الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

قلنا إنّه ورد في الحديث «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْسِلُ نَاقَتِي وَ أَتَوَكَّلُ‌ أَوْ أَعْقِلُهَا وَ أَتَوَكَّلُ‌ قَالَ اعْقِلْهَا وَ تَوَكَّل».[2]

فعلیه معنی التوکّل هو أن يقوم الإنسان في کلّ عمل بالأمور المعقولة التي يجب عليه القيام بها و أن يتوکّل علی الله في ما ليس في يده.

قَالَ رَسُولُ‌اللَّه (صلّی‌الله‌علیه‌وآله)‌: «مَنْ‌ أَحَبَّ‌ أَنْ‌ يَكُونَ‌ أَقْوَى‌ النَّاسِ‌ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ- تَعَالَى‌».[3]

من أکثر توکّلاً علی الله فهو أقوی الناس. التوکّل علی الله یوجب القوّة؛ لأنّ الإنسان عندما يكون لديه توکّل فلا يخاف أحداً و يكون توکّله علی الله و لا يرى نفسه محتاجةً إلى الآخرين، بل الناس يحتاجون إليه. في اليوم الذي قد ذهبوا بالإمام الخمينيّ (ره) فلم یوجد أيّ خوف في قلبه من مأموري الحکومة نظراً إلی توکّله علی الله و كان المأمورون هم الذين كانوا يرجفون من الخوف. ما هي القوّة هذه؟ هذه هي قوّة التوکّل. قد أبان الإمام (ره) أنّه لا يخاف شيئاً، فلذا لدینا روایة: «لَو أنّ رجُلاً تَوَكَّلَ علَى اللّه بصِدقِ النِّيَّةِ لاحتاجَت إلَيهِ الاُمورُ مِمَّن دُونَهُ، فكَيفَ يَحتاجُ هُو و مَولاهُ الغَنيُّ الحَميدُ!»[4]

من آثار التوکّل أنّ المشاكل تصبح سهلةً على الإنسان. على سبيل المثال، إذا أراد شخص عمليّةً جراحيّةً في الدماغ أو عمليّةً في القلب و لديه وقت للعمليّة غداً، فلعلّه يغلب عليه الخوف و تُبَعثِرُ أعصابه من أنّه ما سيحدث غداً؟ و لكنّ الإنسان المتوکّل ينام بارتیاح و يقول: وجدت طبيباً متخصّصاً و ستُعمل العمليّة الجراحیّة و توکّلي علی الله فلا أشعر بأيّ حزن. یمکن أن أموت أو أعيش، مهما حدث فیکون توكّلي على الله. يقال إنّه في فترة كورونا مات بعض الناس بسبب الخوف من كورونا. إذا توکّل الإنسان علی الله، فسیصیر روحه قويّاً فلا يخاف و يقوم بعمله العقلائيّ و یتوکّل علی الله فيما ليس في يده. و لذلك قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام): «مَنْ تَوكَّلَ عَلَى اللّه هانَتْ لَهُ الصِّعابُ وَ تَسَهَّلَتْ عَلَيْهِ الأَسْبابِ»[5] . و قال أيضاً: «مَن تَوكَّلَ علَى اللّه أضاءَت لَهُ الشُّبُهاتُ»[6] و من يتوكّل على الله فستستنیر له (ظلمة) الشبهات.

المتوکّل علی الله فلا يشكّ باستمرار و لا یتردّد. و لکن لا یزال بعض الناس في الشكّ و التردید فیؤخّرون أعمالهم و لا يقومون بها. و لكنّ المتوکّلین يقومون بواجبهم و يتوكّلون على الله في باقي الأعمال.

قال أمير المؤمنين عليّ (عليه‌السلام): «لَيسَ لِمُتَوَكِّلٍ عَناءٌ»[7] .

المتوکّل علی الله لا یری عناءً إذ یقوم بواجبه و یکون توكّله على الله. قال الامام الخمینيّ (ره): عندما يأمر الطبيب فواجبي الشرعّي هو أن أتبع أمره و أترك ‌الباقي على الله.

من الواجبات الشرعيّة أنّ الطبيب و المتخصّص إذا أمر، فمن اللازم أن يُعمل بأمره. الآن هناك بعض الأشخاص یُلقون الدواء أو يتناولونه في يوم من الأيّام و لا يتناولونه في اليوم التالي، لكن الإمام الراحل (ره) كان يرى أنّ واجبنا الشرعيّ هو العمل بأمر الطبيب. نعم إذا كان لدى الإنسان علم مخالف لأمر الطبيب فهو أمر آخر و لكن من الطبيعيّ أن يُتبع أمرُ الطبيب و يتوكّل على الله.