< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/10/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

قال الشهید الثاني (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ- كاسم الفاعل و اسم المفعول- باعتبار المستقبل، كقوله- تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾[1] مجاز قطعاً». (إنتهی ملخّصاً). [2]

و قال الفاضل النراقيّ (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار المستقبل- أي قبل اتّصافها به، كالميّت لمن لم يمت و سيموت- مجاز قطعاً»، (إنتهی ملخّصاً). [3]

و قال الشیخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «لا خلاف في كونها[4] مجازاً في الاستقبال، سواء أخذ فيها معنى الاستقبال‌أو أريد إثبات ذلك المفهوم له حال الحكم؛ نظراً إلى حصوله في المستقبل؛ فيكون الثبوت المأخوذ في تلك الصفات هو الثبوت في الجملة الشامل لثبوته في الاستقبال أيضاً، فيصحّ الحمل في الحال نظراً إلى تلك الملاحظة». [5]

و قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «هل يشترط في صدق المشتقّ بقاء المبدأ أم لا؟ و التكلّم في هذه المسألة أعظم شي‌ء للأصوليّ نفعاً»، (إنتهی ملخّصاً). [6]

إتّفق الأصولیّون علی أنّ المشتقّ حقيقة بالنسبة إلى المتلبّس في الحال. [7] [8] [9] [10]

قال الفاضل التونيّ (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ‌- كاسم الفاعل و المفعول و نحوهما- على المتّصف بمبدئه بالفعل حقيقة اتّفاقاً؛ كالضارب لمباشر الضرب». [11]

و قال الفاضل النراقيّ (رحمة الله): «إطلاق المشتقّ على ذات باعتبار الحال- يعني عند اتّصافها بالمبدأ[12] ، كالضارب لمباشر الضرب- حقيقة وفاقاً». [13]

و قال الشیخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «لا خلاف ظاهراً في كون المشتقّات من الصفات، كاسم الفاعل و المفعول و الصفة المشبّهة و نحوها حقيقةً في الحال، لا بمعنى وضعها لخصوص الحال على أن يكون الزمان جزءً من مدلولها و لا بمعنى اعتبار اتّصاف الذوات التي تجري عليها بمبادئها في خصوص الحال التي يحكم فيها بثبوتها لموصوفاتها، ليلزم القول بالاشتراك لو قيل بكونها حقيقةً في الماضي؛ بل المراد كون إطلاقها على ذلك في الجملة على سبيل الحقيقة، سواء كانت موضوعةً لخصوص ذلك أو لما يعمّه، فهي حقيقة في ذلك في الجملة، سواء كانت موضوعةً له بالخصوص أو كان ذلك مصداقاً حقيقيّاً لما وضع له». [14]

و قال المحقّق النراقيّ (رحمة الله): «إنّ المشتقّ حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال مختلف فيه في الماضي». [15]

و قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «إختلفوا في أنّ المشتقّ حقيقة في خصوص ما تلبّس بالمبدأ في الحال أو فيما يعمّه و ما انقضى عنه على أقوال بعد الاتّفاق على كونه مجازاً فيما يتلبّس به في الاستقبال». [16]

و قال الحائريّ الیزديّ (رحمة الله): «إختلفوا في معاني بعض المشتقّات، من قبيل اسم الفاعل و المفعول و الصفة المشبّهة و أمثال ذلك ممّا يجري على الذوات و يحمل عليها على نحو من الحمل، هل هي ما يطلق على الذوات في خصوص حال التلبّس؟ او معانيها اأعمّ من ذلك بمعنى أنّها موضوعة لمعان تحمل على الذوات و ان انقضى عنها التلبّس؟ بعد الاتّفاق على ان إطلاقها على الذوات التي لم تتلبّس بعد بملاحظة الزمن الآتي مجاز».[17]

و قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «لا خلاف في صحّة استعمال المشتقّ في المتلبّس بالمبدأ فعلاً، و في المنقضي عنه المبدأ، و فيمن تلبّس به في المستقبل و لم يتلبّس به بعد، كما أنّه لا خلاف في كونه مجازاً في الأخير و حقيقة في الأوّل، و هو المتلبّس بالمبدأ فعلاً. إنّما الكلام في كونه حقيقةً في خصوصه، أو في الأعمّ منه و من المنقضي عنه المبدأ». [18]

دلیل الاتّفاق علی المجازيّة في المستقبل و الاختلاف في ما انقضى

قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «السرّ في اتّفاقهم على المجازيّة في المستقبل و الاختلاف فيما انقضى هو أنّ المشتقّ لمّا كان عنواناً متولّداً من قيام العرض بموضوعه- من دون أن يكون الزمان مأخوذاً في حقيقته، بل لم يؤخذ الزمان في الأفعال، فضلاً عن المشتقّ- وقع الاختلاف بالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدأ، حيث إنّه قد تولّد عنوان المشتق، لمكان قيام العرض بمحلّه في الزمان الماضي. و هذا بخلاف من يتلبّس بعد، فإنّه لم يتولّد عنوان المشتق، لعدم قيام العرض بمحلّه، فكان للنزاع في ذلك مجال، دون هذا؛ إذ يمكن أن يقال فيما تولّد عنوان المشتقّ أنّ حدوث التولّد في الجملة و لو فيما مضى يكفي في صدق العنوان على وجه الحقيقة و لو انقضى عنه المبدأ، كما أنّه يمكن أن يقال: إنّه يعتبر في صدق العنوان على وجه الحقيقة بقاء التولّد في الحال و لا يكفي حدوثه مع انقضائه. هذا فيما إذا تولّد عنوان المشتقّ في الجملة.

و أمّا فيما لم يتولّد، فلا مجال للنزاع في أنّه على نحو الحقيقة؛ لعدم قيام العرض‌ بمحلّه، فكيف يمكن أن يتوهّم صدق العنوان على وجه الحقيقة، مع أنّه لم يتحقّق العنوان بعد! فلا بدّ أن يكون على وجه المجاز بعلاقة الأول [19] [20] و المشارفة [21] [22] »، (إنتهی ملخّصاً). [23]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «سرّ عدم نزاعهم و اتّفاقهم في عدم الوضع للأخير لأجل أنّهم علموا أنّ المشتقّ لم يوضع لما يتلبّس بالمبدأ في المستقبل، لا لأجل عدم الاتّصاف به واقعاً. و إلّا لا بدّ و أن لا يتّصف واقعاً بالمبدأ ما انقضى عنه المبدأ؛ ضرورة أنّ الاتّصاف بحسب الواقع دائر مدار واجديّة المبدأ فعلاً. و من لم يكن واجداً له- سواء كان متلبّساً به و انقضى عنه، أو يتلبّس به بعد- لا يعقل الاتّصاف به. و لعلّ سرّ عدم نزاعهم بالنسبة إلى ما يتلبّس بعد و نزاعهم بالنسبة إلى‌ ما انقضى هو إمكان انقداح الصدق بالنسبة إلى‌ ما انقضى عنه. و لذا قد يصدق المشتقّ- و لو انقضى عنه المبدأ- فيما لو كان ذا ملكة فانقضى عنه؛ فصار محلّاً للبحث. و أمّا بالنسبة إلى‌ ما يتلبّس بعد، فلم ينقدح في ذهن و لا يقبله الذوق السليم أصلاً، كما لا يخفى.

و لعلّ ما ذكرنا هو مراد المحقّق النائينيّ (رحمة الله) و إن كانت عباراته قاصرةً عن إفادته و اللَّه العالم. [24]

أقول: إنّ کلام الإمام الخمینيّ (رحمة الله) متین في نفسه و لکن لیس مراد المحقّق النائینيّ (رحمة الله) ما ذکره الإمام الخمینيّ (رحمة الله).

 


[4] المشتقّات.
[10] . فوائد الاصول، النائینی، محمد حسین، ج1، ص82.
[12] أنيس المجتهدين، النراقي، المولى محمد مهدي، ج1، ص81. الحقّ أنّ المعتبر في اتّصاف ذات بالمبدأ في الحال هو أن يقال في العرف: إنّها متّصفة به. و هذا متحقّق ما دام الفاعل مباشراً للفعل بالمباشرة العرفيّة، أي ما دام لم يحصل فصل بين أجزاء الفعل بحيث يقول العرف: زالت المباشرة.
[15] . مناهج الاحکام و الاصول، النراقی، المولی احمد، ج1، ص34.
[18] . مصباح الاصول (مباحث الالفاظ)، الخوئی، السید ابوالقاسم، ج1، ص186.
[19] مصطلح الاصول، التونجی، محمد، ج1، ص219: «الأول» على وزن «القول» و هي تعرّف بأنّها ما إذا كانت المناسبة بين ذاتين، فتسمّى الذات في الحالة الأولى باسمها في الحالة الثانية.
[20] المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه‌، الشعراني، أبو الحسن‌، ج1، ص158.: علاقة الأول فيطلق الخمر على العصير و الميّت على المحتضر. و لا يطلق على كلّ ما يئول إلى شي‌ء اسم ذلك الشي‌ء، فلا يطلق الدبس و الخلّ على العصير.
[21] مصطلح الاصول، التونجی، محمد، ج1، ص210: علاقة المشارفة هي ما إذا كانت المناسبة بين الزمانين بأن يسمّى الشي‌ء (مثلاً) في هذا الحال باسمه في الحال الثاني، لتقارب الزمانين.
[22] .منتهى ‌الدراية، المروج الجزائري، السيد محمد جعفر، ج2، ص184. علاقة المشارفة بلحاظ المناسبة بين الحالين العارضين على شي‌ء في زمانين؛ كإطلاق القتيل (مثلاً) على المصلوب المشرف على الموت بلحاظ قربه من القتل.
[23] . فوائد الاصول، النائینی، محمد حسین، ج1، ص82.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo