< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

الدلیل التاسع

إنّها لو كانت موضوعةً للأعم، لمتكن توقيفيّةً بل كان المرجع فيها إلى العرف؛ إذ هو المناط فيها على القول المذكور و التالي باطل؛ ضرورة كونها اُموراً توقيفيّةً متلقّاةً من صاحب الشريعة لايصحّ الرجوع فيها إلى عرف و لا عادة.[1] [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکال علی الدلیل التاسع

إنّ التوقيفيّة لاينافي ما ذكرناه كاللغات؛ فإنّها توقيفيّة أيضاً، مع جواز أخذها من العرف؛ فكما أنّ العرف مرآت للغة، فعرف أهل الشرع مرآت لاصطلاح الشارع، مع أنّ ذلك ينافي استناده كغيره إلى الدليلين الأوّلين[3] و هو ظاهر. هذا كلّه لو أراد بالعرف عرف الشرع، بخلاف ما لو أريد به العرف العام، فهو باطل قطعاً و غنيّ عن الجواب‌.[4]

أقول: إن کان المراد من العرف عرف الشرع و المتشرّعة و الذین هم متدیّنون بالشریعة، فمرادهم من الصلاة، الصحیحة قطعاً و لاتشمل الفاسدة؛ إذ لامعنی لإطلاق هذه الألفاظ علی الفاسدة عند المتشرّعة أصلاً.

الدلیل العاشر

لو كانت تلك الألفاظ موضوعةً للصحيحة، كان له أوجه ضبط في المعنى الموضوع له، كالصحيحة أو المبرئة للذمّة أو المطلوبة للشارع أو نحو ذلك. و أمّا إذا كانت موضوعةً للمعنى الأعم، لميكن لها وجه‌ ضبط بحيث يمكن تعقّله حتّى يصحّ أن تكون تلك الألفاظ موضوعةً بإزائها. و لايمكن القول بأنّها موضوعةً لجملة من تلك الأفعال؛ لعدم صدقها عندهم على كلّ جملة منها. [5]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین، لکن تصویر الجامع علی القول بالأعمّ ممکن أیضاً، لکن لیس جامعاً مفیداً؛ مثل ما ترکّب من جزئین فصاعداً.

الإشکال علی الدلیل العاشر

إنّ المحذور إن كان مجرّد عدم الانضباط، فيمكن دفعه على القول بالأعم، بأنّ المفاهيم العرفيّة ممّا لايمكن ضبطها في الأغلب و الأمر فيها محال إلى العرف. و إن كان مع عدم المعقوليّة فما جعله وجه الضبط على القول بالصحيح أولى بعدم التعقّل؛ لأن الصحّة و ما يشابهها لايعقل أن يكون داخلاً في الموضوع له. و مع ذلك فالأمر أيضاً غير منضبط؛ لاختلاف الصحّة باختلاف الموضوعات الطارئة على المكلّفين، كما تقدّم في تصوير القول بالصحيح.

اللهمّ إلّا أن يقال‌: بأنّ الموضوع له هو مصداق هذا المفهوم و هو المركّب المستجمع للأجزاء و الشرائط. و هذا أمر يعقل أن يكون موضوعاً له، بخلاف القول بالأعم، إذ الموضوع له فيه غير معقول؛ ضرورة بطلان القدر المشترك بين الناقص و الزائد. و هو المراد من قولهم: بأنّه على الأعمّي يلزم بقاء الكلّ مع انتفاء الجزء.

و لا وجه لما يقال في دفعه: من أنّ الجزء تارةً يكون جزءاً في حالتي الوجود و العدم. و أخری يكون جزءاً ما دام موجوداً؛ فإنّ قضيّة ارتفاع الكلّ بارتفاع الجزء ضروريّة لايعقل فيها الفرق بين الحالتين. [6]

أقول: کلامه (رحمة الله) في الذیل متین، إلّا أنّ الأمر في الأمور الاعتباریّة سهلة. و تصویر الجامع علی کلا الفرضین ممکن؛ لکنّ الجامع في الصحیحيّ جامع مفید في ترتّب الآثار، أمّا الجامع الأعمّي غیر مفید في ترتّب الآثار.

الدلیل الحادي عشر: قضاء الوجدان [7]

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «... قضاء الوجدان الخالي عن شوائب الريب بذلك؛ فإنّا إذا راجعنا وجداننا بعد تتبّع أوضاع المركّبات العرفيّة و العاديّة و استقرائها و فرضنا أنفسنا واضعين اللفظ لمعنى مخترع مركّب، نجد من أنفسنا في مقام الوضع عدم التخطّي عن الوضع لما هو المركّب التام، فإنّه هو الذي يقتضي حكمة الوضع- و هي مساس الحاجة إلى التعبير عنها كثيراً و الحكم عليها بما هو من لوازمه و آثاره- أن يكون موضوعاً له. و أمّا استعماله في الناقص فلانجده إلّا مسامحةً». [8]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الإشکالات علی القول الأوّل[9]

الإشکال الأوّل

يلزم على القول بكونها أسامي للصحيحة لزوم القول بألف ماهيّة لصلاة الظهر (مثلاً)، فصلاة الظهر للمسافر شي‌ء و للحاضر شي‌ء آخر و للحافظ شي‌ء و للناسي شي‌ء آخر. و كذلك للشاكّ و للمتوهّم و الصحيح و المريض إلى غير ذلك من أقسام الناسي في جزئيّات مسائل النسيان و الشاكّ في جزئيّات مسائله. و هكذا إلى غير ذلك‌. [10]

و أمّا على القول بكونها أسامي للأعم، فلايلزم شي‌ء من ذلك؛ لأنّ هذه أحكام مختلفة ترد على ماهيّة واحدة؛ مع أنّ الصلاة شي‌ء و الوضوء و الغسل و الوقت أشياء أخر. و كذلك اتّصاف الصلاة بالتلبّس بها. فالظاهر أنّ لكلّ شي‌ء منها أسماء أخر. و لا دخل في اشتراط شي‌ء بشي‌ء اعتباره في تسميته به. [11]

أقول: قد سبق الجواب عنها عند البحث عن تصویر الجامع بناءً علی الصحیحي. إنّ الأمور الاعتباریّة بید المعتبر، فیجعل مرکّباً من أجزاء و شروط واجبة و لا معنی للقول بأنّ الوضوء شيء و الغسل شيء آخر و لا دخل في اشتراط شيء بشيء اعتباره في تسمیته به؛ فإنّ الشارع قد اعتبره کذلك.

دفع الإشکال

إنّ ذلك مشترك الورود؛ إذ لايعقل وجود القدر المشترك بين الزائد و الناقص. و لايعقل تبادل أجزاء ماهيّة واحدة. [12]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کلام من المحقّق الخراسانيّ في أحد أدلّة الوضع للصحیح

قال (رحمة الله): «رابعها: دعوى القطع بأنّ طريقة الواضعين و ديدنهم وضع الألفاظ للمركّبات التامّة؛كما هو قضيّة الحكمة الداعية إليه و الحاجة و إن دعت أحياناً إلى استعمالها في الناقص أيضاً، إلّا أنّه لايقتضي أن يكون بنحو الحقيقة بل و لو كان مسامحةً، تنزيلاً للفاقد منزلة الواجد. و الظاهر أنّ الشارع غير متخطّ عن هذه الطريقة. و لايخفى أنّ هذه الدعوى و إن كانت غير بعيدة إلّا أنها قابلة للمنع، فتأمّل».[13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین و لایخفی أنّ عرف المتشرّعة أیضاً موافق للشارع في التسمیة و في إطلاق هذه الألفاظ علی ما یترتّب علیه الأثر.


[3] التبادر و صحّة السلب عن الفاسدة.
[4] . اشارات الاصول، الکرباسی، محمد ابراهیم، ج1، ص35.
[9] إنّ ألفاظ العبادات موضوعة للصحيح منها.
[10] . مقالات حول مباحث الالفاظ، الموسوی البهبهانی، السید علی، ج1، ص39.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo