< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المکاسب المحرمة/ معونة الظالمین/ حکم معونة الظالمین تکلیفا

 

دفع الإشکال

قال السیّد اللاريّ (رحمه الله): «فيه نظر؛ لأعمّيّته من الكراهة، فيحمل على خصوص الحرمة؛ لنصوصها الخاصّة تقديماً للخاصّ على العامّ و الأظهر على الظاهر، خصوصاً بعد تعليل «ما أحبّ» بقوله: «إنّ أعوان الظلمة ... إلخ». [1]

إشکال في الدفع

إنّ التعبير فيها بقوله(ع): «ما أحبّ» لا دلالة فيه على الحرمة و ما في ذيلها «من أنّ أعوان الظلمة يوم القيمة في سرادق من النار» لا يصلح أن يكون قرينةً على الحرمة؛ لأنّ الشخص لا يدخل بالمفروض في الرواية في عنوان أعوان الظلمة، فيكون ذكره باعتبار أنّه ربما يترتّب_ على التقرّب إلى أبوابهم بمثل ما ذكر من الأعمال_ الدخول في ذلك العنوان الموجب لاستحقاق النار. [2]

ردّ الإشکال الأوّل

إنّ قوله: «ما أحبّ» لا تنافيه الحرمة لغةً. و ظهوره في الكراهة في زماننا لا يقتضيه في زمان الشارع. و الأصل تأخّره مع أنّ مقتضى التعليل المعقّب له الحرمة و عدم ظهور بعضها في الحرمة لا يوجب خروج الباقي عن الظهور. [3]

و قال الإمام الخمینيّ (رحمه الله): «القول بأنّ «ما أحبّ» لا يدلّ على الحرمة، بل يدلّ على الكراهة، ضعيف جدّاً و إن قال به الشيخ الأنصاريّ فإنّ قوله: «إنّ أعوان الظلمة» كبرى كلّيةً و بمنزلة تعليل لما تقدّم، فكيف يصحّ الحمل على الكراهة؟ فهو كقوله_ تعالى: ﴿إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتٰالٍ فَخُور﴾[4] ». [5]

الإشکال الثاني

أمّا قوله(ع): «إنّ أعوان الظلمة إلى آخر الحديث»، فهو من باب التنبيه على أنّ القرب إلى الظلمة و المخالطة معهم مرجوح و إلّا فليس من يعمل لهم الأعمال المذكورة في السؤال، خصوصاً مرّةً أو مرّتين_ خصوصاً مع الاضطرار_ معدوداً من أعوانهم. [6]

دفع الإشکال

قال السیّد اللاريّ (رحمه الله): «إنّ تقييد الأعوان_ الذي هو جمع العون الظاهر في معنى الفعل و حدث المصدريّة الظاهرة في مطلق الإعانة و لو في المباحات خصوصاً بقرينة التصريح فيه بقوله(ع): «مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً أَوْ وَكَيْتُ لَهُمْ وِكَاءً» و في خبر آخر بقوله: «لَا تُعِنْهُمْ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ»[7] _ بخصوص الإعانة على وجه الاعتياد و الانتساب و جعل الإعانة لهم عادةً و حرفةً مستمرّةً، كالملكة، خلاف الأصل الأصيل و تخصيص العموم بلا دليل. و دعوى الانصراف_ مضافاً إلى أنّه بلا صارف_ إنّما هو من خصائص الإطلاق لا يتأتّى في عموم: «لَا تُعِنْهُمْ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ» و «إِنَّ‌ أَعْوَانَ‌ الظَّلَمَةِ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ فِي‌ سُرَادِقٍ مِنْ نَارٍ». [8]

أقول: الروایة لها صدر و ذیل، أمّا الصدر، فیدلّ علی أنّ الإعانة في المباحات مرجوحة (لا أحبّ ذلك). و أمّا الذیل، فیدلّ علی أنّه لو صدق عنوان الإعانة علی الظلم و أعوان الظلمة، فإنّ أعوان الظلمة یوم القیامة في سرادق من نار، فإنّ الإعانة في المباحات قد یوجب الدخول في أعوان الظلمة. و هذا هو الظاهر للروایة المطابق لفهم الأصحاب و القدماء. و أمّا «لا تعنهم علی بناء مسجد»؛ فلأنّ الظلمة و السلاطین غالباً یبنون المساجد لتلبیس الناس (فتصیر مساجد ضرار) و العمدة الصدق العرفيّ بأعوان الظلمة و عدم صدقه، فالإشکال وارد و لا دافع له.

الإشکال الثالث

لقد أجاد المحقّق الخوئيّ(رحمه الله) حیث قال: «إنّ الظاهر من قول السائل: ربما أصاب الرجل منّا الضيق و الشدّة، فيدّعى إلى البناء ... . أنّ الرجل منهم تصيبه الشدّة، فيلتجئ إلى الظالمين و يتدرّج به الأمر حتّى يكون من أعوان الظلمة، بحيث يكون ارتزاقه من قبلهم. و لذلك طبّق الإمام(ع) عليهم قوله(ع): «إِنَّ‌ أَعْوَانَ‌ الظَّلَمَةِ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ فِي‌ سُرَادِقٍ‌ مِنْ نَارٍ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ الْعِبَاد» هذه الرواية أيضاً خارجة عن مورد الكلام. و مع الإغضاء عن ذلك فقوله(ع): «مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً ...» لو لم يكن ظاهراً في الكراهة، فلا ظهور له في الحرمة، فتكون الرواية مجملةً»، (إنتهی ملخّصاً). [9]

الإشکال الرابع

إنّها[10] ضعيفة السند.[11] [12]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «[إنّها][13] ضعفیة بجهالة «بشير»»، (التصرّف).[14]

أقول: إنّها مسندة و صحیحة علی الأقوی و بشیر إماميّ ثقة.

الإشکال الخامس

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّ المراد بقرينة ذيلها إذا دخل في أعوانهم». [15]

 


[1] التعلیقة علی المکاسب، اللاری، عبدالحسین، ج1، ص213.
[7] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص338. (إبْنُ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ [البجلي: إماميّ ثقة] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ(ع)).. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[8] التعلیقة علی المکاسب، اللاری، عبدالحسین، ج1، ص213.
[10] روایة إبن أبي یعفور.
[13] الزیادة منّا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo