< قائمة الدروس

درس حدیث استاد محسن فقیهی

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ التوکّل/ مصادیق التوکّل في القرآن الکریم

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث حول التوکّل و آثاره و نتائجه و قد ذکرنا معنی التوکّل و مباحث في هذا الصدد.

التوکّل في القرآن الکریم:

قد أوصی الله- تعالی- في القرآن المجید في موارد بالتوکّل؛ منها:

۱) عند اتّخاذ التصمیم (عند اتّخاذ القرار)

قال الله- تعالی- لرسوله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلّم) في موضوع التوکّل: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[1] .

ما المراد ممّن أمر الله رسولَه بأن ﴿شَاوِرْهُمْ﴾؟ هم العصاة الذین أمِرَ رسولُ الله بالاستغفار لهم و الذین لم یصیروا تامّین کاملین. قال- تعالی- شاورهم و لو لم یکونوا موافقین لك و لکن شاورهم. لا بأس بأن تشاورهم فاحترمهم و اطلب رأیهم و خذ آراء الجمیع. کن خیراً مع جمیعهم حتّی العصاة منهم، فإذا شاورت مع أهل الیمین و أهل الیسار و هذا و ذاك فاتّخذ التصمیم النهائيّ أنت نفسك. عندما ترید اتّخاذ التصمیم فمن المسلّم أنّك لا تستطیع اتّخاذ التصمیم حسب آراء الجمیع و أنظارهم و قد ینزعج البعض و یقول إنّه لم یسمع لنصحنا و لکن فاتّخذ أنت التصمیم و توکّل علی الله. و حیث احترمت الجمیع و طلبت رأیهم و اتّخذت التصمیم و توکّلت علی الله فلا یستطیع أعداؤك شيئاً.

یجب أن تکون هذه الآیة الشریفة عبرةً لنا و هو أنّا یجب علینا عند ما نکون في الإدارة أو المؤسّسة أو البیئة التي نحن فیها، أن نکون منتسقین مع الجمیع و نشاور و نتکلّم و لکن إذا عزمنا علی أمر فلنتوکّل علی الله و نجرِ ما عزمنا علیه. نعم ربّما لا یرضی بعض فلا بأس لأنّا لا نستطیع الجري علی طبق جمیع الآراء. هکذا في البیت فشاوِر مع زوجتك و ولدك و أجرِ ما یبدو في رأیك خیراً و توکّل علی الله و ستنجح إن شاء الله- تعالی.

۲) عند تآمر العدو

من الحالات الأخرى التي أمر القرآن الكريم فیها بالتوكّل على الله هي عندما يكون لك عدو. یمکن أن یکون لأحد أو حزب أو جماعة أو الإسلام أو المؤمنين أعداء. و العدوّ يريد أن ينفذ عداوته بالتآمر و المكر. قال الله- تعالى: ﴿وَ يَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَ اللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ[2] وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾[3] .

إنّ المنافقين إذا جاءوا النبيّ (صلّى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلّم) عظّموا في الظاهر و قالوا له نحن لك مطيعون و موقّرون و لکن لمـّا خرجوا من عنده بیّتوا غير ما قالوا عنده و عادوه- ترى هؤلاء الناس في مجتمعنا أيضاً- بينما الله يكتب كلّ ما یقولون في اجتماعاتهم. یا أيّها النبيّ أعرض عن هؤلاء المنافقين و توكّل على الله.

لذلك، فإنّ أحد الأشياء التي يجب أن نتوکّل علی الله فیها هو ما يتعلّق بالأعداء. الأعداء یصنعون العداوة و یمکرون و یحتالون و یریدون أن یخدعوا الناس و لکن علینا أن نعرض عنهم و نتوکّل علی الله و نقوم بأعمالنا.

۳) في الجهاد مع الأعداء

قال الله- تعالی: عندما تریدون القتال مع أعدائکم فیمکن أن یکونوا أقویاء عِدّةً و عُدّةً و لکن توکّلوا علی الله. قال: ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَ اللَّهُ وَلِيُّهُمَا[4] وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[5] .

إنّ رسول الله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلّم) قد أعلن بالجهاد و لکن هناك طائفتان قد فشلتا عن الجهاد و أرادا أن یرجعا و لکنّ الله أعانهما. إذا ذهب الإنسان إلی الله فسیساعده الله و یلین قلبه یقول له مثلاً الآن بعد أن وصلت إلی مقدّمة الجهاد فلماذا تعود؟ کن هنا و ساعِد. هناك أخطار کثیرة في الجبهة و لکن علی المؤمنین أن یتوکّلوا علی الله.

 


[2] و لا تخف ممّا یمکرون و یخطّطون.
[4] أي ناصرهم و معینهم علی التحوّل عن هذا الفکر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo