< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

الإشکالات علی الدلیل الرابع

الإشکال الأوّل

قال الشیخ محمّد تقيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «فيه ما عرفت من الفرق بين مفهوم الصلاة و ما اُخذ من التفاصيل في مصاديقها؛ ففساد عباداتهم من جهة انتفاء شرط الولاية أو غيره من ترك بعض الأجزاء و الشرائط لايقضي بعدم أخذهم بتلك العبادات، بل و اعتقادهم بناء الاسلام عليها؛ بل و إتيانهم بها و مواظبتهم عليها على حسب معتقدهم و إن أخطأوا في كيفيّة أدائها. و لا دلالة في حكمه (ع) بأخذهم بها على ما يزيد على ذلك.

بل نقول: إنّ الظاهر من الرواية إرادة خصوص الصحيحة؛ لوضوح عدم بناء الإسلام على الفاسدة؛ إذ هي من الأمور المحرّمة التي نهي عنها في الشريعة و أراد الشارع عدم وقوعها، فكيف يصحّ القول بابتناء الإسلام عليها! فذلك من أقوى الشواهد على إرادة الصحيحة منها؛ فهي إذن لتأييد القول بوضعها للصحيحة أولى». [1] [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الثاني

إنّ هذا مجرّد استعمال و لا دليل فيه على المطلوب؛ إذ لا وجه لإنكار الاستعمال في الأعم، كما أنّه لا نفع في إثباته.

مع أنّ المستعمل فيه في الفقرة الاُولى لابدّ و أن يكون هو الصحيح؛ إذ الإسلام غير مبنيّ على الفاسدة قطعاً. و أمّا الفقرة الثانية، فالمراد من الأخذ بالأربع إن كان هو الاعتقاد بها- بقرينة الولاية- فلا دلالة فيها على مطلب الخصم؛ فإنّ إطلاق «الأربع» على ما اعتقدوه صلاةً و زكاةً و صوماً و حجّاً إطلاق على ما هو الصحيح منها باعتقادهم و إن كان غير مطابق للواق و إن كان المراد تلك الأفعال، فإطلاق الأربع عليها يكون إطلاقاً من الإمام (ع) على الفاسدة و لا دليل فيه على الوضع، كما عرفت.

و منه يظهر الجواب عن الاستدلال بقوله (ع): «دعي الصلاة أيّام أقرائك» فإنّه لابدّ و أن يكون المراد بها الفاسدة؛ إذ لو كان المراد بها الصحيحة، لزم الأمر بترك ما لايقدر عليه المكلّف؛ لعدم تمكّنه من الصلاة المشروطة بالطهارة التي يمتنع حصولها بأقسامها في زمان حصول نقيضها و هو الحيض.

و توضيح الجواب: أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة و المجاز، مع احتمال أن يقال: إنّ المستعمل فيه في الرواية هو خصوص الصحيحة و يكون النهي إرشاداً إلى عدم وقوع العبادة المعهودة في أيّام الحيض. و هل هذا إلّا مثل قولك: السورة جزء للصلاة، أو التكفير مانع عنها و نحو ذلك؟ و لا ريب أنّ المراد بها في هذه العبارة هي الصحيحة، فكذا فيما نحن فيه من غير فرق، إلّا أنّ التعبير عن ذلك المطلب إنّما وقع بعبارة النهي المفيد للإرشاد. [3] [4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کما قال المحقّق العراقيّ (رحمة الله): «فيه: أنّ لازمه حرمة كلّ ما يصدق عليه الصلاة عند الأعمّي و لو لميكن فساده من ناحية الحيض و لا أظنّ التزامه به.

و حينئذٍ لابدّ إمّا من حملها على الفاسدة من خصوص ناحية الحيض أو الصحيحة في رتبة سابقة عن هذا الخطاب. و الأوّل مستلزم لتقييد الإطلاق الثابت لدى الأعمّي، بخلاف الثاني فيخرج الدليل عن الشهادة على المدّعى، كما لايخفى». [5]

دفع الإشکال

إنّ الاستدلال باعتبار الظهور العرفيّ و هو حجّة معتبرة. إنّه لاينافي الاستعمال في الفاسد و عدم حرمة الصلاة الباطلة عليها، لظهور الإجماع. [6]

الإشکال الثالث

إنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة [7] مع أنّ المراد في الرواية الاُولى هو خصوص الصحيح بقرينة أنّها ممّا بني عليها الإسلام و لاينافي ذلك بطلان عبادة منكري الولاية؛ إذ لعلّ أخذهم بها إنّما كان بحسب اعتقادهم لا حقيقةً. و ذلك لايقتضي استعمالها في الفاسد أو الأعم. و الاستعمال في قوله: «فلو أنّ أحداً صام نهاره [إلى آخره‌][8] كان كذلك؛ أي بحسب اعتقادهم أو للمشابهة و المشاكلة.

و في الرواية الثانية الإرشاد[9] إلى عدم القدرة على الصلاة و إلّا كان الإتيان بالأركان و سائر ما يعتبر في الصلاة، بل بما يسمّى في العرف بها. و لو أخلّ بما لايضرّ الإخلال به بالتسمية عرفاً محرّماً على الحائض ذاتاً و إن لمتقصد به القربة. و لا أظنّ أن يلتزم به المستدلّ بالرواية، فتأمّل جيّداً. [10]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الرابع

إنّ رواية «دعي الصلاة أيّام أقرائك»[11] إن حمل نهيها على الحقيقة و الطلب المولوي، كان ذلك قرينة إرادة الفاسدة؛ لعدم قدرة الحائض على الصحيحة حتّى تنهى عنها و الاستعمال أعمّ من الحقيقة. و إن حمل نهيها على الإرشاد على عدم قدرة الحائض من الصلاة حينئذٍ هي الصحيحة[12] ؛ لأنّها التي لاتقدرها الحائض. و لو بني على الاستدلال بأمثال هذه الأدلّة، كانت أوامر العبادات أحرى بأن يستدلّ بها على الأعم، بعد عدم معقوليّة أخذ قصد التقرّب الذي به قوام الصحّة في متعلّقاتها.

و أمّا الاستدلال بحديث بناء الإسلام على الخمس فيردّه أنّ كلّاً من بناء الإسلام على الصحيح و أخذ الناس بالفاسد ممّا لا إشكال فيه. و بعد ذلك كان الاستدلال بالحديث على إثبات المدّعى تمسّكاً بالاستعمال.

مع أنّ ذلك ليس بأولى من التمسّك به لإثبات الصحيح. و حمل أخذ الناس بالأربع على الأخذ به بحسب معتقدهم لا واقعاً- إلّا أن يناقش في جواز إطلاق اللفظ على المعنى الاعتقادي؛ فلايكون محيص حينئذٍ من جعل الأخذ بالأربع قرينة استعمال الألفاظ في الأعم. و ذلك لاينافي الحكم ببناء الإسلام عليها؛ فإنّ تكرار اسم الجنس في الكلام، أو ما بحكم التكرار لايقتضي اتّحاد مصداق المحكوم عليه في المقامين. [13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال الخامس

إنّ المجاز هنا لازم على كلا القولين، أمّا على القول الصحيحي، فواضح. و أمّا على قول الأعمّي، فلأنّ لفظ الصلاة مستعملة في خصوص الفاسد من جهة اختلال شرط الطهارة من الحيض؛ لظهور أنّ الصلاة الفاسدة من غير هذه الجهة أيضاً غير منهيّ عنها في حقّ الحائض، فيكون من باب استعمال لفظ العامّ في الخاص.[14]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال السادس

إنّه يمكن أن يقال- بالنسبة إلى حديث الولاية: أنّ الولاية إنّما تكون شرطاً للقبول لا للصحّة؛ كما تشهد عليه الروايات الواردة في أبواب مقدّمات العبادات‌[15] فقد ورد بعضها «أنّ عملهم لا يقبل» و في بعضها الآخر «لا عمل له» و في ثالث «أكبّه اللَّه على منخريه في النار» فبملاحظة هذه الأخبار يمكن أن يقال: إنّ العمل صحيح و غير مقبول. و أمّا العقاب فهو يترتّب على عدم قبولهم للولاية، لا على عدم صحّة الصلاة، خصوصاً إذا لاحظنا روايةً في باب الزكاة بالنسبة إلى من استبصر بالولاية، حيث إنّ الإمام (ع) استثنى فيها من الأعمال خصوص الزكاة، فحكم بوجوب قضائها؛ لأنّها وقعت في غير محلّها. و لا إشكال في أنّ ظاهرها حينئذٍ وقوع غير الزكاة من سائر الأعمال في محلّها؛ فيكون عدم القضاء من جهة صحّتها. [16]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

الإشکال السابع

سلّمنا أنّها استعملت في مثل هذه الروايات في الأعمّ و لكنّه لايكون دليلاً على الحقيقة؛ لأنّه لميصل إلى حدّ الاطّراد. [17]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

کلام المحقّق العراقيّ في الدلیل الرابع

قال (رحمة الله): «تقريب الاستدلال: أنّ الأربع إشارة إلى الصلاة و غيرها و معلوم أنّ الصلاة - بل كلّ عبادة - بلا ولاية باطلة جزماً.

و توهّم أنّ الولاية من شرائط القبول لا الصحّة -كالتقوى- كلام ظاهري؛ إذ كلماتهم في شرطيّة مقرّبيّة العمل للعامل في صحّة العبادة مشحونة. و من البديهيّ أنّ غير أهل الولاية غير صالحين للتقرّب، كما لايخفى.

هذا مضافاً إلى بطلان عمل غير أهل الولاية غالباً من جهة التزامهم بالتكتّف في الصلاة و عدم المتعة في الحجّ و الإفطار عند الغروب. و مع ذلك أطلق على عملهم عناوين العبادات، كما لايخفى.

هذا و لكن يمكن أن يجاب عنه بإمكان إرادة الصحيحة منها و أنّ تطبيقها على أعمالهم اعتقادي؛ كما أنّه يمكن في الدليل السابق أيضاً أن يقال: بأنّ المراد من الصلاة أيضاً هي الصحيحة التامّة و أنّ تطبيقها على عمل الحائض تشريعي. و لاينافي ذلك أيضاً مع حرمة عبادة الحائض من صلاتها و صومها ذاتاً، كما لايخفى». [18]

أقول: إنّ الجواب بأنّ المراد هو الصحیح باعتقادهم کلام متین.

الإشکال علی الدلیل الرابع (الروایة الأولی)

أقول: إنّ عمل المخالفین لایعدّ فی عالم التکلیف باطلاً و إلّا لما جاز الاقتداء بهم في صلاتهم، مع وجود أخبار کثیرة دالّة علی جواز الاقتداء بهم في مقام التقیّة و جواز الاکتفاء بتلك الصلاة .


[7] . اصول الفقه، الاراکی، محمد علی، ج1، ص52.
[8] أثبتناه هذه العبارة من« ب».
[9] في بعض النسخ المطبوعة (النهي للإرشاد).
[11] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص88.. و فیه: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى [بن عبید: إماميّ ثقة] عَنْ يُونُسَ [یونس بن عبد الرحمن: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ سَأَلُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَنِ الْحَائِض‌ ... . (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[12] أي أنّه إن حمل النهي عن صلاة الحائض على الإرشاد إلى عدم قدرتها من الصلاة، فالمراد من الصلاة المنهيّ عنها حينئذٍ هي الصلاة الصحيحة؛ لأنّها هي التي لاتقدر عليها الحائض. و أمّا الصلاة الفاسدة فمقدورة لها.
[14] . اصول الفقه، الاراکی، محمد علی، ج1، ص52.
[15] وسائل الشيعة: الباب29 من أبواب مقدّمات العبادات فإنّه مشتمل على 18 حديثاً في هذا المجال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo