< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

الإشکال في کلام المحقّق القمّي

إنّ اللفظ و إن وضع للمعنى حال الوحدة، لكنّ القيد (حال الوحدة) ليس قيداً للموضوع له و لا قيداً للوضع فلايكون مانعاً من الاستعمال. [1]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

دلیل عدم جواز الاستعمال في المعنی الحقیقيّ و المجازي

إنّ وضع الحقائق و المجازات وحدانيّة، نظراً إلى التوظيف[2] و التوقيف‌[3] . فمع القرينة المانعة عن إرادة ما وضعت له و إرادة معنى مجازي، لايمكن إرادة ما وضعت له، بل و لا غيره من المعاني المجازيّة الأخر. و يتمّ بذلك عدم جواز إرادة المعنيين من اللفظ. [4]

أقول: لا إشکال في إرادة المعاني المتعدّدة مع نصب القرائن علی ذلك، فالقرینة الصارفة تفید معنیً و القرینة الصارفة الأخری تفید معنیً آخر و هکذا. و لا منافاة إذا قبله الطبع السلیم و العرف. و لا دلیل علی التوقیفیّة في المعاني المجازیّة بهذه الشدّة. و نشهد لذلك العرف و الوجدان و الذوق السلیم.

کما قال المحقّق النراقيّ (رحمة الله): «إنّه لا يجوز استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد في استعمال واحد و لا اللفظ في حقيقته و مجازه كذلك؛ لأنّ استعمال لفظ في معنى من الأمور التوقيفيّة المحتاجة إلى ثبوت الرخصة من الواضع و هي غير معلومة و الأصل عدمها». [5]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

الدلیل الثاني

لنا على أنّه غير جائز في المفرد مطلقاً حقيقةً وجوه:

الأوّل: أنّ الوضع على ما يساعد عليه التحقيق عبارة عن نوع تخصيص ينشئه الواضع و مرجعه إلى قصر اللفظ على المعنى و يدلّ عليه تعريف بعضهم له بأنّه تخصيص شي‌ء بشي‌ء و هو الظاهر من تعريف آخرين له بأنّه تعيين شي‌ء بشي‌ء. و حينئذٍ فإذا وضع لفظ لمعنيين فقضيّة كلّ وضع أن لايستعمل إلّا في المعنى الذي وضع اللفظ بإزائه، فإذا أطلق و أريد به أحدهما صحّ‌ الاستعمال على ما هو قضيّة أحد الوضعين و إن أطلق و أريد به كلا المعنيين لميصح؛ لأنّ قضيّة كلّ من الوضعين أن لايراد منه المعنى الآخر، ففي الجمع بينهما نقض لهما؛ فلايكون اللفظ مستعملاً فيما وضع له بحسب شي‌ء من الوضعين.

الثاني: الاستقراء فإنّا تتبّعنا لغة العرب من قديمهم و حديثهم و تصفّحنا في موارد استعمالاتهم و مجاري كلماتهم فلميتحقّق عندنا صدور مثل هذا الاستعمال ممّن يعتدّ منهم بكلامه في نظم و لا نثر، بل تصفّحنا فلمنقف على ذلك في سائر اللغات التي‌ وقفنا عليها أيضاً، مع ما نرى من شيوع الاشتراك بينهم و مسيس الحاجة كثيراً إلى التعبير به عمّا زاد على معنى واحد. و لا خفاء في أنّ عدم الوجدان في مثل ذلك بعد الاستقراء يدلّ على عدم الوجود و هو يوجب ظنّاً قويّاً بعدم الجواز إن لميوجب العلم به و قد تقرّر أنّ مثل هذا الظنّ حجّة في مباحث الألفاظ.

الثالث: أنّ الذي ثبت من الوضع جواز استعمال اللفظ في معنى واحد. و أمّا استعماله فيما زاد عليه فلميتبيّن لنا بعد الفحص ما يوجب جوازه و مجرّد إطلاق الوضع على تقدير تسليمه مدفوع بعدم مساعدة الطبع عليه؛ فقضيّة كون الأوضاع توقيفيةً الاقتصار على القدر المعلوم. [6]

أقول: إنّ الوجدان شاهد بوجود الاستعمال في أکثر من معنی، مع وجود القرائن. و لا یلزم نقض الغرض و الاستقراء یفید وجود الاستعمالات الکثیرة، کما نشاهد في کلمات الفقهاء، فالادّعاء غیر ثابت. و لا توقیفیّة في استعمال المجازات مع القرائن إذا کانت العلائق المجوّزة موجودةً بحیث یقبله الطبع السلیم.

دفع الإشکال (ردّ الوجه الثاني)

قال النجفيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «قد عرفت ثبوت الاستعمال على هذا النحو كثيراً. و في دعوى عدم الجواز ما تقدّم في سابقه. و في المراد من حجّيّة الظنّ في هذا المورد و أمثاله خفاء و غموض». [7]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

دفع الإشکال (ردّ الوجه الثالث)

قال النجفيّ الاصفهانيّ (رحمة الله) : «لاأدري كيف لايسلّم إطلاق الوضع، مع أنّ اعتبار قيد الوحدة في المعنى ممّا يقطع بخلافه- كما يعترف به- و كون الموضوع له في حال الوحدة لايقضي إلّا بعدم كون الآخر موضوعاً له بهذا الوضع. و يتبعه عدم صحّة الاستعمال به و لايوجب ذلك عدم وضع آخر و إلّا لامتنع الاشتراك و لا عدم صحّة الاستعمال بملاحظة الوضع الآخر.

و ما أبعد بين ما أوضحناه لك من حسن هذا النحو من الاستعمال و كونه مبنى كثير من نكات صناعة البديع و بين ما يدّعيه من عدم مساعدة الطبع عليه.

ثمّ إنّ توقيفيّة الأوضاع لايوجب توقيفيّة الاستعمال و إنّي لأعجب من استدلال مثله (رحمة الله) بمثل هذا في مسألتنا هذه و هي لغويّة محضة، لا شرعيّة يتأتّى فيها لزوم الاحتياط». [8]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثالث

لنا على عدم جواز الاستعمال في المفرد مجازاً مطلقاً- مضافاً إلى شمول بعض الأدلّة السابقة له- أنّ الفرض استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيّين أو معانيه الحقيقيّة، فيكون مستعملاً فيما وضع له؛ فلايكون مجازاً». [9]

أقول: لا إشکال في الاستعمال في المعاني الحقیقیّة إذا کان مع القرینة المعیّنة لکلّ معنی.

 


[2] أي: تعیین الوظیفة.
[3] إذ اللغات توقيفيّة، كالأحكام الشرعيّة، بل الأمر في اللغات أشد. و لذا لم‌يقل بالتصويب فيها و إن قيل به في الأحكام.
[5] . مفتاح الاحکام، النراقی، للمولی احمد، ج1، ص106.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo