< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

42/02/02

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مباحث الالفاظ/وضع/الصحیح و الاعم

الإشکال الثالث

قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «فيه أوّلاً: إنّ ترتّب الأثر على الجامع إنّما هو فيما إذا لميكن للخصوصيّات دخل في ترتّبه و المقام ممّا للخصوصيّات دخل فيه؛ فإنّ‌ النهي عن الفحشاء ممّا يترتّب على أفراد الصلاة و حصصها بخصوصيّاتها المعتبرة فيها.

فإنّ لكلّ صلاة خصوصيّة كان ترتّب الأثر متوقّفاً عليها، كما هو واضح؛ فلايمكن الالتزام بأن المؤثّر هو الجامع دون الأفراد و الحصص المتخصّصة بخصوصيّات معتبرة فيها.و ثانیاً: أنّه إن كان المراد أنّ لفظ الصلاة موضوع لمفهوم الناهي عن الفحشاء، لزم كون لفظ الصلاة و لفظ الناهي عن الفحشاء مترادفين و هو و إن كان ممكناً إلّا أنّه غير واقع يقيناً و لايلتزم القائل بالصحيح بالترادف بين لفظ الصلاة و لفظ الناهي عن الفحشاء.

و إن كان المراد أنّه موضوع لواقع الناهي عن الفحشاء لا لمفهومه، بأن يكون هذا العنوان إشارة إلى الأفراد و وضع اللفظ لها بحيث كان الوضع عامّاً و الموضوع له خاصّاً، فهو و إن كان ممكناً أيضاً إلّا أنّه خلاف الواقع أيضاً؛ لأنّ لفظ الصلاة من قبيل أسماء الأجناس و كان الموضوع له فيه عامّاً، كالوضع و قد استعمل في الجامع كثيراً؛ كما في قوله- تعالى: ﴿... إِنَّ الصلاة تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ ...﴾. [1]

و ثالثاً: أنّ كون لفظ الصلاة موضوعاً للجامع المشار إليه بمثل الناهي عن الفحشاء، خلاف متفاهم العرف؛ فإنّهم يعرفون معنى الصلاة و يستعملون اللفظ فيه، مع أنّ الغالب منهم لايعرف كونها ناهيةً عن الفحشاء؛ إذ معرفة هذه العنوانات مختصّة بأشخاص يراجعون الآيات و الروايات و يفهمون معانيها.

و رابعاً: أنّ المؤثّر في هذه الآثار و الناهي عن الفحشاء هو الصحيح الفعليّ و لايكون إلّا مع قصد التقرّب و عدم الأمر بالمزاحم الأهمّ و عدم النهي مع عدم كون هذه الأمور دخيلة في المسمّى يقيناً؛ لأنّ الصحّة من ناحية عدم المزاحم و عدم النهي و قصد التقرّب غير داخلة في محلّ النزاع قطعاً؛ فكيف يمكن أن يقال: إنّ لفظ الصلاة موضوع للجامع المؤثّر؛ فتحصّل من جميع ما ذكرناه أنّ تصوير الجامع على القول بالصحيح غير ممكن». [2]

أقول، أوّلاً: أنّ الجامع المنتزع کلّيّ یعرّف بأنّه ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه، مثل إسقاط الإعادة و القضاء و الانتهاء عن الفحشاء و المنکر و أمثالهما و الخصوصیّات للأفراد التي یترتّب علیها الأثر المترقّب منه. و هذا هو مراد المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله)، فلا یرد علیه أنّ المؤثّر هو الجامع دون الأفراد، بل المقصود أنّ الأفراد تؤثّر باعتبار أنّها أفراد للجامع المنتزع.

و ثانیاً: لیس مراده (رحمة الله) أنّ لفظ الصلاة موضوع لمفهوم الناهي عن الفحشاء حتّی تکونان مترادفین، بل مراده أنّ تعریف الجامع بآثاره ممکن و الآثار مثل الانتهاء عن الفحشاء و هذا مثال للآثار، لا بیان للموضوع له.

و ثالثاً: أنّ قوله (رحمة الله): «إلّا أنّه خلاف الواقع» ادّعاء بلا دلیل؛ إذ الکلّيّ المنتزع لم‌یذکر اسمه، بل یعرّف بما یترتّب الآثار علیه و هذا لا یخالف الواقع؛ کما أنّ بعض الوجودات الخارجیّة التي لانعرفها حقیقةً، نعرفها بآثارها، مثل الجنّ و الملائکة و أمثالهما و لا إشکال في ذلك و بطريق أولی في المرکّبات الاعتباریّة نعرفها بآثارها.

و رابعاً: لیس هذا مخالفاً لفهم العرف الدقیق؛ فإنّ العرف العامّ یتبادر عندهم من الصلاة الصلاة الکاملة من باب تبادر أکمل الأفراد. و أمّا الخواص، فیتبادر عندهم أفراد الصلاة، مثل القصر و التمام و أمثاله و العرف یقبل أنّ الصحیح ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه.

و خامساً: أنّ المراد الصحیح الفعليّ الجامع لما یترتّب علیه الأثر المترتّب منه و لا إشکال في البین. و کون بعض المسائل خارجاً عن محلّ النزاع لایضرّ بالجامع المنتزع المعرّف بما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه. هذا کلّه، مع أنّ الأمر في الأمور الاعتباریّة سهلة لایصحّ الإشکال فیها بالمسائل الفلسفیّة و الدقائق الاصطلاحیّة و الوجدان و العرف شاهدان علی فهم المعاني من الألفاظ بلا إشکال.

و سادساً: یمکن أخذ عدم النهي عن العبادة و عدم المزاحم في المسمّی و الجامع المنتزع من الاعتباریّات.


[2] مصباح الأصول (مباحث الألفاظ)، الواعظ الحسيني، السيد محمد؛ تقرير بحث السيد أبو القاسم الخوئي، ج1، ص137( التخلیص و التصرف).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo