< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

الإشکالات علی الدلیل الخامس عشر

الإشکال الأوّل

لايخفى أنّه لو صحّ ذلك لايقتضي إلّا عدم صحّة تعلّق النذر بالصحيح، لا عدم وضع اللفظ له شرعاً، مع أنّ الفساد من قبل النذر لاينافي صحّة متعلّقه؛ فلايلزم من فرض وجودها عدمها.

و من هنا انقدح أنّ حصول الحنث إنّما يكون لأجل الصحّة لو لا تعلّقه؛ نعم لو فرض تعلّقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل، لكان منع حصول الحنث بفعلها بمكان من الإمکان. [1]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکالان علی کلام المحقّق الخراساني

الإشکال الأوّل[2]

أمّا قوله (قدس سره) أنّه صحيح لولا تعلّق النذر، ففيه أنّ المراد بالصحيح إن كان مفهوم الصحيح فلايفيد النذر و الحنث؛ فإنّ مفهوم الصحيح لايكون مكتوباً على المكلّفين كي يصحّ تعلّق النذر بها. و إن كان المراد مصداق الصحيح، ففيه أنّ مصداق الصحيح و ما يكون بالحمل الشائع صحيحاً معناه أنّ ما هو الموجود بالوجود الخارجيّ صحيح و المفروض أنّ الموجود بالوجود الخارجيّ لميكن صحيحاً؛ لفرض فساده بالحنث. و الموجود بالوجود التعليقيّ- و هو الصحيح- لولا النذر، لميكن مصداقاً؛ لأنّه لميكن موجوداً. هذا و الذي يؤدّي إليه النظر في المقام أنّ صرف المرجوحيّة الإضافيّة لايكاد يكون مصحّحاً لتعلّق النذر بتركه. و إلّا فمن الجائز شرعاً تعلّق النذر بترك الصلاة في البيت؛ لمرجوحيّتها بالإضافة إلى الصلاة في المسجد و لا أظنّ أن يلتزم به أحد في الفقه؛ فالصلاة في الحمّام أيضاً كذلك؛ فإنّها ليست مرجوحةً في حدّ نفسها، بل هي مرجوحة بالقياس إلى غيرها من أطراف التخيير و اللازم في صحّة النذر بالترك هو المرجوحيّة الذاتيّة. و أظنّ أنّ الجمود على لفظ الكراهة في الصلاة في الحمّام ممّا أوجب القول بصحّة النذر بتركها. [3]

أقول: إنّ قوله (رحمة الله): «الموجود بالوجود التعليقيّ- و هو الصحيح- لولا النذر، لميكن مصداقاً؛ لأنّه لميكن موجوداً» مورد الملاحظة، حیث إنّ الواضح أنّ النهي تعلّق بالصلاة التامّ الأجزاء و الشروط، دون الصلاة الفاسدة؛ فالمراد ترك الصلاة الصحیحة من غیر جهة النذر. و هذا یتحقّق في الخارج و یقول له الصحیح اللولائيّ و یحصل الحنث. و إنکار ذلك خلاف الوجدان و العرف و الشرع.

الإشکال الثاني[4]

لا شبهة في أنّ متعلّق النذر ليس هو الأعم؛ إذ يشترط في متعلّق النذر المذكور مرجوحيّته- أي مرجوحيّة الفعل و راجحيّة تركه- لما قرّر في محلّه من اعتبار الرجحان في متعلّق النذر. و مجرّد القراءة و الركوع و السجود في الحمّام ليس مرجوحاً و تركها راجحاً. و ليست هذه متعلّق النذر أيضاً؛ ضرورة أنّ متعلّقه هي الصلاة الصحيحة؛ أي المأمور بها الجامعة لجميع الأجزاء و الشرائط و هي المكروهة في الحمّام. و هذا بحث مستقلّ لا ربط له بالمقام. لا إشكال في أنّ الأوامر و النواهي متعلّقة بالطبائع دون الأفراد؛ فالأمر بالصلاة إنّما تعلّق بطبيعة الصلاة و هي راجحة و المرجوح هو إيقاعها في الحمّام و هو المتعلّق للنذر؛ فالإشكال و الاشتباه ناشٍ عن الخلط بين ما هو متعلّق النذر و بين ما هو متعلّق الأمر؛ فإنّ متعلّق الأمر هي الطبيعة و هي راجحة و متعلّق النذر هو إيقاعها في الحمّام الذي هو الكون الرابط و هو مرجوح و لا تنافي بينهما و الإشكال إنّما يتوجّه لو تعلّق النذر بالطبيعة.

و حينئذٍ: فلو أوقعها في الحمّام صحّت و تحقّق امتثال الأمر بالطبيعة المأمور بها، لكنّه خالف الأمر النذريّ المتعلّق بترك إيقاعها في الحمّام و يتحقّق الحنث. و سيجي‌ء في باب الاجتماع الأمر و النهي أنّ جواز اجتماع حكمين في شي‌ء واحد مع تعدّد الجهة من البديهيّات. و لهذا يمكن القول بصحّة الصلاة في الدار المغصوبة و أنّه مطابق للقاعدة، إلّا أن ينعقد الإجماع على خلافه. [5]

أقول: کلامه (رحمة الله) صحیح علی مبنی جواز اجتماع الأمر و النهي و لابدّ من الإشکال علی جمیع المباني.

الإشکال الثاني[6]

إنّ متعلّق النذر لايخلو إمّا هو صحيح لو لا النذر، أو الصحيح حتّى مع النذر، أو الفاسد، أو الأعم. و الكلّ باطل.

أمّا الأوّل، فلأنّه نذر لترك أمر راجح؛ لرجحان الصلاة في ذاتها و إن كانت أقلّ رجحاناً في تلك الأمكنة المكروهة. و ذلك لايوجب انعقاد نذر تركها و إلّا لجاز نذر ترك كلّ عبادة هي أقلّ مصلحة من غيرها.

و أمّا الثاني، فلعدم القدرة من المتعلّق لتوقّف الصحّة بعد النذر على عدم النذر؛ فكان‌ النذر متعلّقاً بما لميتعلّق به النذر.

و أمّا الثالث، فلاستلزامه عدم الحنث بإتيان الفرد الصحيح؛ لعدم كونه خلاف النذر.

و أمّا الرابع، فيظهر بطلانه من الوجوه السابقة.

فلميكن بدّ إلّا من الالتزام بالتعبّد و أنّ صحّة النذر المذكور على خلاف القاعدة؛ كصحّة نذر الصوم في السفر و الإحرام قبل الوقت. و مورد التعبّد نذر ترك الصحيح لو لا النذر، دون ما هو مدلول لفظ الصلاة.[7]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین، لکن کون المراد نذر ترك الصحیح لولا النذر صحیح و مقبول و لا إشکال علی الصحیحي.


[2] علی کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله).
[4] علی کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله).
[6] .علی الدلیل الخامس عشر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo