< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الصحیح و الاعم

الجواب الثاني

إنّ دعوى ورود جميع الخطابات في الكتاب و السنّة في مقام الإجمال و الإهمال، لا في مقام البيان، مجازفة جدّاً؛ لأنّ جلّ الخطابات الشرعيّة واردة في الكتاب و السنّة في مقام البيان، كقوله- تعالى: ﴿... فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ...﴾[1] الآية، فلو فرض أنّ للصوم معنىً معيّناً مبيّناً عند العرف، كالإمساك عن الأكل و الشرب و نحوهما (مثلاً) و شكّ في أنّ الإمساك عن شرب التتن واجب أيضاً أو لا، كذلك الحقنة بالجامد (مثلاً) فلا مانع من التمسّك بالإطلاق لنفيه. [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین، لکن لا فرق بین القولین في التمسّك بالإطلاق بعد عدم الدلیل علی الجزئیّة أو الشرطیّة.

قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «الحكم بأنّ جميع الإطلاقات الواردة في الكتاب و السنّة لايكون وارداً في مقام البيان، لأجل ما نرى في مثل قوله- تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصلاة وَ آتُوا الزَّكاةَ ...﴾[3] من أنّه في مقام التشريع فقط، ليس في محلّه؛ فلابدّ من المراجعة الأكيدة و الفحص التام».[4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین؛ فإنّ مثل آیات الوضوء و التیمّم و أمثالهما في مقام البیان.

الإشکال الثاني

إنّ ألفاظ العبادات كلّها مستعملة في لسان الشارع فيما هو الموضوع له من أوّل الأمر في العصور السابقة على الإسلام؛ إذ ليست هذه الماهيّات العباديّة من مخترعات الشريعة الإسلاميّة؛ بل كانت موجودةً بين العرب قبل الإسلام و إنّما تصرّف فيها الشرع المقدّس بإضافة بعض الخصوصيّات.

و على ذلك، فالموضوع له الذي وضعت بإزائه هذه الألفاظ محرز عند الشكّ في وجوب الاستعاذة على كلا القولين؛ فيرجع الشكّ على كلا المبنيين إلى الشكّ في جزئيّة شي‌ء زائد أو شرطيّته؛ فيجوز التمسّك بالإطلاقات على القول بالصحيح و الأعم.[5]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین علی هذا المبنی و إن کان المبنی قد سبق بطلانه.

الإشکال الثالث

إنّ ما ذكر ليس ثمرةً أُصوليّةً؛ لأنّ الثمرة الأصوليّة ما تقع كبرى في عمليّة الاستنباط. و أمّا المقام فإنّ غايته كشف وجود الإطلاق على القول بالأعمّ دونه على الصحيح. و هذا أشبه بمبادئ المسائل الفقهيّة، فالقول بوجود الإطلاق على الأعمّي دون الصحيحيّ كالقول بوجود الخبر في موضوع دون موضوع؛ فلايعدّ ثمرةً لمسألة أصوليّة. [6]

أقول: بعد بطلان الثمرة و بیان عدم الفرق بین القولین في نفي الجزئیّة و الشرطیّة المشکوکة- کما ذکرناه مفصّلاً- لانحتاج إلی هذا الإشکال. و الحقّ أنّه لو کانت الشبهة مصداقیّةً أو مفهومیّةً، فلایصحّ التمسّك بالإطلاق و العامّ فیهما علی القولین، بل لابدّ من الأخذ بالقدر المتیقّن من الدلیل و عدم جواز التمسّك بالعامّ و المطلق في الشبهة المصداقیّة و المفهومیّة و لا فرق بین القولین؛ مثل أنّه لو قیل أکرم عالماً و شكّ في وجوب إکرام شخص من جهة الشكّ في علمه أو للشكّ في مفهوم العالم في أنّه هل یشمل من علم الصنعة (مثلاً) أو لا؟ ففي أمثال هذه الموارد لایصحّ التمسّك بالإطلاق علی القولین. و هکذا لو کان المولی في مقام البیان و سکت عن بیان جزء أو شرط، فیجوز التمسّك بالإطلاق لنفي الجزئیّة و الشرطیّة المشکوکة.

 


[4] مصباح الأصول (مباحث الألفاظ)، الخوئی، السید ابوالقاسم، ج1، ص159.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo