< قائمة الدروس

درس حدیث استاد محسن فقیهی

45/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/الإیمان/التوکّل علی الله

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في شکر النعم الإلهیّة. یجب علی کلّ إنسان أن یکون شاکراً لأنعم الله- تعالی. قال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾[1] العذاب علی من کفر بالنعمة و علینا أن نکون من الشاکرین لأنعم الله- تعالی.

التوکّل علی الله

من المباحث المهمّة لعموم الناس، لا سیّما للطلّاب و العلماء و الذین هم یترابطون بمولانا صاحب الزمان علیه السلام و یجب الالتفات به، هو التوکّل علی الله. قد أوصی الله- تعالی- في القرآن بالتوکّل قریباً من سبعین مرّةً. نعم یجب أن یکون التوکّل مع الإیمان فلذا قال- تعالی: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَ إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾[2]

و قال- تعالی- أیضاً: ﴿وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[3] .

آثار التوکّل:

1) تقویة الإرادة:

قال رسولُ اللّهِ صلی الله علیه و آله: «مَن سَرَّهُ أن يَكونَ أقوَى النّاسِ فلْيَتَوكَّلْ علَى اللّه» [4] .

التوکّل علی الله یوجب تقویة إرادة الإنسان.

2) الیقین:

قال امیرالمؤمنین علیه السلام: «في التَّوكُّلِ حَقيقَةُ الإيقانِ».[5]

الیقین مقام ذوي الرتب العالیة

من أعلی مراتب الإنسان الیقین. قد نقول مطالب بألسنتنا و لیست في قلوبنا حقیقتها. قیل في ما أثني علی آیةالله البروجردي رحمه الله: إنّه مؤمن و موقن بالآخرة. نحن نقول أیضاً إنّا مؤمنین موقنین و التفوّه بهذا المطلب سهل و لکنّ الإنسان إذا أیقن بشيء فقد التزم بلوازمه، فإذا علم أنّ هنا ناراً فلن یدخلها و إذا علم أنّ جزاء هذا العمل النار فلن یعمله. إذا رأینا أنّا نخطئ و نعصي و نمشي في طرائق الانحراف فهو لما نحن علیه من عدم الیقین الواقعي. لعلّ اعتقادنا لیس بصورة تنبغي لنا ثمّ اعتذرنا بأنّه لعلّ الله سیغفر لنا و إلّا فإن کان هنا یقین واقعاً فلن یرتکب الإنسان خلافاً، فالخلاف الموجود فهو بسبب عدم الیقین.

قال اميرالمؤمنين علیه السلام:

اَوْحَى اللّه ُ اِلى داوُودَ: يا داوُودُ! تُريدُ وَ اُريدُ وَ لا يَكُونُ اِلّا ما اُريدُ، فَاِنَ اَسْلَمْتَ لِما اُريدُ اَعْطَيْتُكَ ما تُريدُ وَ اِنْ لَمْ تُسْلِمْ لِما اُريدُ اَتْعَبْتُكَ فيما تُريدُ وَ لا يَكُونُ اِلّا ما اُريدُ.[6]

کیف ینبغي أن یکون التوکّل و سعي الإنسان؟

أحياناً تكون هناك انطباعات خاطئة حول التوکّل علی الله- تعالی. قیل (مثلاً): إذا كان هناك التوکّل فالسعي لماذا؟ هل يجب أن نسعی أم لا؟ كم يجب أن نسعی؟ إذا كانت الإرادة هي الإرادة الإلهيّة فماذا نفعل؟ هل إرادتنا في عرض الإرادة الإلهيّة أم في طولها؟ كيف يجب أن نسعی؟

و بحسب قول الله- تعالی: ﴿لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾[7] و من جهة أخرى علينا أن نتوکّل علی الله، لأنّ ما هي مشيئة الله تتحقّق و نحن الذين لا نعرف ما هي إرادة الله؟ ولكنّنا نبذل جهدنا و نتوكّل على الله- تعالی- و نقول إن حدث فقد حدث و إن لم یحدث فلا. لقد بذلت قصارى جهدي، طفلي هذا مريض (مثلاً) فأذهب إلی الطبيب و أقوم باستعمال الدواء و جمیع الأعمال و توكّلي على الله- تعالی- و أنّ ما شاء الله سيكون؛ لأنّني لا أعرف ما هي مشيئة الله، لذلك أبذل جهدي حتّى يتمّ شفاء هذا الطفل أو أسعی (مثلاً) في حلّ مشكلة السكن و مشكلة معیشتي. لكلّ مشاكل الحياة أبذل قصارى جهدي لأنّي لا أعلم مشيئة الله- تعالی- فتوكّلي على الله و أقول: ﴿لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ﴾[8] اللهمّ إنّه سیتمّ فعل ما ترید أن یُفعل.

تعریف التوکّل:

و التوكّل هو الثقة القلبيّة علی الله- تعالی- في الأفعال.

يجب أن تكون لدينا ثقة قلبيّة بالله- تعالی- في أعمالنا. قد تواجه في بعض الأحيان مشاكل في حياتك و لدیك التوکّل علی الله- تعالی- و تقول إنّ الله- تعالی- سيحلّها. أنا نفسي أواجه أحيانًا مشاكل و لا أعلم ماذا أفعل مع هذه المشاكل؟ ثمّ أتفکّر حتّی أجد طریقاً لحلّها. قد يحدث أحياناً أن يكون هذا اليوم، یوم الآخر و يجب دفع المبلغ المطلوب و لكن لا يوجد مال اليوم، فماذا أفعل؟

قد یضعف توکّل الإنسان، فلا يستطيع النوم لمدّة عشرة أيّام و لا ترتاح أعصابه. يريد أن ينام و لا يستطيع لأنّه مدين و ماء وجهه في خطر فماذا يفعل؟

لكن هناك شخص آخر یسعی في حلّ المشكلة، لكنّه لا يحزن و و هو مرتاح و ينام براحة تامّة في الليل. ينام على الساعة و يستيقظ على الساعة فيصلّي صلاة الليل و يدعو الله- تعالی- في أن يحلّ مشكلته. لذلك فهو يبذل جهده و یدعو و يفعل كلّ شيء بشكل صحيح و هو مرتاح.

يجب أن تبذل جهدك و تعمل كلّ ما في وسعك حتّی تحلّ المشکلة و أیضاً یجب أن یکون لدیك أیضاً التوکّل علی الله- تعالی- و الارتیاح.

تعریف التوکّل من مرآی العلّامة الطباطبائي رحمه الله:

قال المرحوم العلّامة الطباطبائيّ في شرح الرواية السابقة في تعريف االتوکّل: ينبغي للإنسان أن تکون لدیه الثقة و هدوء القلب في العمل. و هو يعني أنّه بينما تعمل أنت بجدّ و تفعل الأشياء بشكل صحيح، فإنّ لدیك الارتیاح و هدوء القلب. الفكر و الجهد جيّدان و عليك أن تسعی و لكن أيضاً فلیکن لدیك اطمئنان النفس و التوکّل علی الله- تعالی. إذا لم يكن هناك هدوء القلب بل كان هناك أرَق و حزن و انزعاج و قلق، فهذه علامة ضعف التوکّل علی الله- تعالی.

أنتم الطلاّب و الفضلاء الذين لديکم مشاكل معيشيّة كثيرة، تسعون في حلّ هذه المشاكل و لدیکم أیضاً الطمأنینة فهذه علامة التوکّل. فأبشر إن کانت لديك الطمأنینة. إذا کنت تعرّضت (مثلاً) للتصادم أو مرض طفلك أو كان عليك دین و ما إلى ذلك و في نفس الوقت تشعر بالطمأنینة، فهذه هي التوکّل علی الله- تعالی.

إذا كنت تريد تعطیل عملك و دراستك بسبب المشاكل و أن تبعثر أعصابك و تحزن و تبكي و تتشاجر مع زوجتك و أولادك، فهذا يدلّ على أنّك لا تنعم براحة البال و أنّ توکّلك علی الله ضعیف.

و كان للإمام ؟رضوت؟ هذا التوکّل و الطمأنینة. قد انتقل الإمام الراحل إلى السجن، لكنّه في الوقت نفسه كان ذا هدوء. ثمّ إنّه ؟رضوت؟ کان هادئاً حال کونه في طیّارة (کانت عائدةً إلى إيران و كانت الطائرة معرضةً لخطر الاستهداف). و في كلّ الأحوال كان هادئاً و يسعى إلى أداء واجبه الديني. و هذه علامة التوکّل علی الله- تعالی.

 

فعلی هذا فالتوکّل أمر قلبيّ و لیس لسانیّاً حتّی تقول بلسانك أنّي أتوکّل علی الله. یمکن أن یقول إنسان «أتوکّل علی الله-تعالی» مأة مرّة و لکن أعصابه غیر مهدوئة. یجب علی الإنسان أن یکون الهدوء في قلبه. إذا کان عند إنسان التوحید الصحیح، أمکن له التوکّل علی الله- تعالی- أیضاً. و لکن إذا ضعف توحیده و اعتقاده بالله- تعالی- ضعف توکّله أیضاً فیبتغي غیر الله- تعالی- و هو یوجب الاضطراب و القلق.

و لقد جاءت في روایة:

«عَنْ‌ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ‌ علیه السلام قَالَ‌: اشْتَدَّتْ‌ حَالُ‌ رَجُلٍ‌ مِنْ‌ أَصْحَابِ‌ النَّبِيِّ‌ صلی الله علیه و آله فَقَالَتْ‌ لَهُ‌ امْرَأَتُهُ‌ لَوْ أَتَيْتَ‌ رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ صلی الله علیه و آله فَسَأَلْتَهُ‌ فَجَاءَ‌ إِلَى النَّبِيِّ‌ صلی الله علیه و آله فَلَمَّا رَآهُ‌ النَّبِيُّ‌ صلی الله علیه و آله قَالَ‌ مَنْ‌ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ‌ وَ مَنِ‌ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ‌ اللَّهُ‌ فَقَالَ‌ الرَّجُلُ‌ مَا يَعْنِي غَيْرِي فَرَجَعَ‌ إِلَى امْرَأَتِهِ‌ فَأَعْلَمَهَا فَقَالَتْ‌ إِنَّ‌ رَسُولَ‌ اللَّهِ‌ صلی الله علیه و آله بَشَرٌ فَأَعْلِمْهُ‌[9] فَأَتَاهُ‌ فَلَمَّا رَآهُ‌ رَسُولُ‌ اللَّهِ‌ صلی الله علیه و آله قَالَ‌ مَنْ‌ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ‌ وَ مَنِ‌ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ‌ اللَّهُ‌ حَتَّى فَعَلَ‌ الرَّجُلُ‌ ذَلِكَ‌ ثَلاَثاً ثُمَّ‌ ذَهَبَ‌ الرَّجُلُ‌ فَاسْتَعَارَ مِعْوَلاً ثُمَّ‌ أَتَى الْجَبَلَ‌ فَصَعِدَهُ‌ فَقَطَعَ‌ حَطَباً ثُمَّ‌ جَاءَ‌ بِهِ‌ فَبَاعَهُ‌ بِنِصْفِ‌ مُدٍّ مِنْ‌ دَقِيقٍ‌ فَرَجَعَ‌ بِهِ‌ فَأَكَلَهُ‌ ثُمَّ‌ ذَهَبَ‌ مِنَ‌ الْغَدِ فَجَاءَ‌ بِأَكْثَرَ مِنْ‌ ذَلِكَ‌ فَبَاعَهُ‌ فَلَمْ‌ يَزَلْ‌ يَعْمَلُ‌ وَ يَجْمَعُ‌ حَتَّى اشْتَرَى مِعْوَلاً ثُمَّ‌ جَمَعَ‌ حَتَّى اشْتَرَى بَكْرَيْنِ[10] ‌ وَ غُلاَماً ثُمَّ‌ أَثْرَى حَتَّى أَيْسَرَ فَجَاءَ‌ إِلَى النَّبِيِّ‌ صلی الله علیه و آله فَأَعْلَمَهُ‌ كَيْفَ‌ جَاءَ‌ يَسْأَلُهُ‌ وَ كَيْفَ‌ سَمِعَ‌ النَّبِيَّ‌ صلی الله علیه و آله فَقَالَ‌ النَّبِيُّ‌ صلی الله علیه و آله قُلْتُ‌ لَكَ‌ مَنْ‌ سَأَلَنَا أَعْطَيْنَاهُ‌ وَ مَنِ‌ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ‌ اللَّهُ‌».[11]

ولو أنّ النبيّ صلی الله علیه و آله قد حلّ مشكلة ذلك الشخص في اليوم الأوّل لكانت مشكلته قد حلّت في ذلك اليوم، لكنّها لا تحلّ دائماً، و سيواجه الرجل المشاكل مرّةً أخرى في الأيّام التالية. و لذلك ينبغي على الإنسان أن يتوكّل على الله- تعالی- و یسعی أن يعمل بنفسه على حلّ مشكلته.


[9] . هذا من قلّة إیمان المرأة حیث أقاس النبيّ ؟صلم؟ بالناس (معرّب).
[10] . البكر بالفتح من الإبل بمنزلة الغلام من الناس و الأنثى: بكرة.
[11] . الکافي (الإسلامیّة)، المجلّد2، الصفحة139.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo