< قائمة الدروس

الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

45/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الرؤوف و الرحیم/ قساوة القلب

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في توضیح الرؤوف و الرحیم و هما صفتان من صفات الله- تعالی- کما أشیر إلیه في قوله ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[1] و یکون الرسول بالمؤمنین رؤوفاً رحیماً، کما أشار- تعالی- إلیه في قوله: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[2] یجب أن یکون الرؤوف و الرحیم من صفات المؤمنین و تکون مقابلهما قساوة القلب و مع الأسف إنّ بعض الناس لیس لدیهم رأفة و یکونون قساة القلوب و قد أشرنا في الجلسة السابقة إلی بعض عوامل القساوة و سنشیر في استدامة البحث إلی علل أخری لها:

 

۵) الآمال الطویلة:

قد یأمل الإنسان أن تکون له زوجة صالحة، هذا حسن و لکن قد یأمل الشخص أن تکون لدیه أجمل نساء العالم و هو أمل طویل. أن تکون لدی الإنسان ثروة فهو خیر و لکن أن یکون أمله في کونه أکثر ثروةً في العالم فهو أمل طویل. أن یأمل الإنسان سیّارةً و بیتاً و معیشةً مناسبةً عادیّاً حتّی لا یقع في صعوبة و مشقّة فهو حسن و لکنّ الأمل في کونه ذا ثروة عظیمة فهو من الأمل الطویل. من کانت لدیه آمال طویلة فلا یفکّر في أمر الآخرة و لا یزال في تفکّر کیفيّة بلوغه آماله و لا یتفکّر في کیفیّة تحصیله فإن حصل المال من الحلال فبها و إلّا فمن طریق الحرام. و الآمال الطویلة تغوي الإنسان. و لقد جاء في روایة من أمیر المؤمنین (علیه‌السلام) أنّه قال: «إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اِثْنَتَيْنِ اِتِّبَاعَ اَلْهَوَى وَ طُولَ اَلْأَمَلِ أَمَّا اِتِّبَاعُ اَلْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ اَلْحَقِّ وَ أَمَّا طُولُ اَلْأَمَلِ فَيُنْسِي اَلْآخِرَةَ».[3]

ثمّ إنّه قد جاء في الحدیث القدسيّ خطاباً لموسی (علی‌نبیّناوآله‌وعلیه‌السلام): «يا موسى، لا تُطَوِّلْ في الدُّنيا أملَكَ فَيَقسُوَ قَلبُكَ، و القاسي القَلبِ مِنّي بَعيدٌ».[4]

من کانت لدیه آمال طویلة فقد قسا قلبه من جمیع الأبعاد؛ أي لا یزال یتفکّر لنفسه و لا یتفکّر لغیره و لا یحرق قلبه للآخرین. لا یزال في فکر أنّه إن وقعت حادثة أيّ حادثة فقد وقعت و إن هلك شخص فقد هلك فإنّي أتبع إثر عملي و أرید بلوغي آمالي. الأناسيّ القاسیة قلوبهم فهم المبعدون عن الله- تعالی. فعلینا حینئذٍ أن نراقب أنفسنا في ألّا تکون لدینا آمال کثیرة طویلة و أن لا نتّبع أهواء أنفسنا فإنّ في إتّباع الهوی قساوةً للقلوب.

۶) کثرة المال:

ثمّ إنّ السؤال عن الله- تعالی- في إعطائه الرزق و المال فلیس مشکلاً بل حسن و لکن إذا کثرت الفلوس فقد یضیع وقت صلاة الجماعة. هذا الشخص إن کان صالحاً فقد صلّی و لکن بسبب المشاکل و الذهاب و الإیاب و الحساب و الکتاب قد تضیع الصلاة لأوّل وقتها مع الجماعة و قد تترك أیضاً ثمّ یلتفت إلیها و یری أنّه لم یصلّ أیّاماً. لا تظنّوا أنّ المال الکثیر حسناً بل یحسن للإنسان أن یکون لدیه ما یکفیه من المال. و الثروة الکثیرة توجب المشاکل. قال الله- تعالی- لموسی (علی‌نبیّناوآله‌وعلیه‌السلام): «وَ لَا تَغْبِطْ أَحَداً بِكَثْرَةِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ تَكْثُرُ الذُّنُوبُ لِوَاجِبِ الْحُقُوقِ».[5] إذا کثر مال الإنسان فقد کثرت الحقوق علی ذمّته؛ یجب الخمس و الزکاة و الحجّ و ... فإنّ هناك رجالاً و نساءاً لدیهم أموال کثیرة و قد وجب علیهم الحجّ و لکنّهم لم یحجّوا بعدُ.

وَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ‌السَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثٍ: «وَ إِنَّ كَثْرَةَ اَلْمَالِ مَفْسَدَةٌ لِلدِّينِ مَقْسَاةٌ لِلْقَلْبِ».[6]

أنا أعرف أشخاصاً لا یزالون یدعون في قنوت صلاتهم بأن اللهمّ زد لنا في أموالنا. لو علمتم کیف ثروتهم لعجبتم، أتعجّب منه إذ لدیه سیّارة جیّدة و البیت الواسع و الثروة و الفلوس المدّخرة و معها لا یزال یدعو لتکثیر ماله. لماذا یرید هذا المقدار من المال و لأيّ شيء یرید المال و الثروة؟ هذا مرض في النفس حیث یرید الإنسان مع ما لدیه من المال الکثیر، الزیادة في المال و الثروة. ما فعل الله بأحد أن یبتلی بهذا المرض و مفسدة کثرة المال و بأن لا یزال في فکر کثرة المال حلالاً کان أم حراماً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo