< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/03/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 


موضوع:
مقدمات علم الاصول/الوضع /تعارض احوال اللفظ

 

الصورة العاشرة: التعارض بین المجاز و الإضمار.

المثالان
المثال الأوّل

كقوله(ص): «الطواف بالبيت صلاة».[1] فيقول الخصم: الطواف يصدق عليه الصلاة مجازاً، لاشتماله على الدعاء، من باب اسم الكلّ باسم جزئه، فيقول الآخر: بل فيه إضمار و هو مثل الصلاة، لاحتياج كلّ منهما إلى قرينة صارفة عن الظاهر[2] و كما يخفى تعيين المضمر، كذا يخفى تعيين المجاز.[3]

المثال الثاني

كقوله- تعالى: ﴿وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ ...﴾[4] فإنّه يمكن إضمار لفظ «أهل» و يمكن أن يكون المراد من «القرية» أهلها تسميةً للحالّ باسم المحل.[5]

هنا أقوال:

القول الأوّل: المجاز و الإضمار سواء (التوقّف)[6] .[7]

أقول: لا دلیل علیه، بل الدلیل علی ترجیح المجاز علی الإضمار، کما سیأتي. هذا کلّه لو تحقّق الظهور العرفيّ و إلّا فلا.

قال الاصفهانيّ النجفيّ(رحمه الله):«كأنّه[8] الأظهر؛ لشيوع كلّ من الأمرين و اشتراكهما في مخالفة الظاهر. و كيف كان يكون ذلك أيضاً نحواً من المجاز و قد يشير إليه عدّهم الإضمار أو بعض أقسامه من جملة المجاز حيث يعبّرون عنه بمجاز الحذف، فتأمّل.[9]

أقول، أوّلاً: شیوع المجاز بالنسبة إلی الإضمار غیر قابل للقیاس.

و ثانیاً: مخالفة الظاهر في الإضمار بتقدیر کلمة بدون الدلیل المعتبر علیه، بخلاف المجاز.

و ثالثاً: المجازات أنواع بعضها أولی بالنسبة إلی بعض آخر.

و لعلّه أشار إلی هذه الوجوه بقوله «فتأمّل». هذا کلّه لو تحقّق الظهور العرفي.

القول الثاني: الظاهر كون الإضمار أقرب[10] .

أقول: لا دلیل علیه، بل الدلیل علی ترجیح المجاز علی الإضمار لو تحقّق الظهور العرفي.

و قال الشیخ الکرباسيّ(رحمه الله): «المدار على الغلبة و الشيوع إن ثبت و لايبعد حصوله فى الإضمار».[11]

أقول: لا دلیل علیه، بل الدلیل علی خلافه؛ لکثرة المجازات بالنسبة إلی الإضمار قطعاً. هذا لو تحقّق الظهور العرفي.

دلیل القول الثاني

إنّه[12] لايفتقر إلّا إلى قرينة و المجاز مع افتقاره إليها يفتقر إلى الوضع اللاحق[13] .

أقول، أوّلاً: الإضمار یحتاج إلی قرینة أیضاً.

و ثانیاً: المجاز لایحتاج إلی الوضع اللاحق.

القول الثالث: ترجیح المجاز علی الإضمار[14] . و هو الحق؛ لوجوه:

منها: أنّ الإضمار یوجب التقدیر و عدم التقدیر في کلام القرآن و النبيّ(ص)و الأئمّة^أولی من التقدیر و یحتاج إثباته إلی دلیل معتبر و لایکفي مجرّد الاحتمال.

و منها: غلبة المجاز بکثیر علی الإضمار.

و منها: أنّ التأکید المستفاد من المجاز أکثر من الإضمار؛ فإنّ الأمر الواضح المبرهن عند أهل القریة یمکن التعبیر عنه بنحوین:

الأوّل: و اسأل أهل القریة.

و الثاني: و اسأل القریة؛ فإنّ الثاني معناه أنّ الأمر واضح بحیث سئل من کلّ القریة و جدارها و أرضها و بستانها کلّها شواهد علی هذا الأمر الواضح و یکون الکلام أفصح و أبلغ لإثبات المدّعی. هذا کلّه إذا تحقّق الظهور العرفيّ و إلّا فلا.

دلیل القول الثالث: غلبة المجاز علی الإضمار. [15]

قال السیّد صدر الدین الصدر(رحمه الله): «إذا دار بين المجاز و الإضمار قيل بتساويهما لاحتياج كلّ منهما الى القرينة و يمكن ترجيح المجاز لغلبته».[16]

ذهب السیّد المجاهد(رحمه الله) ابتداءً إلی ترجیح المجاز علی الإضمار و لکن قال بعد أسطر: «الإنصاف أنّ المسألة غير خالية عن الإشكال»‌.[17]

 


[1] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج9، ص410.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[2] في«أ»: صارفة عن الخطأ.
[3] نهاية الوصول إلى علم الأصول ‌ج1، ص309.
[6] نهاية الوصول إلى علم الأصول، ج‌1، ص309.
[8] التساوي، التوقّف.
[10] ذهب إليه السيّد ضياء الدين الأعرج(رحمه الله) إبن اُخت العلّامة الحلّيّ(رحمه الله) في منية اللبيب، ج1، ص74. (المنقول في أنيس المجتهدين ج1، ص75.)
[11] إشارات الأصول، ج1، ص55.
[12] الإضمار.
[14] مفاتيح الأصول، ج1، ص93.
[15] مفاتيح الأصول، ج1، ص93.
[16] خلاصة الفصول، ج1، ص14.
[17] مفاتيح الأصول، ج1، ص93.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo