< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/04/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع: المکاسب المحرمة/ معونة الظالمین/ حکم معونة الظالمین تکلیفا

و منها: [1] ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ[2] عَنْ بَشِيرٍ[3] عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ[4] قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ لَهُ(ع): أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَ الرَّجُلَ مِنَّا الضَّيْقُ أَوِ الشِّدَّةُ، فَيُدْعَى إِلَى الْبِنَاءِ يَبْنِيهِ أَوِ النَّهَرِ يَكْرِيهِ‌[5] أَوِ الْمُسَنَّاةِ[6] يُصْلِحُهَا، فَمَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): «مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً أَوْ وَكَيْتُ لَهُمْ وِكَاءً[7] وَ إِنَّ لِي مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا وَ لَا مَدَّةً[8] بِقَلَمٍ، إِنَ‌ أَعْوَانَ‌ الظَّلَمَةِ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ فِي‌ سُرَادِقٍ‌ مِنْ نَارٍ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَاد». [9]

ذکرها بعض الفقهاء.[10]

أقول: قد سبق البحث فیها، فراجع.

و منها: عَنْهُ[11] عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ[12] عَنِ ابْنِ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ الْكَاهِلِيِّ[13] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: «مَنْ‌ سَوَّدَ اسْمَهُ‌ فِي‌ دِيوَانِ‌ وُلْدِ سَابِعٍ‌[14] حَشَرَهُ‌ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِنْزِيراً». [15]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[16]

أقول: قد سبق البحث فیها، فراجع.

و منها: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ[17] قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ[18] عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ[19] عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ[20] عَنِ السَّكُونِيِّ[21] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) عَنْ أَبِيهِ(ع) قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ(ص): «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَ أَعْوَانُهُمْ وَ مَنْ لاط [لَاقَ‌] لَهُمْ دَوَاةً وَ رَبَطَ كِيساً أَوْ مَدَّ لَهُمْ مرة [مَدَّةَ] [22] قَلَمٍ، فَاحْشُرُوهُمْ مَعَهُمْ». [23]

إستدلّ بها بعض الفقهاء.[24]

أقول: قد سبق البحث فیها، فراجع.

الدلیل الثالث: أنّ مقتضى القواعد حرمة الإعانة ... أو عدّه من أعوانهم إذا كان سبباً لظلمهم أو لدوامه[25]

أقول: الدلیل هو الأدلّة الدالّة علی حرمة الإعانة علی الإثم و علی الظلم و قد سبقت. و هکذا الأدلّة الدالّة علی النهي عن کونهم من أعوان الظلمة و قد سبقت. و هکذا الأدلّة الدالّة علی وجوب رفع المنکر و دفعه و حسم مادّة الفساد التي سبقت في المباحث السابقة، خصوصاً الظلم الذي هو من أعلی مصادیق الفساد و المنکر و الآیة الشریفة ﴿و لا ترکنوا إلی الذین ظلموا﴾.

تذنیب: في الاستثناء للتقیّة و الخوف و الضرورة

قال الشیخ البحراني: «يجب أن يستثني من ذلك ما إذا ألجأته ضرورة التقيّة و الخوف؛ فإنّ الضرورات تبيح المحظورات».[26]

و قال السیّد الطباطبائيّ(رحمه الله): «الأحوط تركها[27] مطلقاً إلّا لتقيّة أو ضرورة».[28]

و قال السیّد العامليّ(رحمه الله): «ما كان من الإعانة لا بقصدها[29] و لا مستلزماً لشي‌ء ممّا ذكرنا، بل دعا إليه الضيق و الشدّة، فليس بحرام، بل يكره لمشابهته الإعانة، كما نبّه عليه خبر ابن أبي يعفور، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ لَهُ(ع): أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَ الرَّجُلَ مِنَّا الضَّيْقُ أَوِ الشِّدَّةُ، فَيُدْعَى إِلَى الْبِنَاءِ يَبْنِيهِ أَوِ النَّهَرِ يَكْرِيهِ‌[30] أَوِ الْمُسَنَّاةِ[31] يُصْلِحُهَا، فَمَا تَقُولُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع): «مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً أَوْ وَكَيْتُ لَهُمْ وِكَاءً[32] وَ إِنَّ لِي مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا وَ لَا مَدَّةً [33] بِقَلَمٍ إِنَّ‌ أَعْوَانَ‌ الظَّلَمَةِ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ فِي‌ سُرَادِقٍ‌ مِنْ نَارٍ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَاد»[34] فقوله(ع): «لا أحبّ» ظاهر في الكراهة. و أمّا ما ذكر في ذيل الخبر من التعليل، فيحتمل أن يكون المراد من ذكره بيان خوف الاندراج في أفراد مصداقه ... . إنّه لا ريب في جواز إعانة سلاطين الجور للتقيّة و الضرورة».[35]

و قال ابن کاشف الغطاء(رحمه الله): «تستحبّ إعانتهم و القرب إليهم لقصد دفع أذاهم و تقليل ظلمهم و فكّ الحبيس منهم و إطلاق الأسير من أيديهم و حفظ الأموال المعتصمة منهم، فتندب معاشرتهم و السلوك معهم و إظهار مودّتهم؛ كي يقول: رحم الله جعفر بن محمّد ما أحسن ما كان يؤدّب أصحابه) و هذا يعمّ سائر الفرق و لكن يختصّ فرقة المخالفين بندب تقيّتهم و مخالطتهم بالمعروف و الإحسان إليهم و إن لم يكن التقيّة قائمةً في الحال».[36]

و قال السیّد الخوانساريّ(رحمه الله): «في غير جهة الظلم‌ فلا إشكال في أنّه لا حرمة في إعانتهم في حفظ النفس من جهة الإسلام و الإيمان حيث أنّه لا إشكال في وجوب حفظ النفس المحترمة».[37]

أقول: قد بیّنّا التکلیف السیاسيّ للأمّة الإسلاميّة تجاه الحکومات الجائرة. یمکن أن تحدث أحکام ثانويّة توجب أو تجوّز الإعانة لحکومة الجور، تقیّةً کانت أو ضرورةً أو لوجود تدابیر أخری قد عملها أحد. قد قبل الإمام الرضا(ع) نیابة الملك مع شرائط و تمهیدات. هذه هي العناوین الثانويّة من الاضطرار و التقيّة و التدابیر الخاصّة التي یؤخذ بها في بعض الأحیان.

إعانة سلاطین أهل الحق

قال کاشف الغطاء(رحمه الله): «الظاهر أنّ الذي أمرنا بزيادة التنفّر عنهم باطناً و شدّة التباعد عنهم و لا نحبّ بقائهم بل نحبّ فنائهم هم أهل الباطل. و أمّا من كان من أهل الحقّ و إن حصل منه ظلم فلا تشمله الأخبار؛ لأنّ ظاهرها إرادة من كان من الظلمة في أيّام صدور الأخبار عن الأئمّة الأطهار(علیهم السلام) و يظهر من إمعان النظر في الأدلّة إنّ المعونة على ظلم الناس ليست كحال المعونة على باقي المعاصي حيث إنّ الإعانة على‌ الظلم و إن كانت غير مستلزمة لحصوله و في غيره الأمر أيسر من ذلك، كما لا يخفى».[38]

و قال الشیخ النجفيّ(رحمه الله): «سلاطين أهل الحق، فالظاهر عدم الكراهة في إعانتهم على المباحات؛ لكن لا على وجه يكون من جندهم و أعوانهم، بل لا يبعد عدم الحرمة في حبّ بقائهم، خصوصاً إذا كان لقصد صحيح من قوّة كلمة أهل الحقّ و عزّهم».[39]

قال بعض الفقهاء (حفظه الله) ذیل هذا الکلام: «مراده ظاهر لا سترة عليه، فهو ناظر إلى الأزمنة التي كان بقائهم بقاء للطائفة المحقّة و لم يقدر أهل الحقّ على تأسيس حكومة عادلة من جميع الجهات».[40]

قال سبط کاشف الغطاء(رحمه الله): «الذي يظهر أنّ الذين أمرنا بزيادة التنفّر منهم و التباعد عنهم و ألّا نحبّ بقاءهم و أن نحبّ فناءهم هم أهل الباطل. و أمّا من كان من أهل الحقّ و إن حصل منه ظلم لا تشمله الأخبار. و الظاهر أنّ الأخبار المتقدّمة محمولة على الكراهة، كما يقضي‌ بذلك قوله(ع): «لا أحبّ أنّي عقدت لهم عقدةً أو وكيت لهم وكاءً»[41] في حقّ سلاطين الجور أيضاً من المخالفين و هم الذين كانوا في زمن صدور الأخبار. و أمّا سلاطين أهل الحق، فالظاهر عدم كراهة إعانتهم على المباحات. و عدم كراهة الأعمال المباحة لهم، لكن لا على وجه يعدّ من أعوانهم و مقوّية سلطانهم، بل لا يبعد عدم الحرمة في حبّ بقائهم، خصوصاً إذا كان بقصد صحيح؛ كإعلاء كلمة أهل الحقّ و عزهّم».[42]

تنبیهات

التنبیه الأوّل: حكم حبّ بقائهم و الرضا بأعمالهم

صرّح بعض الفقهاء بحرمة حبّ بقاء الظالمین.[43] [44] [45]

قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «ليعلم أنّه يطلق الحبّ بالنسبة إلى الأعمال قبلها غالباً و الرضا بعدها. و الذي يظهر من رواية صفوان السابقة: «فمن أحبّ بقائهم فهو منهم و من كان منهم ورد النار»[46] و من مرفوعة سهل بن زياد[47] و ممّا رواه عياض[48] و غير ذلك أنّ محبّة بقائهم حرام»، (إنتهی ملخّصاً).[49]

التنبیه الثاني

قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «كلّما كان الظالم أشدّ ظلماً، كانت معونته أكثر عقوبةً، فمن أعان ظالماً في أمر بسيط لا يضاهي من أعان قطّاع الطريق و أشدّ منه من يعين حكّام الجور و أشدّ من الجميع من يعين غاصبي الولاية الحقّة الإلهيّة من أهلها». [50]

التنبیه الثالث

إنّ الموظّفين في الدولة هل هم من أعوان الظلمة أو لا؟ و الجواب: أنّهم ليسوا بكافّة طبقاتهم من أعوانهم. نعم ممّن كان منهم يعانوا الظالمين في ظلمهم كانوا من أعوانهم و آثمين و دعوى: أنّ مثله بما أنّه يعدّ من أعوانهم و المنسوبين إليهم، فلذلك تحرم عليه معونتهم حتّى في الأمور المباحة مدفوعة بأنّ المحرّم عليه إنّما هو معونتهم في تطبيق ظلمهم و تنفيذه خارجاً و في ممارستهم لارتكاب المحرّمات، لا مطلقاً. [51]


[1] عليّ بن إبراهيم [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عن أبيه‌ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی].
[2] محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[3] هاشم بن سالم: إماميّ ثقة.
[4] عبد الله بن أبي یعفور: إماميّ ثقة.
[5] أي: کریت النهر.
[6] أي: ما يُبنى للسَيْل لِيَرُدَّ الماء.
[7] أي: الخيط الذي تشدّ به الصّرّة و الكيس و غيرهما.
[8] المدّة_ بالفتح_ غمس القلم في الدواة مرّةً للكتابة.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص107. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[11] محمّد أحمد بن یحیی بن عمران الأشعري: إماميّ ثقة.
[12] یعقوب بن یزید الأنباري: إماميّ ثقة.
[13] مهمل.
[14] قلب عبّاس.
[15] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص329. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود ابن بنت الولید بن صبیح الکاهليّ في سندها و هو مهمل).
[17] محمّد بن الحسن بن أحمد بن الولید: إماميّ ثقة.
[18] إماميّ ثقة.
[19] إماميّ ثقة.
[20] عبد الله بن المغیرة: البجلي: إماميّ ثقة من أصحاب‌ الإجماع‌.
[21] إسماعيل بن أبي زياد السكوني‌ الشعیري: عامّي، ثقة علی الأقوی.
[22] المدّة_ بالفتح_ غمس القلم في الدواة مرّةً للكتابة.
[27] معونة الظالمین.
[29] تكثير سواد أو تعظيم شأن أو إيهام أنّ الظالمین على الحق.
[30] أي: کریت النهر: إذا حفرته.
[31] أي: ما يُبنى للسَيْل لِيَرُدَّ الماء.
[32] أي: الخيط الذي تشدّ به الصّرّة و الكيس و غيرهما.
[33] المدّة_ بالفتح_ غمس القلم في الدواة مرّةً للكتابة.
[34] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص107. عليّ بن إبراهيم [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عن أبيه‌ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی]. عن ابْنُ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ بَشِيرٍ [هاشم بن سالم: إماميّ ثقة] عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ [عبد الله بن أبي یعفور: إماميّ ثقة] (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[41] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص107. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی).
[47] ذکرت في المقام الأوّل.
[48] الصحیح: فضیل بن عیاض. ذکرت في المقام الأوّل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo