عناية و عدمه حيث كانا دالّين على الخصوصيّة و عدمها، فلذا عنونوا النزاع بذلك، مضافاً إلى أنّه لو لا الاختلاف في المفهوم و المعنى، فما وجه هذا الخلاف العظيم في هذه السنين المتمادية؟»، (إنتهی ملخّصاً). [10]

و قال المحقّق البجنورديّ (رحمة الله): «هذا النزاع في مرحلة الوضع و الاستعمال، لا في مرحلة الانطباق و التطبيق». [11]

دلیل القول الثاني

إنّ الحقيقة و المجاز المذكورين في عنوان النزاع من شئون الاستعمال و لا ربط لهما بالصدق و الإطلاق. [12]

الشاهد علی القول الثاني

يشهد له استدلال العلّامة (رحمة الله) في التهذيب و غيره في غيره للقول بالأعم، بأنّ معنى الضارب «من حصل منه الضرب» فيعمّ من انقضى عنه المبدأ.[13] [14]

أقول: هذا من فروعات الوضع. و بعد تعیین الوضع و الموضوع له یعلم مفهوم المشتق، ثمّ البحث في المصادیق و التطبیقات.

قال المحقّق البجنورديّ (رحمة الله): «لا ينبغي الشكّ في أنّ هذا النزاع في تعيين مفهوم المشتقّ و ما هو الموضوع له سعةً و ضيقاً، لا في مقام صدقه و انطباقه». [15] [16]

و قبل بیان الأقوال لا بدّ من بيان أمور:

الأمر الأوّل: في المراد بالمشتق

المشتقّ لغةً

الاشتِقَاقُ‌: الأخْذُ في الكلام و الخُصُوماتِ يَميناً و شِمالاً. [17] [18] [19]

الاشْتِقاقُ‌: أخْذُ شِقِّ الشي‌ءِ و الأخْذُ في‌ الكلام‌ و في الخُصومَةِ يميناً و شِمالاً و أخْذُ الكَلِمَةِ مِن الكَلِمَةِ. [20]

قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «الاشتقاق لغةً أخذ شي‌ء من شي‌ء و اقتطاع فرع من أصل يقال اشتقّ النهر من الوادي إذا أخذ شي‌ء منه؛ فالمشتقّ هو شقّ الشي‌ء المأخوذ منه». [21]

المشتقّ اصطلاحاً

المشتقّ عند الأدباء (النحویّین و الصرفیّین)[22]

المشتقّ فرع وافق بأصول حروفه. [23] [24]

هو أخذ لفظ من آخر؛ كأخذ «ضَرَبَ» من المصدر و هو «الضرب». [25]

و قال المحقّق المشکینيّ (رحمة الله): «إنّ المشتقّ يطلق في اصطلاح الأدباء على ما يؤخذ من لفظ آخر مع اشتماله على حروفه و موافقته معه في الترتيب، و هو على إطلاقه ليس داخلاً في عنوان النزاع؛ لشموله للمصادر المزيد فيها و الأفعال الأربعة، و سيأتي خروجهما عنه». [26]

قال الشیخ مغنیه (رحمة الله): «المشتق في عرف النحاة إخراج الكلمة من مصدرها، كإخراج المسافر من السفر و ليس هذا موضوع البحث». [27]

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «المشتقّ في اصطلاح النحويّين‌ ما كان لمادّته معنى محفوظ في غيره ممّا شاركه فيها و فارقه في الهيئة؛ كالفعل و اسمي الفاعل و المفعول و غيرها». [28]


[5] . مقالات حول مباحث الالفاظ، البهبهانی، السید علی، ج1، ص42.
[6] هو عبارة عن إلقاء المعنى باللفظ و جعل اللفظ مرآةً له.
[8] . منتهی الاصول، البجنوردی، السید حسن، ج1، 136.
[11] . منتهی الاصول، البجنوردی، السید حسن، ج1، 136.
[15] . منتهی الاصول، البجنوردی، السید حسن، ج1، 139.
[22] المشتقّات الصرفيّة: إسم الفاعل و اسم المفعول و الصفة المشبّهة و صيغة المبالغة و اسم الزمان و اسم المكان و اسم التفضيل و اسم الآلة.
[23] . زبدة الاصول ( مع حاشیة المصنف)، الروحانی، السید محمد صادق، ج1، ص92.
[25] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص132.
[27] . علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص42.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo