< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

الدلیل الثامن عشر

كان الأنسب‌ الاستدلال بمثل قوله (ع) عند اشتباه القبلة «صلّ إلى‌ الأربع» و عند اشتباه الثوب الطاهر في الثوبين «صلّ فيهما» و نحو ذلك؛ إذ من المعلوم أنّ لفظ الصلاة استعملت فيهما في الجامع بين الصحيح و الفاسد؛ نظراً إلى أنّ الصلاة إلى غير القبلة و في الثوب النجس فاسد. و لو ثبت أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة، تمّ الاستدلال بقوله (ع): «لاتعاد الصلاة إلّا من خمس»[1] فإنّه عبّر عن الصلاة التي لاتعاد و هي ما كانت من قبل غير الخمس و عن التي تعاد و هي ما كانت من قبل الخمس بلفظ واحد؛ إذ هو بمنزلة أن يقال: لاتعاد الصلاة من الحمد و السورة و القنوت و نحوها و تعاد من الطهور و القبلة إلخ و معلوم أنّ الاستعمال لابدّ و أن يكون بلحاظ جامع يعمّ ما لاتعاد و ما تعاد و هو واضح.[2]

أقول، أوّلاً: أنّ قوله (ع): ﴿«صلّ إلى‌ الأربع»﴾ وظیفة شرعیّة تعیّن من قبل الشارع للجاهل بالقبلة، مع الشروط الخاصّة و لایصحّ القول بأنّها فاسدة أو بعضها فاسدة و بعضها صحیحة؛ فإنّها کلّها وظیفة شرعیّة لابدّ من الإتیان بها.

و ثانیاً: أنّ الصلاة إلی غیر القبلة أو في الثوب النجس إذا کانت مأموراً بها لایصحّ القول بأنّها فاسدة، بل مقدّمة للواجب، لابدّ من إتیانها لتعلم بإتیان الواجب الواقعي؛ للعلم الإجماليّ المنجّز للتکلیف عقلاً.

و ثالثاً: المراد من قوله (ع): «لاتعاد الصلاة إلّا من خمسة».أنّه لاتعاد الصلاة المنعقدة صحیحةً إلّا من خمس، فلا إشکال في البین.

مؤیّدات للقول الثاني (الأعم)

المؤیّد الأوّل

قال المحقّق القمّيّ (رحمة الله): «ممّا يؤيّد كونها أسامي للأعم، إتّفاق الفقهاء على أنّ أركان الصلاة هي ما تبطل الصلاة بزيادتها و نقصانها عمداً أو سهواً؛ إذ لايمكن زيادة الركوع (مثلاً) عمداً إلّا عصياناً و لا ريب في كونها منهيّاً عنه و مع ذلك يعدّ ركوعاً».[3]

أقول: إنّ الاستعمال في الفاسد کثیر، لکن مع القرینة و البحث أنّ الأمر و النهي من الشارع عند الإطلاق هل یحمل علی الصحیح أو الأعم؟

کما قال المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «يؤيّد ذلك أيضاً عمومات «من زاد في صلاته فعليه الإعادة». [4] إذ على‌ فرض حمله على الزيادة الحقيقيّة -كما تصوّرنا في محلّه- فلا محيص من اعتبار دائرة الماهيّة أوسع من دائرة الأمر. و لازمه كون دائرة التسمية أوسع و هو المدّعى. و على فرض حمله على الزيادة التشريعيّة بزعم عدم تصوّر الزيادة الحقيقيّة فنقول: إنّ جعل الصلاة ظرفاً لها يساوق تطبيقها ارتكازاً على الواجد لها و لا معنى له إلّا بناءً على وضعها للأعم، كما لايخفى».[5]

أقول: إنّ معنی قوله (ع) : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» أنّه من زاد في صلاته المنعقدة صحیحاً، فتوجب الزیادة البطلان و الفساد، فلابدّ علیه الإعادة.

الإشکالان علی المؤیّد الأوّل

الإشکال الأوّل

خروج نحو الركوع و السجود عن محلّ البحث؛ لكونها من الألفاظ اللغويّة و ليست معانيها من الماهيّات الجعليّة الشرعيّة.

و لو سلّم كونها من المعاني المستحدثة، فليست الألفاظ المذكورة من أسامي العبادات و إنّما هي أسامٍ لأجزاء العبادة. و من البيّن أنّه لايتعلّق هناك أمر بالخصوص حتّى يعتبر فيها الصحّة و الفساد. و اعتبار الأمر المتعلّق بالكلّ في أوضاع تلك الأجزاء ممّا يستبعد جدّاً. و مع الغضّ عنه فعدم اعتباره هناك لايفيد عدم اعتباره في محلّ البحث مع الفرق البيّن بينهما.[6]


[1] الخصال، الشيخ الصدوق، ج1، ص285. و فیه: حَدَّثَنَا أَبِي (رحمة الله) [عليّ بن الحسین بن بابویه القمّي: إماميّ ثقة] قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى [الأشعري: إماميّ ثقة] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ [الأهوازي: إماميّ ثقة] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى [الجهني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَرِيزٍ [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنْ زُرَارَةَ [زرارة بن أعین الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَن‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) [في بعض النسخ: عن أبي جعفر (الإمام الباقر) (ع).] قَالَ: «لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إِلَّا مِنْ خَمْسَةٍ الطَّهُورِ وَ الْوَقْتِ وَ الْقِبْلَةِ وَ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ [أي: لاتعاد الصلاة لترك شي‌ء من شروطها أو أجزائها سهواً إلّا من خمسة] ...».. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[4] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص355. و فیه: الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ [بن عامر] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ [الأشعري] عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ [إماميّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول] عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ [الأحمر: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ [یحیی أبو بصیر الأسدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع)... .‌ (هذه الروایة مسندة و صحیحة).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo