< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الاشتراک

کلام بعض الأصولیّین في لفظ العین

قال (حفظه الله): «لعلّ لفظ «العين» بالنسبة إلى معانيها الكثيرة أيضاً كذلك[1] ؛ كما يشهد له عبارات المفردات للراغب في ذيل البحث عن كلمة «عين» و إليك نصّها بالحرف: عين/ العين الجارحة ... و يستعار العين لمعانٍ هي موجودة في الجارحة بنظرات مختلفة. و يستعار[2] للثُقب في المِزادة تشبيهاً بها في الهيئة و في سيلان الماء منها، فاشتقّ منها سقاءٌ عيِّن ... و المتجسّس عين تشبيهاً بها في نظرها. و قيل للذهب عين تشبيهاً بها في كونها أفضل الجواهر، كما أنّ هذه الجارحة أفضل الجوارح، و منه قيل: أعيان القوم لأفاضلهم و أعيان الأخوّة لبني أب و أمّ ... و يقال لمنبع الماء عين تشبيهاً بها لما فيها من الماء و عن عين الماء اشتقّ «ماء معين» أي ظاهر للعيون ... و يقال لبقر الوحش «أعين» و «عيناء» لحسن عينيه. [3]

و لا يخفى أنّ هذه العبارة تنادي بأعلى صوته أنّ العين ليس مشتركاً لفظيّاً. و الظاهر عدم اختصاص هذا المعنى بهذه اللفظة، بل يجري في كثير من الألفاظ التي يدّعی اشتراكها.

اللهمّ إلّا أن يقال في خصوص لفظ «العين» إنّ ما ذكره الراغب في المفردات إنّما هو بيان لوجه استعمال العين في غير الجارحة المعروفة و العلاقة الموجودة بينهما و لكن بعد كثرة الاستعمال صار حقيقةً فيها، كما هو حقيقة في الجارحة المعروفة، فحصل الاشتراك اللفظي». [4]

المبحث الثالث: هل الاشتراك واقع في القرآن الکریم أم لا؟

صرّح بعض الأصولیّین بوقوع الاشتراك في القرآن. [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15]

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «أمّا القرآن، فقد ورد فيه النجم و هو مشترك بين الكوكب و النبات الذي لا ساق له، قال سبحانه: ﴿وَ النَّجْمِ إِذا هَوى‌﴾[16] و قال: ﴿وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ‌﴾[17] و مثل النجم لفظة «النون» فإنّه مشترك بين الحوت و الدواة. قال سبحانه: ﴿وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾[18] . و قال سبحانه: ﴿ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ‌﴾[19] . ثمّ إنّ علماء علوم القرآن فتحوا باباً في المشتركات القرآنيّة أسموه بمعرفة الوجوه و النظائر و ألّفوا في هذا المضمار رسائل و كتباً و لكنّهم خلطوا في كثير بين المصداق و المعنى؛ [20] مثلاً: ذكروا للقضاء معاني مختلفة؛ كالفراغ و الأمر و الأجل و الفصل و المضيّ و الهلاك و الوجوب و الإبرام و الإعلام و الوصيّة و الموت و النزول و الخلق و الفعل و العهد، مع أنّ الجميع من مصاديق المعنى الواحد و هو العمل المتقن و التنفيذ القاطع». [21]

أقول: لا إشکال في وقوعه في القرآن في الجملة، و أمّا المصادیق ففیها الاختلاف، مع أنّ الأمثلة قابل المناقشة.

الدلیلان علی وقوع الاشتراك في القرآن

الدلیل الأوّل

«قوله تعالى: ﴿ثَلاثَةَ قُرُوء﴾[22] و قوله:﴿وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ﴾[23] و هو موضوع ل «أقبل» و «أدبر».[24]

قال السیّد صدر الدین الصدر (رحمة الله): «ثبوت الاشتراك في هذه الألفاظ[25] يقتضي وقوعه في القرآن؛ لوقوعها فيه». [26]

الإشکال في کون القرء مشترکاً لفظیّاً

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّا و إن قلنا بإمكان المشترك و وقوعه- لا سيّما في باب الأعلام- إلّا أنّ كثيراً من الألفاظ التي يتوهّم كونها مشتركاً لفظيّاً، مشترك معنويّ أو من قبيل الحقيقة و المجاز، نحو «القرء» فإنّ المعروف كونه مشتركاً لفظيّاً و إنّه وضع للطهر تارةً و للحيض أخرى، مع أنّه مشترك معنويّ وضع لمعنى انتقال المرأة من حال إلى حال و الانتقال له فردان: الانتقال من الطهر إلى الحيض و بالعكس. و يشهد عليه استعماله في مطلق الانتقال في لسان القرآن و كلمات بعض أهل اللغة». [27]

الدلیل الثاني

إنّ الاشتراك مقتضى بلاغة الكلام؛ لأنّها تقتضي أحياناً إطلاق الكلام مجملاً مردّداً، و لا إشكال في أنّ كلام اللَّه تعالى أبلغ الكلمات. [28]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 

 


[1] مشترك معنوي.
[2] في المصدر: استعير.
[5] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص214.
[6] . اشارات الاصول، الکرباسی، محمد ابراهیم، ج1، ص55.
[7] . ضوابط الاصول، القزوینی، السید ابراهیم، ج1، ص50.
[11] . خلاصة الفصول، الصدر، السید صدرالدین، ج1، ص10.
[12] . نتائج الافکار فی الاصول، الجزایری، السید محمد، ج1، ص126.
[24] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص214.
[25] كالقرء في الطهر و الحيض و العين في الجارية و الباصرة.
[26] . خلاصة الفصول، الصدر، السید صدرالدین، ج1، ص10.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo