< قائمة الدروس

الحدیث الأستاذ محسن الفقیهی

44/07/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: جنود العقل و الجهل/ الإیمان/ العدل و الظلم/ الظلم

خلاصة الجلسة السابقة: کان البحث في الجلسة السابقة حول العقل و العدل و بیّنّا جوانب العدل و قیل: إنّ عدل ساعة أفضل من عبادة ستّین سنةً.

 

نتکلّم هذه الجلسة حول بحث الظلم:

قال الإمام الباقر (علیه‌السلام): «اَلظُّلْمُ ثَلاَثَةٌ ظُلْمٌ يَغْفِرُهُ اَللَّهُ عَزَّوَجَلَّ وَ ظُلْمٌ لاَ يَغْفِرُهُ وَ ظُلْمٌ لاَ يَدَعُهُ ...».[1]

هذه الروایة تکون قبال روایة العدل التي ذکرناها. من لا عدل له فهو ظالم.

قال الباقر (علیه‌السلام) الظلم ثلاثة:

    1. ظُلْمٌ يَغْفِرُهُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ؛

    2. وَ ظُلْمٌ لاَ يَغْفِرُهُ؛

    3. ظُلْمٌ لاَ يَدَعُهُ؛

قال (علیه‌السلام) في امتداد کلامه: «فَأَمَّا اَلظُّلْمُ اَلَّذِي لاَ يَغْفِرُهُ فَالشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَمَّا اَلظُّلْمُ اَلَّذِي يَغْفِرُهُ اَللَّهُ فَظُلْمُ اَلرَّجُلِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَ أَمَّا اَلظُّلْمُ اَلَّذِي لاَ يَدَعُهُ فَالْمُدَايَنَةُ بَيْنَ اَلْعِبَادِ.[2]

الظلم الذي لا یُغفر هو الشرك بالله و الظلم الذي یُغفر هو ظلم الإنسان بینه و بین ربّه، لم یظلم أحداً بل ظلم نفسه مثل أن قد شرب الخمر أو ارتکب الزنا و هو ذنب عظیم، فإنّه قد ظلم نفسه و لکن إذا تاب غفر الله له. و قوله (صلّی‌الله‌علیه‌وآله) «التَّائِبَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»[3] صادق حیث لم یظلم أحداً غیره.

و أمّا الظلم الذي لا یدعه الله هو حقوق الناس بعضهم لبعض. هذا الظلم لا یُغفر بالتوبة و الاستغفار و الصلاة و البکاء. علی الإنسان أن یجیب یوم القیامة بالنسبة إلی ظلمه الناس و جوابه النار إلّا أن تجلب رضایة المظلوم في الدنیا.

مصادیق الظلم:

ثمّ إنّ الإنسان یظنّ أنّ کثیراً من أعماله التي ارتکبها لیست ظلماً أبداً؛ بینا أنّها ظلم و هو لا یعلم. فلوضوح أنّه مَن الظالم؟ و علی مَن یصدق الظالم؟ نراجع الروایات:

«عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ‌اَلسَّلاَمُ) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مِنْ أَشَدِّ اَلنَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلاً وَ عَمِلَ بِغَيْرِهِ»[4] ؛ أي لم تکن حیاته و أعماله علی العدل و لکنّه یتکلّم عن العدالة و هو قد یغتاب و یکذب و یرتکب الخلاف. أمّا الذین لا یعملون بالعدل و لا یدّعون العدالة فعذابهم لیس بهذه الشدّة و الذین یتکلّمون عن العدالة و یعملون خلافها فلهم عذاب شدید.

قال امیرالمؤمنین (علیه‌السلام): «فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الْأَشْیَاءِ فِی التَّوَاصُفِ وَ أَضْیَقُهَا فِی التَّنَاصُفِ»[5] یعني (علیه‌السلام) أنّ الحقّ في مرحلة البیان أوسع الأشیاء و کلّ یدافعون عنه؛ و لکن في مرحلة العمل أصعب الأشیاء و أشدّها تعقیداً. الحقّ و العدالة في القول من أسهل الأشیاء، فإنّ بعض الناس یتکلّم في کلّ یوم مرّاتٍ متعدّدةً عن العدالة و کذا سلاطین الجور و کلّ الحکومات یتکلّمون عن العدالة و لکن إذا حان وقت العمل فهم مبعدون عنها.

 

مَن الظالم؟ هل الظالم هو الذي یقتل الناس؟

ثمّ إنّه قد روي: «قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى‌اَللَّهُ‌عَلَيْهِ‌وَآلِه):ِ مَن مَشى مَع ظالِمٍ لِيُعِينَهُ و هُو يَعلَمُ أنّهُ ظالِمٌ فقد خَرَجَ مِن الإسلامِ»[6] ؛ و لمـّا لا یکون مسلماً فهو یصاحب الظالم.

﴿ وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَىٰ وَ لَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[7] ؛ الإثم هو المعصیة و هي فيما بین العبد و بین الله- تعالی- و العدوان هو الظلم و التعدّي علی الآخرین و هو فيما بین العبد و بین سائر الناس.

قال عليّ بن حمزة: کان لي صدیق و هو من عمّال بني أمیّة (لعنهم‌الله) و أخذ مواجبه من الحکومة و کان في یسر. أتیتُ به إلی أبي عبدالله الصادق (علیه‌السلام). قال للإمام (علیه‌السلام): إنّي منذ بدایة هذه الحکومة من عمّالها و ادّخرت من هذا الطریق ثروةً. قال (علیه‌السلام) له: لولا أمثالك لما استطاع بنو أمیّة أن یصیروا حاکمین. صحیح أنّك لا تکون من أعظم أفراد الحکومة و لکنّك تعمل أعمالاً نافعةً لهم. إنّك و أمثالك ستحشرون معهم و مأواکم النار. قال صدیقي: ماذا یجب أن أفعل؟ قال (علیه‌السلام): إن أریتك طریق الخلاص فأنت من العاملین؟ قال: نعم إنّي عامل. قال (علیه‌السلام) علیك أن تردّ أموال الناس إلیهم إن عرفتهم و إلّا تعرفهم فتصدّق عنهم؛ فإن تفعل فإنّي أضمن لك الجنّة. قال عليّ بن حمزة: خرجنا من حضرته و صدیقي هذا قد أنفق جمیع ماله حتّی ثیابه الذي کان علی بدنه. ثمّ إنّي قد اشتریت له ثیاباً و ساعدته علی نفقته حتّی یقدر علی الحیاة. فإذا جاء أجله و أنا جالس عند رأسه قال لي: إنّ الإمام الصادق (علیه‌السلام) قد وفی بما ضمنه و أنا الآن أری مکاني في الجنّة؛ إنتهی.

علینا أن نلتفت أنّ إثم الإعانة هکذا و لا یجوز أن نکون عوناً للظالم و لو للحظة. وفّقنا الله- تعالی- أن لا نکون من الظالمین و لا المعاونین لهم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo