< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

القول الرابع: الجواز مطلقاً (في المفرد و التثنیة و الجمع و في الإثبات و النفي) لکنّه في المفرد مجاز و في التثنیة و الجمع حقیقة [1]

أقول: لا دلیل علیه؛ فإنّ استعمال اللفظ في المعنی الحقیقيّ حقیقة و في المعنی المجازيّ مجاز. و الاستعمال في الأکثر یحتاج إلی قرینة علی ذلك.

دلیل القول الرابع

قال إبن الشهید الثاني (رحمة الله): «لنا على الجواز انتفاء المانع بما سنبيّنه من بطلان ما تمسّك به المانعون و على كونه مجازاً في المفرد تبادر الوحدة منه عند إطلاق اللفظ فيفتقر إرادة الجميع منه إلى إلغاء اعتبار قيد الوحدة فيصير اللفظ مستعملاً في خلاف موضوعه، لكن وجود العلاقة المصحّحة للتجوّز- أعني علاقة الكلّ و الجزء- يجوّزه فيكون مجازاً. و لنا على كونه حقيقةً في التثنية و الجمع أنّهما في قوّة تكرير المفرد بالعطف. و الظاهر اعتبار الاتّفاق في اللفظ دون المعنى في المفردات. أ لا ترى أنّه يقال زيدان و زيدون و ما أشبه هذا، مع كون المعنى في الآحاد مختلفاً». [2]

أقول، أوّلاً: أنّ اعتبار قید الوحدة لیس في اللغة و لا في العرف، لا في الوضع و لا في الموضوع له.

و ثانیاً: قوله (رحمة الله) «إنّهما في قوّة تکریر المفرد بالعطف» غیر وجیه، حیث إنّ التثنیة و الجمع یفید التعدّد فیما أراد من المفرد، لا تعدّد المعنی، فلا یفید في المقام.

و ثالثاً: قوله (رحمة الله) زیدان و زیدون حیث لا یمکن إرادة تعدّد المعنی المراد من المفرد لاستحالته، فلا بدّ أن یراد المسمّی بزید الذي له أفراد. و لا یخفی أنّ استعمال اللفظ في الأکثر یحتاج إلی قرینة علی ذلك.

الإشکال في کلام إبن الشهید الثاني (أنّهما في قوّة تكرير المفرد بالعطف)

قال الشیخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «إن أراد أنّهما في قوّة تكرير المفرد بالعطف مطلقاً فممنوع؛ إذ غاية ما يسلّم من ذلك كونهما في قوّة تكرير المفرد في إفادة التعدّد في الجملة. و إن أراد أنّهما في قوّة ذلك في الجملة، فلايفيده شيئاً؛ إذ هو ممّا لا كلام فيه». [3]

الإشکالات في الدلیل

الإشکال الأوّل

إنّ المانع ليس منحصراً فيما تمسّك به المانع، بل المانع هو أنّ اللغات توقيفيّة و الوضع لميثبت في المفرد إلّا في حال انفراد المعنى في الإرادة.

و أمّا مجازيّته، فيتوقّف على حصول الرخصة في نوع هذا المجاز و إن كان و لابدّ، فالأولى أن يقال: العلاقة هو استعمال اللفظ الموضوع للخاصّ في العام.

و أمّا كونه حقيقةً في التثنية و الجمع. ففيه: أنّ المتبادر منهما هو الاتّفاق في المعنى. [4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الثاني

إنّ الوحدة غير داخلة فى نفس المعنى، بل خارجة عنه و من عوارض الاستعمال؛ فإنّ الاستعمال يمكن أن يقع بانفراد المعنى عن الآخر و باجتماعه معه، فلايؤثّر فى اختلاف المعنى. و بذلك يشهد العرف فإنّ الوحدة غير مفهومة من الألفاظ. كيف و المتكلّم و المخاطب لايشعران بها و يغفلان عنها، بل يصحّ سلبها مع نفس المعنى عن الألفاظ؛ غاية الأمر هجر الاستعمال على وجه الاجتماع في العرف راساً في الحقائق و المجازات و فيهما بحيث يكشف عن عدم الإذن أو الاشتراط؛ فلايصحّ التعدّي حینئذٍ، على أنّه لو صحّ تبادر الوحدة لايفيد الجزئيّة، بل يحتمل كونه قيداً فيه؛ فيكون التقييد داخلاً و القيد خارجاً، بل هو المتعيّن على تقديره، فإنّ المفهوم من اللفظ ليس نفس المعنى و الوحدة. كيف و لايتوهّم أحد صحّته و يصحّ سلبه عنه قطعاً؛ فعلى هذا ليس العلاقة الكلّيّة و الجزئيّة، مع أنّ الكلام في إرادة كلّ من المعنيين و ليس هذا جزءاً من الموضوع له[5] و كونها مشروطةً بالتركّب الحقيقيّ و كونه بحيث إذا انتفى انتفى عرفاً لعدم ثبوت أزيد من ذلك منها و يكفينا الشكّ و هو ممّا لا ريب فيه؛ فتوهّم الاشتراط من أحد الطرفين دون آخر ممّا لاينبغي، كتوهّم انحصار سبب المنع في ما ذكره؛ فإنّ فى التوقيفيّة و عدم الدليل كفاية. و أمّا في غير المفرد ممّا ذكره من كونه فى قوّة تكرير المفرد لايجدي؛ فإنّه إن أراد أنّ أصله ذلك -كما ذكره بعض علماء العربيّة- فذلك غير معلوم، بل فاقد النظير في لغة العرب أو نادرة، بل الظاهر كونه موضوعاً بوضع النوعي -كما ذكره ثلّة- بأن يقال في التثنية (مثلاً) كلّ ما كان آخر مفرده ألف أو ياء مفتوح ما قبلها و نون مكسورة، فهو موضوع لفردين. و هكذا في الجمع مع تأيّد ذلك بالجمع المكسّر مع ظهور اطّراد الوضع فى الجميع. إنّ كون شي‌ء فى قوّة شي‌ء لايستلزم اشتراكه في جميع أحكامه. و أمّا نحو القمرين و الزيدين و نحوهما فخارج عمّا نحن فيه؛ فإنّ الأوّل معلوم ابتناؤه على تشبيه أحد الشيئين بالآخر كتشبيه الشمس بالقمر، ثمّ إطلاق القمر عليها ثمّ بناء التثنية منهما باعتبار المسمّى؛ كما أنّ التأويل في الثاني بالمسمّى أيضاً، مع أنّ غاية ما فيهما الاستعمال مع القرينة إن تمّ و هو غير مجد في إثبات الحقيقة. [6]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[5] الموضوع له هو المعنی.
[6] . اشارات الاصول، الکرباسی، محمد ابراهیم، ج1، ص58.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo