< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الصحیح و الاعم

إشکال و جواب

الإشکال

لا مجال للنزاع[1] أيضاً[2] ؛ إذ الصحيحيّ كالأعمّي من حيث التمسّك بالإطلاق؛ فيلغو النزاع مع عدم ترتّب الثمرة المهمّة. [3]

الجواب

قد مرّ مراراً أنّ مثله إنّما يلغو إذا كان الأمر كذلك في الجميع عند الجميع و إلّا فذهاب طائفة في طائفة من ألفاظ المعاملات في بعض الحالات إلى التمسّك بالإطلاق لايقلع مادّة النزاع و الشقاق. [4]

أقول: بناءً علی وضع الأسامي للمسبّبات، لا وجه للنزاع بین الصحیح و الأعمّ و لکن لوجود نوعین للصحیح- الصحیح الشرعيّ و الصحیح العقلائيّ- فهنا مسبّبان، المسبّب العقلائيّ و المسبّب الشرعي. إنّ المسبّب العقلائيّ قابل للاتّصاف بالصحّة الشرعیّة و عدمها، بخلاف المسبّب الشرعي، بل أمره دائر بین الوجود و العدم.

تذنیب: أسماء المعاملات إسم للأسباب أو للمسبّبات [5] أو لمتکن من قبيل الأسباب و المسبّبات؟

هنا أقوال:

القول الأوّل: أسماء المعاملات إسم للأسباب [6] [7] [8] [9]

أقول: یمکن أن یستدلّ علیه بأنّ ألفاظ المعاملات بمعناه المصدريّ الإیجاديّ یکون المراد منه إیجاد أسباب البیع و الصلح و أمثالهما؛ فإنّ التعبیرات مختلفة فقد یعبّر بصیغة الأمر؛ فالمراد به إیجاد أسبابها و قد یعبّر بصیغة الماضي (مثلاً) یقال «باع» فالمراد وقوع المسبّب. و هکذا لو کان المراد من البیع و الصلح و أمثالهما معناه الإسم المصدري؛ فالمراد به المسبّب الحاصل من المصدر. و لا فرق بینهما في جواز التمسّك بالإطلاق في الأدلّة، کما سیأتي مزید بیان لذلك.

القول الثاني: أسماء المعاملات إسم للمسبّبات[10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19]

قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «المطلقات الواردة في الكتاب و السنّة كلّها واردة في مقام إمضاء المسبّبات دون الأسباب، إلّا قوله - تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾[20] فإنّه يحتمل أن يكون وارداً في مقام إمضاء الأسباب العرفيّة و لكنّ التأمّل فيه يقتضي أن يكون هو أيضاً في مقام إمضاء المسبّبات؛ فإنّ لفظ العقود و إن كان ظاهراً في الأسباب إلّا أنّها بقرينة تعلّق‌ وجوب الوفاء بها تكون ظاهرةً في المسبّبات؛ فإنّ الأسباب آنيّة الحصول و غير قابلة للبقاء حتّى تكون متعلّقةً لوجوب الوفاء؛ بل القابل هي المسبّبات التي لها نحو بقاء بعد انعدام أسبابها». [21]

قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «في مقام الإثبات، فالظاهر أنّ ألفاظ المعاملات موضوعة للمسبّبات، لا الأسباب». [22]

و قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «التحقيق في المسألة أنّ ألفاظ المعاملات لمتوضع للأسباب، بل الموضوع له فيها هي المسبّبات».[23]

الدلیلان علی القول الثاني

الدلیل الأوّل

إنّ الشارع لميستعمل هذه الألفاظ إلّا فيما يستعملها العرف فيها. و بعبارة أخرى: لفظ البيع أو الإجارة أو الرهن أو القرض أو الصلح أو الطلاق أو النكاح أو غير ذلك من العناوين التي نسمّيها بالمعاملات كلّها عناوين موجودة عند العرف و العقلاء؛ إذ عليها تدور معايش العباد و الشارع أمضى هذه العناوين بما لها من المعنى العرفي.

نعم، ربّما ينهى عن بعض أصنافها تخطئةً أو تخصيصاً. و لا شكّ في أنّ معاني هذه الألفاظ عند العرف عبارة عن نفس المسبّبات، فلايريد العرف من قوله: «بعت داري بكذا» أو «باع فلان داره بكذا» إلّا وقوع المبادلة بين داره و كذا من المال و هكذا لايفهم العرف من قوله: «صالحت الشي‌ء الفلاني بكذا» إلّا وقوع المسالمة على مبادلة الشي‌ء الفلاني بكذا و هكذا الحال في سائر العناوين.[24]

أقول: قد سبق أنّ التعبیرات مختلفة، فإذا عبّرنا بصیغة الماضي، فظاهر في المسبّبات، بخلاف ما إذا عبّرنا بصیغة الأمر. و هکذا ظهور المصدر في المعنی الإیجاديّ للأسباب، بخلاف إسم المصدر.

 


[1] إن کانت ألفاظ المعاملات موضوعةً للأسباب.
[2] کما إن کانت ألفاظ المعاملات موضوعةً للمسبّبات.
[5] .بحوث في الأصول، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج1، ص38. قال المحقّق الاصفهانيّ (رحمة الله): «إنّ ألفاظ المعاملات -كالبيع- إمّا تكون موضوعةً للأسباب أو للمسبّبات. و المراد بالاُولى ما هو تمليك إنشائيّ قوليّ أو فعلي. و المراد بالثانية ما هو تمليك بالحمل الشائع. و حيث إنّ التمليك و الملكيّة من الإيجاد و الوجود و هما متّحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فلذا صحّ أن يعبّر عنه بالمسبّب و إلّا فالمسبّب الحاصل بالتمليك الإنشائيّ القوليّ (مثلاً) هي الملكيّة و لا شبهة في أنّ البيع لميوضع للملكيّة، بل للتمليك».
[6] أي: البیع (مثلاً) إسم للعقد.
[10] أي: البیع (مثلاً) إسم للملکیّة أو انتقال الملکیّة.
[14] . منهاج الاصول، العراقی، ضیاء الدین، ج1، ص113.
[18] . اصول الفقه، الاراکی، محمد علی، ج1، ص156.
[19] . مباحث الاصول، البهجة، محمد تقی، ج1، ص151.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo