< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

قال الوحید البهبهانی (رحمة الله): «كون الأصل في مثل: «لا صلاة إلّا بطهور»[1] الاستعمال في نفي الحقيقة؛ لأنّه المعنى الحقيقي». [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال المحقّق الخراسانيّ(رحمة الله): «الدلیل علی الصحیح الأخبار الظاهرة في‌ نفي ماهيّتها و طبائعها؛ مثل: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب و نحوه ممّا كان ظاهراً في نفي الحقيقة بمجرّد فقد ما يعتبر في الصحّة شطراً أو شرطاً و إرادة نفي الصحّة منها لشيوع استعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحّة أو الكمال خلاف الظاهر لايصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه و استعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع حتّى في مثل: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد»[3] ممّا يعلم أنّ المراد نفي الكمال بدعوى استعماله‌ في نفي الحقيقة في مثله أيضاً بنحو من العناية لا على الحقيقة و إلّا لما دلّ على المبالغة، فافهم‌». [4]

أقول: إنّ الاستدلال متین.

الإشکالات علی الدلیل الخامس

الإشکال الأوّل

أمّا قوله (ع): «لا صلاة إلّا بطهور» فيتوجّه المنع فيما ادّعوه في خصوص‌ هذا التركيب؛ كما لايخفى على من لاحظ النظائر كقوله(ع): «لا عمل إلّا بنيّة»[5] و «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد»، و غير ذلك‌؛ فإنّ القدر المسلّم في أصالة الحقيقة إنّما هو في مثل: لا رجل في الدار.

و أمّا مثل هذه الهيئات التركيبيّة التي نفس الذات، موجودة فيها في الجملة جزماً و ليس المراد فيها إلّا نفي صفة من صفاتها؛ فلايمكن دعوى أصل الحقيقة فيها.[6] فإذا أردنا إثبات كون الصلاة اسماً للصحيحة بسبب مقتضى الحقيقة القديمة، فذلك يوجب الدور[7] إلّا أن يكون مراد المستدلّ أنّ أصالة الحقيقة يقتضي ذلك، خرجنا عن مقتضاه في غيرها[8] بالدليل و بقي الباقي.

فبهذا نقول: إنّ مثل قوله (ع): «لا صلاة إلّا بطهور» ممّا كان الفعل المنفيّ عبادة خارج عن سياق النظائر[9] و بأنّ على مقتضى الأصل، فلا ريب أنّ ذلك خلاف الإنصاف. و لذلك لميتمسّك أحد من العلماء الفحول في ذلك المبحث لإثبات نفي الإجمال بأصالة الحقيقة و تمسّكوا بالقول بكونها موضوعةً للصحيحة من العبادات. و الإنصاف أنّ كون هذه منساقة بسياق النظائر من الأدلّة على كون العبادات أسامي للأعم، فهو على ذلك أوّل[10] ممّا أراده المستدل.[11]

أقول، أوّلاً: أنّ الأصل هو إرادة المعنی الحقیقيّ و نفي الجنس و نفي الکمال أو نفي صفة خلاف الأصل لابدّ له من دلیل، کما في النظائر موجود و لم‌یعلم المراد من قوله (رحمة الله): «أمّا مثل هذه الهيئات التركيبيّة التي نفس الذات، موجودة فيها في الجملة جزماً و ليس المراد فيها إلّا نفي صفة من صفاتها؛ فلايمكن دعوى أصل الحقيقة فيها» و أنّ أصالة الحقیقة جارٍ في المقام و عدم الإمکان غیر مفهوم في المقام.

و ثانیاً: لا دور في المقام؛ فإنّ نفي الجنس یقتضي عدم تحقّق الماهیّة بدون الطهور و أمثاله، فیدلّ علی کون المراد من الصلاة هو الصحیحة و الصلاة الفاسدة لیست بصلاة أصلاً.

و ثالثاً: أنّ التمسّك بسیاق النظائر ضعیف، حیث کما أنّ التخصیص کثیر جدّاً حتّی اشتهر ما من عامّ إلّا و قد خصّ و مع ذلك کلّه لابدّ من حمل العامّ علی العموم إلّا أن یثبت التخصیص بدلیل، فهکذا القول في المقام.

کما قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «فيه- مع الغضّ عن أنّ نظر هذه الألسنة إلى قيود الواجب و ما هو الوظيفة الشرعيّة بأسلوب بليغ أكيد- أنّها معارضة بمثل ما تقدّم عن القائل بالأعمّ من إطلاقات تشهد على العكس. [12]

أقول: إنّ هذا الاستدلال مثل أن یقال الاستعمال الحقیقيّ معارض بالاستعمالات المجازیّة و أنّها أکثر من الحقیقة؛ فإنّ المجازات تعلم بالقرائن و لو لم‌تکن قرینة و شککنا، فلابدّ من الحمل علی المعنی الحقیقي.

و قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «سلّمنا أنّ نفي الحقيقة قد يكون على وجه الحقيقة و قد يكون على وجه الادّعاء و العناية و أنّ نفي الحقيقة في جملة: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» يكون على نحو العناية و الادّعاء، إلّا أنّ الكلام في أنّه ما الدليل على أن يكون نفي الحقيقة في جملة: «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب»[13] على نحو الحقيقة؟ و يمكن أن يقال: إنّه أيضاً يكون على نحو العناية.

نعم، يصحّ الاستدلال بهذه الرواية لو أثبتنا من الخارج- مع قطع النظر عن هذه الأخبار- أنّ كلمة الصلاة وضعت لماهيّة الصحيحة و لكنّ المفروض إنّا نستدلّ به بنفس هذه العبارة». [14]

أقول: إنّ الحمل علی الحقیقة لایحتاج إلی الدلیل و لکنّ الحمل علی المعاني المجازیّة یحتاج إلی الدلیل. و لذا کلّ لفظ یحمل علی معناه الحقیقي، إلّا أن یثبت بالدلیل کون المراد معناه المجازي.

کما قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّ هذه التراكيب و إن كانت مستعملةً في نفي الحقيقة حتّى في نوعه: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» لكن فرق بين نفي الحقيقة حقيقةً و بين نفي الحقيقة مبالغةً و عنايةً. و هذه التراكيب كثيرة الاستعمال في نفي الحقيقة مبالغةً و عنايةً مثل قوله: «لا رضاع بعد فطام».[15] و مع هذه الكثرة فلاتصلح تلك الأخبار للاستدلال، لأنّ كثرة الاستعمال إذا صارت إلى حدّ وافر، تزاحم ظهور اللفظ في نفي الحقيقة حقيقةً كما في قوله: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب، كما هو أساس الاستدلال و لميفرق المستدلّ بين نفي الحقيقة حقيقةً و نفيها ادّعاءً و مبالغةً». [16]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

دفعان للإشکال الأوّل

الدفع الأوّل

إنّه لا شكّ في كون مفاد العبارة المذكورة بحسب اللغة، بل العرف أيضاً هو نفي الحقيقة. [17]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[1] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج1، ص50. و فیه: مَا أَخْبَرَنِي بِهِ الشَّيْخُ [محمّد بن محمّد بن النعمان المفید: إماميّ ثقة] - أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ [أحمد بن محمّد بن الحسن بن الولید: إنّ الرجل غير مذكور في كتب الرجال‌.و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنْ أَبِيهِ [محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى [العطّار: إماميّ ثقة] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ [بن عیسی الأشعري : إماميّ ثقة] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ [الأهوازي: إماميّ ثقة] عَنْ حَمَّاد [حمّاد بن عیسی الجهني‌ : إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَرِيزٍ [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنْ زُرَارَةَ [زرارة بن أعین الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ [الإمام الباقر](ع). (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[3] .دعائم الإسلام‌، القاضي النعمان المغربي، ج1، ص148.. و فیه: رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) عَنْ أَبِيهِ(ع) عَنْ آبَائِهِ (علیهم السلام) عَنْ عَلِيٍّ (ع) أَنَّهُ قَالَ: ... . (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[5] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص84. و فیه: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ [الحسن بن محبوب السرّاد: إماميّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول] عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ [الأحمسي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) قَالَ: ...
[6] تنقيح الأصول‌، التقوي الاشتهاردي، الشيخ حسين، ج1، ص115.. و فیه: أنّ دعوى أنّ النفي المذكور هو نفي الحقيقة مع كثرة استعماله ادّعاءً في غيره مثل نفي الكمال، ممّا لايصغى إليها
[7] ذلك لأنّ دلالة «لا صلاة إلّا بطهور». على نفي الحقيقة و الذات بمقتضى الحقيقة القديمة لكلمة لا، مع كونها ظاهرةً في نفي صفة من الصفات على سياق نظائرها، إنّما يمكن إذا ثبت كونها أسامي للصحيحة؛ فلو أردنا إثبات كونها صحيحةً بمقتضى الحقيقة القديمة لها، لزم الدور المذكور
[8] في غير هذه المادّة و هي لا صلاة إلّا بطهور أو بفاتحة.
[9] أي ليست «لا» فيها لنفي الصفة، كما كانت في النظائر له و إنّما هو باقٍ على مقتضى الأصل و هو نفي الذات.
[10] .الصحیح: أدل.
[13] .عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور، ج1، ص196.. و فیه: قال(ص). (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[15] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص443.. و فیه: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَمَّادٍ [حمّاد بن عثمان الناب: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنِ الْحَلَبِيِّ [عبید الله بن عليّ الحلبي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: ... . (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo