< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الاشتراک

الأمر الحادي عشر: الاشتراك

أقول: إنّ المراد من الاشتراك في المقام هو الاشتراك الفظي. و الاشتراك المعنويّ خارج عن بحثنا هاهنا.

مقدّمتان

المقدّمة الأولی: في تعریف المشترك اللفظي[1]

التعریف الأوّل

هو اسم يفيد فوائد مختلفة. [2]

التعریف الثاني

هو اسم يفيد معاني مختلفة. [3] [4]

التعریف الثالث

هو لفظ موضوع لمعنيين فصاعداً. [5] [6] [7]

قال الشهید الصدر(رحمة الله): «الاشتراك هو وجود معنيين للفظ واحد». [8]

أقول: الأحسن هو التعریف الثالث، مع أنّ کلّها یرشد إلی مطلب واحد. و المراد من الموضوع أعمّ من الوضع التعیینيّ أو التعیّنيّ أو مختلفین.

التعریف الرابع

إن وضع لفظ لمعنيين وضعاً أوّلاً، سواء كان الزمان واحداً أو متعدّداً و سواء كان الوضع واحداً أو أكثر، فهو المشترك. [9]

التعریف الخامس

هو اللفظ الواحد المتناول لعدّة معانٍ من حيث هو[10] كذلك بطريق الحقيقة على السواء. [11]

قال العلّامة الحلّيّ (رحمة الله): «بالقيد الأوّل خرجت الألفاظ المتباينة و بالثاني العلم و بالثالث المتواطئ و بالرابع ما يتناوله للبعض حقيقةً و للبعض مجازاً و بالخامس المنقول». [12]

التعریف السادس

إن تكثّرت المعاني و اتّحد اللفظ من وضع واحد فهو المشترك. [13]

التعریف السابع

هو ما وضع أوّلاً لأكثر من معنى من حيث هو أكثر. [14]

التعریف الثامن

هو مجرّد كون اللفظ الواحد موضوعاً بأوضاع متعدّدة لمعانٍ متعدّدة، سواء كانت الأوضاع ابتدائيّةً أو لا؛[15] فيتناول النقل التعيينيّ و الارتجال. [16]

التعریف التاسع

المشترك لفظ موضوع لمعنيين ابتداءً بوضعين. [17] [18]

التعریف العاشر

الاشتراك‌ عبارة عن كون اللفظ موضوعاً بوضعين فصاعداً لمعنيين فصاعداً، سواء كان الوضعان تعيينيّين أو تعيّنيّين أم مختلفين. [19] [20]

قال شریف العلماء المازندرانيّ (رحمة الله): «قولنا بوضعين احتراز عن اللفظ المستعمل في المعنى الحقيقيّ و المجازي؛ إذ المراد من الوضع هو الشخصي، لا النوعيّ المجازي. و بقولنا فصاعداً أدخلنا اللفظ الموضوع لأكثر من معنيين، فإنّه من المشترك. و أمّا التعميم في الوضع فسرّه ظاهر». [21]

التعریف الحادي عشر

الاشتراك هو وضع طبيعيّ اللفظ الواحد مادّةً و هيئةً بآراء معنيين أو أكثر متغايرين. [22]

التعریف الثاني عشر

المشترك عبارة عن أن يكون اللفظ قابلاً لأن يكون حاكياً لمعنيين في آنين، لا أنّه يكون حاكياً لمعنيين في آنٍ واحد.

التعریف الثالث عشر

هو اللفظ الموضوع لمعانٍ متباينة بأوضاع متعدّدة مستقلّة، فلكلّ معنى لحاظ مستقلّ و وضع مستقلّ تعيينيّ أو تعيّني. [23]

کما قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «الاشتراك اللفظيّ عبارة عن كون اللفظ موضوعاً لمعنيين أو أكثر من واضع واحد بأوضاع متعدّدة بالوضع التعيينيّ أو التعيّني». [24] [25]

التعریف الرابع عشر

الاشتراك عبارة عن كون اللفظ الواحد موضوعاً لمعنيين أو أكثر بالوضع التعيينيّ أو التعيّني. [26]

المقدّمة الثانیة: في منشأ الاشتراك و علّته

تحریر محلّ النزاع

إختلف الأصولیّون في منشأ الاشتراك؛ فذهب بعض إلی أنّ نشأة الاشتراك من وضع واضع واحد بأن يضع شخص واحد لفظاً لمعنيين و ذهب بعض آخر إلی أنّ نشأة الاشتراك من وضع واضعین متعدّدین بأن تضع قبيلة لفظاً لمعنى و قبيلة أخرى ذلك اللفظ لمعنى آخر و عند الجمع بين هذه اللغات باعتبار أنّ كلّ لغة منها لغة عربيّة صحيحة يجب اتّباعها يحصل الاشتراك و ذهب بعض إلی أنّ منشأ الاشتراك هو تشتّت الناطقين أو كثرة الاستعمال في معنى مجازيّ إلى حدّ يصير حقيقةً.

هنا أقوال:

القول الأوّل: نشأة الاشتراك من وضع واضع واحد

القول الثاني: نشأة الاشتراك من وضع واضعین متعدّدین. [27] [28]

الحق: هو الجمع بین القولین بأنّ الاشتراك قد یتحقّق من وضع واضع واحد و قد یتحقّق من وضع واضعین متعدّدین . و الثاني أکثر من الأوّل و لا منافاة بینهما.

قال الشیخ المظفّر (رحمة الله): «الظاهر أنّ الثاني أقرب إلى واقع اللغة العربيّة؛ كما صرّح به بعض المؤرّخين للغة و على الأقلّ فهو الأغلب في نشأة الاشتراك. و لذا نسمع علماء العربيّة يقولون لغة الحجاز كذا و لغة حمير كذا و لغة تميم كذا و هكذا. فهذا دليل على تعدّد الوضع بتعدّد القبائل و الأقوام و الأقطار في الجملة». [29]

القول الثالث: منشأ الاشتراك هو تشتّت الناطقين أو كثرة الاستعمال في معنى مجازيّ إلى حدّ يصير حقيقةً [30]

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «الظاهر أنّ منشأ الاشتراك هو تشتّت الناطقين باللغة العربيّة، حيث كانت طائفة تعبّر بلفظ خاصّ عن معنى و طائفة أخرى تعبّر به عن معنى آخر من دون أن تطّلع على ما في حوزة الأخرى من أوضاع، فلمّا قام علماء اللغة بجمع لغات العرب من أفواه القبائل العربيّة، ظهر الاشتراك اللفظي.

و هناك عامل آخر أقلّ تأثير[31] من العامل الأوّل و هو ظهور الاشتراك في ظلّ كثرة الاستعمال في معنى مجازيّ إلى حدّ يصير حقيقةً، كما في لفظ «الغائط» فإنّه موضوع للمكان الذي يضع فيه الإنسان، ثمّ كنّى به القرآن عن فضلته إلى أن صار حقيقةً». [32]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

کلام العلّامة الحلّيّ في المقدّمة الثانیة

قال (رحمة الله): «للاشتراك سببان:

أكثريّ و هو أن تضع القبيلتان اللفظ الواحد لمعنيين بالتوزيع و يشتهران معاً، فيحصل الاشتراك. و أقلّيّ و هو أن يتّحد الواضع و يكون غرضه التمكّن من الكلام بالمجمل، فإنّه أمر مطلوب تتعلّق به مصالح العقلاء أحياناً». [33]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کلام المحقّق النائینيّ في المقدّمة الثانیة

قال (رحمة الله): «لا إشكال في وقوع الاشتراك في لغة العرب و غيرها؛ إنّما الإشكال في منشئه، فالمعروف أنّه الوضع تعييناً أو تعيّناً؛ لكنّه يظهر من بعض المورّخين[34] أنّه حدث من خلط بعض اللغات ببعض (مثلاً) كان يعبّر عن معنى في لغة الحجاز بلفظ و يعبّر عن ذلك المعنى في لغة العراق بلفظ آخر و بذلك اللفظ عن معنى آخر و من جمعهما أخيراً و جعل الكلّ لغةً واحدةً حدث الاشتراك و لا فائدة مهمّة في تحقيق ذلك». [35]

و لکن قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «هذا الذي ذكره هذا المؤرّخ و إن كان ممكناً، إلّا أنّ الجزم به في غير محلّه و لا سيّما بنحو الموجبة الكلّيّة؛ لعدم شاهد عليه في كتب التاريخ و إنّما هو مجرّد الادّعاء من المورّخ المذكور و لا اعتماد على رأيه و اجتهاده.

فيمكن أن يكون منشأ الاشتراك تعدّد الوضع و يقرّبه الاشتراك الواقع في الأعلام الشخصيّة؛ فإنّ شخصاً واحداً قد يسمّي عدّةً من أولاده باسم واحد لما يراه من المناسبة؛ كما ورد أنّ أبا عبد اللّه الحسين (ع) كان يسمّى كلّ واحد من أولاده بعلي، حبّاً لأبيه أمير المؤمنين (ع) و كان الامتياز بينهم بالأكبر و الأوسط و الأصغر.

و حيث إنّه لا تترتّب على هذا البحث ثمرة، فلا وجه لتطويل الكلام فيه؛ إذ بعد الفراغ عن امكان الاشتراك و وقوعه لا يضرّنا الجهل بمنشئه»[36] .

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.


[1] إنّما سمّي باللفظيّ باعتبار أنّ المعاني المتعدّدة تشترك في لفظ واحد؛ کلفظ العین الذي له معانٍ متعدّدة؛ کینبوع الماء (چشمه) و الباصرة (عضو الإبصار للإنسان و غيره من الحيوان: چشم) و الجاسوس و أهل البَلَد و أهل الدار و رئيس الجيش و طليعة الجيش و كبير القوم و شريفهم و ذات الشيء و النقد (ما ضرب نقداً من الدنانیر) و الحاضر من کلّ شيء و النفیس و الحارس (نگهبان) و العزیز و الرئیس و المنفذ (سوراخ) [کعین الإبرة: سوراخ سوزن] و النظرة (چشم زخم) و غیرها من المعاني و کلفظ القرء الذي له معنیان و هما الطهر و الحیض و کلفظ الجَون الذي له معانٍ متعدّدة؛ کالسواد و البیاض و النهار و غیرها من المعاني.
[9] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص210.
[10] في «ج»: هي.
[11] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص210.
[12] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص210.
[15] . خلاصة الفصول فی علم الاصول، الصدر، السید صدر الدین، ج1، ص10.
[17] . اشارات الاصول، الکرباسی، محمد ابراهیم، ج1، ص55.
[19] . ضوابط الاصول، الموسوی القزوینی، السید ابراهیم، ج1، ص49.
[20] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص31.
[21] . ضوابط الاصول، الموسوی القزوینی، السید ابراهیم، ج1، ص49.
[31] الصحیح: تأثیراً.
[33] . نهایة الوصول الی علم الاصول، العلامة الحلی، ج1، ص218.
[34] هو جرجي زیدان في تاریخ آداب اللغة العربیّة1: 54.
[36] مصباح الأصول (مباحث الألفاظ)، الخوئی، ابوالقاسم، ج‌1، ص178.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo