< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ استعمال اللفظ فی اکثر من معنی واحد

هنا[1] أقوال:

القول الأوّل: الجواز عقلاً و لغةً مطلقاً (سواء کان المعنیان مختلفین أو ضدّین و سواء کان المعنی حقیقةً أو مجازاً) [2] [3]

لا بدّ من الالتفات إلی أمور:

الأوّل: عدم الجواز خلاف اللغة و الاستعمالات العربیّة و غیرها، کما في القرآن و غیره؛ مثل: استعمال النکاح في الوطي و العقد معاً، مع أنّه حقیقة في الوطي و مجاز في العقد و مثل الکنایات؛ نحو: زید کثیر الرماد إذا کان رماده کثیراً و سخیّاً معاً. و مثل أن یقال في الفارسیّة دی در میدان بادیه دیدم شیر را این را بریختم و از آن هم گریختم. و هذا من لطائف الکلمات، فاستعمال اللفظ في أکثر من معنی من محسّنات الکلام، فضلاً عن جوازه.

الثاني: أنّ الاستعمال یجوز مع وجود القرینة علی کلا المعنیین، مثل کلمة بریختم و گریختم في الشعر. و أمّا مع عدم ذکر القرینة، فلا یصحّ الاستعمال في الأکثر، بل ما یتبادر إلی الذهن عرفاً هو المستعمل فیه اللفظ. و هکذا استعمال اللفظ في الحقیقيّ و المجازيّ لا إشکال فیه؛ مثل استعمال النکاح في الوطي و العقد في قوله وقع النکاح إذا کان مع القرینة علی ذلك؛ فما یقال بأنّ القرینة الصارفة في المجاز توجب عدم إرادة الحقیقة جوابه: أنّ إرادة المجاز قد تکون من مراتب الحقیقة و لا تضادّها؛ مثل العقد و الوطي. نحو: لا تنکح ما نکح آبائکم فیمکن أن یراد لا تنکح ما عقد آبائکم و أن یراد لا تنکح ما وطئ آبائکم و أن یراد کلیهما. و أمّا في صورة التضادّ بین المعاني، فلا إشکال في الاستعمال مع القرینة الدالّة علیها بحیث یقع التفهیم و التفهّم عرفاً.

الثالث: أنّ استعمال اللفظ في الأکثر إن کان المعنی المراد حقیقةً، فالاستعمال حقیقي. و إن کان المعنی المراد مجازاً، فالاستعمال مجازي، لکن کلّ منهما یحتاج إلی قرینة صارفة و معیّنة، کما في الشعر السابق. و لا فرق بین المفرد و التثنیة و الجمع.

قال السیّد المرتضی (رحمة الله): «من خالف في جواز وقوع الإسم على مختلفين أو على ضدّين‌[4] ، لايلتفت إلى خلافه؛ لخروجه عن الظاهر من مذهب أهل اللغة. و اعلم أنّه غير ممتنع أن يراد باللفظة الواحدة في الحال الواحدة[5] من المعبّر[6] الواحد المعنيان المختلفان. و أن يراد بها أيضاً الحقيقة و المجاز».[7]

و قال الشیخ الطوسيّ (رحمة الله): «يصحّ أن يريد بقوله: ﴿وَ لا تَقْتُلُوا النفس الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾[8] قتل النفس و الإحسان إلى الناس و لايتنافى ذلك و إنّما يصحّ أن يراد ذلك به؛ لأنّ العبارة لم توضع له و إذا صحّ ذلك و وجدنا عبارةً قد وضعت لمعنيين مختلفين نحو القرء في أنّه‌[9] موضوع للطهر و الحيض، لا يتنافى من المخاطب أن يريدهما جميعاً، فلا وجه‌ لإحالة القول في ذلك. و قد وضع قولنا «النكاح» للوطء حقيقةً و للعقد[10] مجازاً و إرادة أحدهما لا تمنع من إرادة الآخر، فلا مانع من أن يراد جميعاً بالنكاح‌». [11]

أقول: إنّه یجوز استعمال اللفظ في أکثر من معنی. و دلیل الجواز هو الوجدان؛ لأنّ استعمال لفظ واحد و إرادة المعاني منه جمیل جدّاً. و یدلّ علی الجواز- أیضاً- قوله- تعالی: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقَامَ الصَّلاَةَ وَ آتَى الزَّكَاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾[12] فالعمران فیها بمعنی الإعمار و حفظ البناء و بمعنی العبادة أیضاً. و قوله- تعالی: ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ﴾[13] فالخلاف فیها بمعنی المخالفة مع النبيّ’. و یحتمل أن یکون بمعنی البقاء خلف النبيّ’. و قوله- تعالی: ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَ رَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾[14] فاثّاقلتم فیها قد تکون بمعنی تباطأتم و قد تکون بمعنی تمایلتم. و کلّ منهما مراد هاهنا.

و قوله- تعالی: ﴿وَ جَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَ قَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ﴾[15] فالمعذّرون لها معنیان، فقد تکون بمعنی المعتذرون- و هو معنی غیر مطلوب- و یحتمل أن تکون بمعنی المعذورون- و هو معنی مطلوب.

یجوز استعمال اللفظ في أکثر من معنی واحد بشرط أن یکون المعنیان غیر متضادّین. و یمکن إرجاع بعض الأمثلة إلی الاشتراك المعنوي.

 


[1] في الأمر الثاني عشر.
[4] ج: و.
[5] الف: في الحال الواحدة.
[6] ب و ج: المعتبر.
[9] فإنّه.
[10] العقد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo