< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفاظ العبادات

إنّ الاستدلال بها مبنيّ على إفادة تلك الأخبار أنّ الآثار المذكورة لتلك الطبائع على إطلاقها؛ إذ بذلك يستكشف أنّ الفرد الذي ليس فيه تلك الخواصّ ليس فرداً لتلك الطبائع؛ لكنّ الأخبار المذكورة واردة في بيان خاصّيّة تلك الطبائع من حيث نفسها في مقابل أشياء أخر. و لاينافي أن تكون لظهور تلك الخواصّ في تلك الطبائع شرائط أخر زائدة عليها؛ كما يظهر من المراجعة إلى أمثال هذه العبارات. [1]

أقول: إن کانت هذه الأخبار واردةً في بیان خاصّیّة تلك الطبائع من حیث نفسها في مقابل أشياء أخر، هل یصحّ أن تکون تلك الطبائع من حيث نفسها فاسدةً في مقابل أشیاء أخر أو المراد هو الصحیحة حتّی تکون مقابل أشیاء أخر و الفاسدة منها لیست مقابل أشیاء أخر، بل لیس شیئاً أصلاً حتّی تکون مقابلاً.

الإشکال الثالث

إنّ التمسّك بهذه العمومات لنفي الفاسد عن دائرة الموضوع حتّى ينتجّ وضعه لخصوص الصحيح إنّما هو نظير التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة للعام؛ مثل: أكرم العلماء و لاتكرم زيداً عند الشكّ في أنّ عدم إكرام زيد من باب أنّه ليس بعالم كي يكون تخصّصاً أو من باب التخصيص؛ مع أنّ المقام أسوأ حالاً من الشبهة المصداقيّة للعام؛ فإنّه لايعلم أنّ استعمال الصلاة و الصوم و غيرهما في الروايات إنّما هو على نحو الحقيقة؛ بل من الممكن كونه على نحو المجاز؛ فالتمسّك بأصالة الحقيقة لتعيين كيفيّة المراد، فيه ما فيه من أنّ أصالة الحقيقة جارية عند العقلاء لتعيين المراد، لا لتعيين كيفيّة المراد. [2]

أقول: إنّه علی فرض قبول کون هذه الألفاظ حقیقةً في هذه المعاني الجدیدة و المعاني الجدیدة هي التي تامّ الأجزاء و الشروط، فلا معنی لکون الشكّ في الشبهة المصداقیّة، فالمراد هو الموضوع له عندهم^ لا ما یستعمل مجازاً عند بعض العوام.

کما قال بعض الأصولیّین (رحمة الله): «هذا الاستدلال ليس بتام؛ لأنّ المعراجيّة و أمثال ذلك و إن كان من اللوازم و الآثار للأفراد الصحيحة- و المراد من الصلاة في القضيّة المذكورة هو خصوص الصلاة الصحيحة- إلّا أنّ استعمالها فيها بنحو الحقيقة غير معلوم هنا، بل لقائل أن يقول: إنّها استعملت فيها بنحو المجاز بقرينة العلم بكون المحمول في هذه الموارد من لوازم الوجود الخارجي، فإنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة على المشهور.

نعم، لو قلنا بأنّ الأصل في الاستعمال هي الحقيقة في مورد الشك، فيتمّ الاستدلال و لميقل به المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله)[3] ».[4]

أقول: إنّه بعد قبول الحقیقة الشرعیّة تعییناً أو تعیّناً، فالاستعمال یحمل علی الحقیقة إذا کان بلا قرینة. و الأصل في الاستعمال هو الحمل علی الحقیقة إذا کان بلا قرینة. و الفرق بین الحقیقة و المجاز أنّ الحقیقة لاتحتاج إلی القرینة و المجاز یحتاج إلیها.

الإشکال الرابع

لا إشكال في أنّه استعمل اللفظ أمثال قوله«الصلاة عمود الدين» في الصحيح إلّا أنّ الاشكال في أنّ ذلك علي وجه الحقيقة أو المجاز؟ و لا دليل علی الأوّل إلّا أصالة الحقيقة و أصالة عدم القرينة. و هي و إن قلنا بجريانها في الشكّ في حقيقيّة المراد أيضاً إلّا أنّه في ما إذا لميكن الكلام مشحوناً بما يصلح للقرينيّة. و أمّا في ما إذا كان كذلك، كما في المقام الذي يصلح جملة المحمول للقرينيّة، فلايجوز التمسّك بالأصل قطعاً. [5]

أقول: لیس البحث فیما کان الکلام مشحوناً بما یصلح للقرینیّة، بل البحث فیما لم‌تکن قرینة في الکلام؛ فإنّ إطلاق الکلام یحمل علی الحقیقة. و معنی الحقیقيّ هو الموضوع له و هو الصحیح التامّ الأجزاء و الشروط الذي یترتّب علیه الأثر و لایصحّ القول بأنّ قرینة المقام یقتضي الحمل علی الصحیح؛ فإنّ الحمل علی الصحیح لایحتاج إلی القرینة، بل الواضح أنّه لو أراد الفاسد لابدّ من إقامة القرینة علی ذلك و من المقطوع به کون المراد هو الصلاة الصحیحة و کونها حقیقةً بعد ثبوت الحقیقة الشرعیّة و تبادرها من إطلاقها. و صحّة الحمل و عدم صحّة السلب مطابق لفهم المتشرّعة و غیر قابل للإنکار. و یؤیّد ذلك نفي الصلاة في الأدلّة عن الفاسد؛ مثل: لاصلاة إلّا بطهور و لا صلاة إلّا بفاتحة الکتاب[6] و أمثالهما و مثل: الصلاة ثلاثة أثلاث ثلث طهور و ثلث رکوع و ثلث سجود[7] ؛ فلابدّ من اجتماع الثلاث معاً.

 


[6] عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور، ج1، ص196. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة). و في سنن الترمذي2: 22، ح1: حَدَّثَنَا [مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى‌] بْنُ أَبِي عُمَرَ [الْمَكِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَنِيُ‌] [مهمل] وَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ [مهمل]، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ [عامّيّ ضعیف] عَنْ الزُّهْرِيِّ [عامّيّ ضعیف] عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ [صحابيّ لم‌تثبت وثاقته] عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ [إماميّ ثقة ظاهراً] عَنْ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.». (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین و الضعاف في سندها)
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص273.. و فیه: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إمامي، ثقة علی الأقوی] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَمَّادٍ [حمّاد بن عثمان الناب: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنِ الْحَلَبِيِّ [عبید الله بن علي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ:. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo