< قائمة الدروس

الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

45/06/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الرؤوف و الرحیم/

خلاصة الجلسة السابقة:

کان البحث حول الرؤوف و الرحیم. قلنا إنّ من صفات الله صفتي الرؤوف و الرحیم کما قال- تعالی: ﴿إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[1] و قلنا إنّ الرؤوف فوق الرحیم بمرتبة. قد جاء في رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) أیضاً ﴿وَ كَانَ‌ بِالْمُؤْمِنِينَ‌ رَؤُوفاً رَحِيماً[2] . علینا أن نتلبّس بالصفات الإلهيّة من صفاته الجماليّة و علیکم أن تکونوا في حیاتکم رؤوفین تارکین الخشونة و قساوة القلب و علی کلّ إنسان أن تکون له هذه الصفات و أن یکون في حیاته رؤوفاً رحیماً مع زوجته و ولده و والدیه و جیرانه بل جمیع الناس. قال الله- تعالی: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [3] عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا[4] عَنِتُّمْ حَرِيصٌ[5] عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[6] کم حزنت الأمّ لما نزل علی ولده من الأذی؟ کذلك قد عزّ علی رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) الأعمال الصعبة علیکم فلذا قیل: ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[7] لا یلزم أن تلقوا بأیدیکم إلی المشقّة. لیست في الإسلام المشقّة بل الأمور و الأعمال سهلة و دین الإسلام دین سهلة سمحة. ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ إن کان بکم أذیً، حزن رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله). یجب أن تکون لدینا هذه الروحیّة من أن نحزن إذا حزن صدیقنا. نعم هناك بعض یقول «ما لي أن أحزن لما یحزن به صدیقي؟» لا؛ علینا أن نکون رؤوفین رحماء و أن تکون لدینا هذه الروحیّة. صدیقك مسلم مثلك قد وقع في مشکلة فعلیك أن تحزن إذا حزن و تفکّر في رفع مشکلته و تساعده بقدر طاقتك.

ثمّ إنّ جعفر بن محمّد الصادق (علیه‌السلام) قد نقل عن آبائه (علیهم‌السلام) أنّ أمیرالمؤمنین (علیه‌السلام) قال: إنّ رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) إذا رأی أحداً من المسلمین مکروباً فقد سعی أن یکشف عنه کربه فلذلك تفقّد منه و قال لماذا تحزن و ما مشکلتك لکي أرتفعها؟ لرسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) هذه الروحیّة. علکیم بهذه الروحیّة فإن کانت لدی أحد منکم مشکلة فقل إنّي سأرتفعها قدر طاقتي و ستحلّ- إن شاء الله- مشکلتك فإنّك أخي في الدین. إنّ رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) کان بالمؤمنین رؤوفاً رحیماً.

ثمّ إنّه قد ورد في زیارة مولانا الرضا (علیه‌السلام): «السَّلَامُ عَلَى الْإِمَامِ الرَّءُوفِ»[8] من صفاته (علیه‌السلام) أنّه رؤوف رحیم فإنّ صفتي الرؤوف و الرحیم من صفات الله و رسوله و الأئمّة (علیهم‌السلام). قال العلّامة الطباطبائيّ (أعلی‌الله‌مقامه‌الشریف): أئمّتنا (علیهم‌السلام) کلّهم رؤوفون لا الإمام الرضا (علیه‌السلام) فقط و لکن رأفته له ظهور أکثر. لذا کان یقول العلّامة الطباطبائيّ: إذا ورد الإنسان حرم الرضا (علیه‌السلام) أحسّ الرحمة و الرأفة و من یکون أهل المعنی و له دقّة فهو یعرف تلك الرأفة و الرحمة. لذا کان یقول بعض الأکابر: إن ذهبت إلی زیارة الحسین (علیه‌السلام) فاجزع و ابك و کذا في مشاهد سائر الأئمّة (علیهم‌السلام) و لکن إذا ذهبت إلی زیارة الرضا (علیه‌السلام) فلا تبك کثیراً و لا تجزع بل اضحك و اطلب کلّ ما یطلبه قلبك من الرضا (علیه‌السلام) و هو یجیب دعاءك و لا یکون هناك مکان البکاء و الجزع؛ أي المکان الذي فیه مشهد الرضا (علیه‌السلام) الذي ذاته الرأفة و الرحمة فلا حاجة إلی البکاء و الجزع بل إذا طلبت منه عن صمیم قلبك و إخلاصك و کلّمته فهو یعطیك کلّ ما تطلب منه (سلام‌الله‌علیه).

 

ثمّ إنّه قد نقل آیةالله الحائريّ الشیرازيّ قصّةً هو شاهدها، قال: قد خرجت من حرم الرضا (علیه‌السلام) ساعة الواحد و النصف من لیلة فإذاً بکلب قد وضع قدمیه علی الأرض أمام قبّة الرضا (علیه‌السلام) و قد رفع رأسه و هو ینظر إلی القبّة و الدمع جارٍ من عینه. و قد تعجّبت من هذه الصحنة و قلت في نفسي إنّ هناك قصّةً قطعاً فجلست مدّةً فوق مصطبة و نظرت إلیه حتّی تأتي سیّارة فوقفت أمام الکلب و أدخل الکلب في السیّارة فذهبتُ إلی السیّارة و قلت لصاحبها ما هي قصّة هذا الکلب و ما علّة إتیانك إلیه و ذهابك به؟ قال: إنّ لدینا حدیقةً في بلد مشهد الرضا (علیه‌السلام) قد کان هذا الکلب منذ سبعةعشر سنواتٍ حافظاً لها و لمـّا رأینا الکلب قد شیّب و لم یکن قابلاً للعمل، أتینا به إلی صحاری قوجان و رجعنا و وجدنا کلباً شابّاً و أتینا به حفظاً لحدیقتنا. ثمّ إنّي قد رأیت في منامي أنّي قد أردت أن أذهب لزیارة الرضا (علیه‌السلام) فسدّ طریقي خادم الحرم و لم یجز لي الورود فیه. قلت لماذا لم أتمکّن من الدخول في الحرم؟ قال: هذا سیّدنا و مولانا الرضا (علیه‌السلام) فأتِ به و اسأل عنه. ثمّ أتیت الرضا (علیه‌السلام) و قلت له أردت أن أزورك یا سیّدي و لکن خادمك قد منعني. قال الإمام الرضا (علیه‌السلام): ذاك الکلب قد خدمکم مدّة سبعةعشر سنین فلماذا أتیت به إلی الصحاری و ترکته فیها؟ ما هذا الذي فعلتموه؟ إنّي لم آذن لك الدخول إلی حرمي فلا تدخله. ثمّ بعد ذاك المنام أتینا إلی صحاری قوجان حتّی نجده و لکن کلّما نتبع أثره فلم نجده. ثمّ قلنا في أنفسنا إنّه یمکن أن یکون هذا إلهاماً من الله حتّی نأتي حرم الإمام الرضا (علیه‌السلام) و لعلّ الکلب قد أتی حرمه فوجدناه هنا جلس علی رکبتیه و یبکي. ثمّ ذهبوا بکلبهم باحترام إلی حدیقتهم.

إذا ذهبتم إلی زیارة الإمام الرضا (علیه‌السلام) فعلیکم أن تعلموا قدره و أنّه (علیه‌السلام) رحیم جدّاً و لا یؤیس أحداً من عنده. قل له (علیه‌السلام) کلّ حاجة و عمل و لو لم تبك فإنّه ستحلّ مشکلتك إن شاء الله- تعالی.

وفّقنا الله- تعالی- أن نتلبّس بصفتي الرؤوف و الرحیم.

 


[3] لا من جنس الملائکة.
[4] من فقرکم و حیرتکم و جهلکم و بؤسکم.
[5] أي حریص علی راحتکم و نجاتکم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo