< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

الإشکال في کلام الحجّة التبریزي

إنّ الاستعمال كذلك ليس استعمالاً في الأكثر، بل استعمال في معنى كلّيّ و إرادة مصاديقه على فرض صحّته. [1]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

تذنیب: هل استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد واقع في القرآن أم لا؟ (إنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطوناً سبعة أو سبعين تدلّ على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد أم لا؟)

هنا قولان:

القول الأوّل: عدم الوقوع (عدم الدلالة) [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13]

قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «الحقّ أنّ مداليل أخبار البطون مجملة؛ مثل: ما ورد أنّ جميع معاني القرآن معنية من باء بسم اللَّه فإنّه من المتشابهات التي لايصل إلى حقيقتها عقولنا و يجب ردّها إلى خزّان العلوم (علیهم السلام) فلايرد نقضاً بما يساعد عليه النظر و الاستقراء في محاورات أهل اللسان من المنع عن استعمال اللفظ في المعنيين مع إمكان استناد البطون إلى أوضاع ألفاظ القرآن القديمة و استناد المعاني الظاهرية التي يساعدها الأوضاع اللغويّة إلى نقلها عن الأوضاع السابقة المعهودة بين اللَّه - تعالى- و بين الأئمّة (علیهم السلام) و الملائكة قبل خلق البشر و خلق لغاتهم. و هذا و إن كان متوقّفاً على تعدّد الاستعمال أيضاً إلّا أنّ الالتزام به على هذا الوجه بحسب مراتب وجودات القرآن و منازلها من العرش إلى الفرش ليس كالالتزام بتعدّده في زمان نزول القرآن إلى النبيّ (ص)، فافهم»‌. [14]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

أقول: إنّ هذه الرواية [في باء بسم الله] ليست في الكتب الشيعة الروائيّة؛ فهي غير قابلة للدفاع من جهة السند، مضافاً إلی أنّ الاستفادة من النقطة في الخطّ العربيّ - بناءً علی ما في التمهيد من نقلها عن إبن خلّكان - في المرتبة الأولی في زمن عبدالملك بن مروان ( ح 75 - 86 ه‌ . ق) بيد يحيى بن يعمر و نصر بن عاصم - تلميذي أبي الأسود الدئليّ و هو تلميذ أمير المؤمنين (ع) - و حظی بترحيب من قِبَل الناس و قبل ذلك - في حدود سنة خمسين إلی ثلاث و خمسین - أستعملت النقطة بعنوان الإعراب بيد أبي الأسود الدئلي كما يلي: النقطة التي فوق الحرف علامة الفتحة و النقطة‌ التي أمام الحرف علامة الضمّة و النقطة التي تحت الحرف علامة الكسرة. أستفيد من الخطّ الأحمر للفرق بين النقطة المتعارف العصري، حتّی إخترع خليل بن أحمد الفراهيدي- مؤلّف كتاب «العين»- حركات الضمّة و الفتحة بهيئة العصري.[15]

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «لعلّك تتوهّم أنّ الأخبار الدالّة على أنّ للقرآن بطوناً سبعة أو سبعين تدلّ على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فضلاً عن جوازه و لكنّك غفلت عن أنّه لا دلالة لها أصلاً على أنّ أرادتها كان من باب إرادة المعنى من اللفظ فلعلّه كان بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى لا من اللفظ، كما إذا استعمل فيها أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ و إن كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها [16] ». [17]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کلام المحقّق الإیروانيّ ذیل کلام المحقّق الخراساني

قال(رحمة الله): «ليت شعري ما الذي أراد المصنّف (رحمة الله) من إرادة تلك المعاني في أنفسها حال الاستعمال، فإن أراد إرادة تفهيمها لكن لا بهذا اللفظ، فذلك غير معقول بعد عدم نصب ما يدلّ على تلك الإرادة و المفروض عدم دلالة هذا اللفظ أيضاً عليها. و إن أراد مجرّد إخطارها بالبال مقارناً لذكر اللفظ فذلك لايجعلها من بطون القرآن و أيّ مساس له بالقرآن ليكون من بطونه و هل مجرّد تصوّر أمر مقارناً لذكر اللفظ يجعله من بطون ذلك اللفظ و معانيه و على كلا التقديرين لايكون ذلك مدحاً و تفخيماً للقرآن و مقاماً يختصّ به؛ ثمّ إنّ المصنّف (رحمة الله) ذكر في مجلس بحثه جوابين آخرين:

أحدهما: أنّ المراد منها بيان دقّة معاني كلام اللّه - تعالى - و خفائها عن الإفهام بحجب سبعة أو سبعين فشبّه الحجاب المعنويّ بالحجاب الصوري؛ أعني به جلد البطن الحاجب لما في البطن من الأمعاء فمعنى أنّ للقرآن سبعة بطون أو سبعين بطناً أنّ معاني القرآن ممّا لا تنالها إفهام غير المخصوصين به؛ كما لاينال الشخص الشي‌ء المحجوب بحجب متعدّدة و ليس معناه أنّ له معاني متعدّدةً.

ثانيهما: أنّ المراد منها أنّ المعاني و المداليل الكلّيّة القرآنيّة مصاديق خفيّة مستورة عن الأذهان قد أطلقت عليها كما أطلقت أيضاً على مصداقه الظاهري. و أمّا الاستعمال فلميقع إلّا في مفهوم واحد كلّي؛ مثل أن يستعمل لفظ الميزان في قوله - تعالى: ﴿و لا تخسروا الميزان﴾[18] في مفهومه الكلّيّ و هو الذي يوزن به الأشياء لكن قد أطلق على عدّة مصاديق بعضها ظهر و بعضها بطن؛ فالظهر هو الذي ينصرف إليه أذهان أهل العرف - أعني به الموازين المادّيّة التي يوزن بها الأعيان الخارجيّة - و أمّا بطنه فهو الميزان المعنويّ الذي يوزن به إيمان المؤمنين و يمتاز به مراتب إيمانهم بعضهم من بعض - أعني به ولاية أمير المؤمنين (ع) و أولاده المعصومين (علیهم السلام). أ لاترى كيف خفي ذلك؛ أي كون الولاية المزبورة من مصاديق‌ مفهوم الميزان على أذهان العامّة و لعلّ هناك معنى آخر أخفى من هذا، فيكون ذلك بطناً لهذا البطن و هكذا إلى سبعة أو سبعين‌». [19]

أقول: التحقیق في محلّه في تفسیر الآیات و لا یدخل في محلّ النزاع.

الإشکالات في کلام المحقّق الخراساني

الإشکال الأوّل

قال المحقّق الداماد (رحمة الله): «فيه[20] منع ظاهر؛ إذ مجرّد إرادة المعاني في أنفسها و خطورها بالبال عند استعمال اللفظ في معناه لايرتبط بالقرآن و لايكون تعريفاً له و بياناً لمعظم شأنه؛ إذ لايخلو متكلّم حين الاستعمال إلّا و يخطر بباله أمور و هذا أجنبيّ عن كلامه ما لم يكن مفيداً لها و دليلاً عليها بنحو من الأنحاء و كلّ من راجع أدلّة الباب يحكم بأنّ مفادها أجنبيّ بالمرّة عن هذا الاحتمال.

و لا يخفى أنّ إرادة هذا المعنى[21] و إن كان ممكناً، نظراً إلى أنّ إيراد الكلام علي وجه يكون له لوازم عديدة تقصر الأفهام عن إدراكها دليل علی عظمة الكلام و لايكون كالاحتمال الأوّل أجنبيّاً عن الكلام إلّا أنّ ظاهر أدلّة الباب إرادة غير هذا المعنى. و سرّه أنّ ذلك ليس تعريفاً معتدّاً به يختصّ القرآن؛ إذ لايخلو كلام من أن يكون و له لازم واحد أو أكثر لايلتفت إليه إلّا بعد التنبيه. و بالجملة يظهر لمن أعطى النظر حقّه و تأمّل في أدلّة الباب أنّها ليست بصدد إثبات هذا الأمر». [22]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الثاني

لا يخفى ما في التوجيهين:

أمّا الأوّل: فلأنّ إرادة المعنى أو المعنيين حال الاستعمال في المعنى لايسمّى بطناً للقرآن و هو خلاف ظاهر تلك الأخبار.

و أمّا الثاني: فلأنّ دعوى أنّ لكلّ واحد من معاني الألفاظ في القرآن المجيد من البدو إلى الختم، لوازم سبعة أو سبعين ممّا لايلتزم بها أحد، فالأولى الاعتراف بقصور أفهامنا عن درك معاني مثل هذه الأخبار المتشابهة الصعبة المستصعبة و إيكالها إلى أهلها الراسخين في العلم. [23]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الثالث

إنّ ما أفاده المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) لتوجيه روايات البطون غير مرضيّ عندنا، فإنّه قال: ... و لكنّ الجواب الأوّل عجيب منه؛ فإنّ لازمه أنّ المراد من بطون القرآن معانٍ كانت‌ موجودةً في ذهن المتكلّم فأرادها مقارناً للمعنى المستعمل فيه اللفظ من دون أيّ ربط بينهما و من دون استعمال اللفظ في تلك المعاني و هذا عجيب منه و معلوم بطلانه.

و أمّا الجواب الثاني‌ ففيه‌ أنّه ينتقض بما يعدّ من بطون القرآن و لايكون من لوازم المعنى الموضوع له، نحو كلمة ﴿الجوار الخنّس﴾ في الآية التي فسّرت في الرواية بالامام الغائب - أنفسنا له الفداء - مع كونه في اللغة بمعنى الكواكب المتحرّكة التي تغرب و تحتجب عن النظر و لا ملازمة بين المعنيين. [24]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

أدلّة القول الأوّل

الدلیل الأوّل

قال الحائريّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «قد ورد في كثير من الأخبار أنّ للقرآن سبعة بطون أو سبعين بطناً و ورد في بعضها تفسير بعض البطون فربما يظنّ أنّ ذلك من باب استعمال اللفظ في معانيه الحقيقيّة أو المجازيّة أو الحقيقيّة و المجازيّة فيتمسّك به على الجواز. و هو ممنوع؛ لجواز أن يكون بطون القرآن بطوناً لظاهره و إن لميساعد أفهامنا على التوفيق بينهما فتكون حينئذٍ مرادةً بإرادته أو يكون مستعملاً في معناه الظاهر و يكون دلالته على بقيّة المعاني من باب التنبيه و الإيماء -كما في الكناية- مع احتمال أن يكون القرآن عبارةً عن الألفاظ المؤلّفة دون استعمالها فيجوز حينئذٍ أن يراد بتأليفها ما يصلح له ممّا فوق المعنى الواحد و هو خارج عن محلّ البحث، مع إمكان أن يكون الاستعمال متعدّداً على حسب تعدّد البطون و ليس في تلك الأخبار دلالة على أنّ الكلّ مراد باستعمال واحد و فيه بعد». [25]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثاني

قال المحقّق البروجرديّ (رحمة الله): «إنّه لا دلالة لها أصلاً، بعد تسليم سندها، على جواز الاستعمال بهذا الوجه في أكثر من معنى واحد؛ لأنّه من الممكن أن يكون للآيات القرآنيّة مراتب سبع و لكلّ مرتبة مراحل عشرة مع كونها وجوداً واحداً؛ كما قد يقال في اصطلاح أرباب بعض العلوم و الفنون أنّ للإنسان أيضاً تلك المراتب و المدارج فهم يقولون إنّ الإنسان إنسان عقلانيّ و إنسان طبيعيّ و إنسان متوسّط بين الطبيعة و التجرّد التام». [26]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثالث

إنّ إرادة معانٍ عديدة من لفظ واحد غير استعماله فيها و الكلام في الاستعمال دون الإرادة، فكون تلك البطون مرادةً غير استعمال اللفظ فيها. [27]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الرابع

إنّ ما دلّ من الأخبار على أنّ للقرآن بطوناً لايدلّ على صحّة استعمال المشترك في أكثر من المعنى، لأنّ تلك البطون من قبيل الإشارات و الرموز التي لايفهمها إلّا أشخاص خاصّة. و الكلام في المقام في الاستعمالات المحاوريّة العرفيّة. [28]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[3] . اشارات الاصول، الکرباسی، ج1، ص57.
[11] . نتائج الافکار فی الاصول، الجزایری، السید محمد، ج1، ص128.
[16] دراسات في الأصول - تقريرات، السيد صمد علي الموسوي، ج1، ص363. هذا الاحتمال [الاحتمال الثاني] يجري في المقام، مع أنّه لا دليل على خلاف الاحتمال الثاني من الاحتمالين المذكورين.
[20] الاحتمال الأوّل في کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله).
[21] الاحتمال الثاني في کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله).
[27] . نتائج الافکار فی الاصول، الجزایری، السید محمد، ج1، ص128.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo