< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

45/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

الموضوع:
المکاسب المحرمة/ معونة الظالمین/ حکم معونة الظالمین تکلیفا

المقام
الثاني
:
في معونة الظالمین في المباحات (إعانة الظالمین في غير المحرّمات)

تحریر محلّ النزاع

إختلف الفقهاء في حکم معونة الظالمین في المباحات؛ فذهب بعض إلی الجواز. و ذهب بعض آخر إلی الجواز و الأحوط استحباباً الترك. و ذهب بعض إلی الحرمة. و ذهب بعض آخر إلی التفصیل بین أن تکون المعونة عن ميلٍ إليهم بسبب ظلمهم و كبرهم أو‌ بقصد السعي في إعلاء شأنهم و حصول الاقتدار أو تكثير سوادهم فتحرم و بین أن خلت عن تلك الأحوال، فتجوز.

هنا أقوال:

القول الأوّل: الجواز [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتیة. و لا یخفی أنّ الجواز مادام لم ینطبق علیه عنوان الإعانة علی الظلم أو علی الإثم و لا بدّ من الاحتیاط في ذلك.

قال الشهید الثاني(رحمه الله): «مساعدتهم بالأعمال المحلّلة؛ كالخياطة و غيرها، فإنّه جائز». [15]

أقول: إنّ الخیاطة للسطان الجائر قد تعدّ إعانةً علی الظلم و تحرم؛ فإنّه قد یقال خیّاط اللسلطان أو معمار السلطان و أمثالهما.

و قال السیّد العامليّ(رحمه الله): «لا تحرم معونة الظالمين في غير الظلم». [16]

و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «إعانة الظالمين في غير جهة ظلمهم بالأمور السائغة؛ كالبناية و الخبازة و نحوهما، فلا بأس بها؛ سواء أكان ذلك مع الأجرة أم بدونها». [17]

أقول: قد ینطبق عنوان معمار السلطان، فیحرم؛ لصدق عنوان الإعانة علی الظلم.

و قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «إعانتهم في غير المحرّمات ليست محرمةً. و حيثيّة الظلم حيثيّة تعليليّة تدور الحرمة مدار ثبوتها وجوداً و عدماً»، (التصرّف). [18]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إذا كان المراد مجرّد إصلاح أمر مباح أو راجح فلا [یحرم][19] . و كذا إذا كان في المقدّمات البعيدة بحيث لا تعدّ إعانةً عرفاً. و كذا إذا كان بمقدّمة مشتركة بين المباح و الحرام ما لم يعلم بصرفه خاصّةً في الحرام». [20]

أدلّة القول الأوّل

الدلیل الأوّل: الإجماع

قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «إعانتهم في غير المحرّمات، فليست محرّمةً؛ للإجماع على عدم حرمة إعانتهم في غير الحرام»، (إنتهی ملخّصاً). [21]

الدلیل الثاني: الأصل و إطلاق الأدلّة [22] [23]

قال المحقّق النراقيّ(رحمه الله): «الأولى أن يعلّل[24] بمعارضة تلك المطلقات[25] مع الأخبار المتكثّرة الواردة في الموارد العديدة في الحثّ على إعانة المسلمين و قضاء حوائجهم و مودّتهم و الاهتمام بأمورهم المعاضدة بالكتاب و بعمل كافّة الأصحاب. و إذ لا مرجّح[26] فالعمل على الأصل المقطوع به و هو جواز إعانة الظالم و قضاء حوائجه في غير المحرّم». [27]

أقول: لا معارضة بین أدلّة جواز المعونة و حرمتها، حیث إنّ الجواز مربوط بحوائج المؤمنین و مودّتهم و الحرمة مربوطة بالإعانة بالظلم أو الإثم، فما کانت إعانةً علی الظلم أو الإثم فتحرم. و غیر ذلك من الحوائج التي لا تصدق علیها المعونة علی الظلم أو الإثم، فجائز و لا تعارض في البین، بل أدلّة حرمة المعاونة علی الظلم أو الإثم مقدّمة علیها بالورود أو بالتقیید للمطلقات أو التخصیص للعمومات.

قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «إعانتهم في غير المحرّمات، فليست محرّمةً؛ للأصل و إطلاق أدلّة تلك الأمور واجباً كان أو مندوباً أو مباحاً»، (إنتهی ملخّصاً). [28]

و قال(رحمه الله): «مقتضى الأصل الإباحة بعد عدم الدليل على الحرمة». [29]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «لا دليل على الحرمة، وفقاً للأصول و القواعد»، (التصرّف).[30]

الدلیل الثالث: السیرة[31] [32] القطعیّة و المستمرّة [33] [34] [35]

قال ابن کاشف الغطاء(رحمه الله): «[یجوز المعاونة في المباحات][36] للسيرة القطعيّة من قديم الزمان إلى الآن على معاملتهم و مزارعتهم و أخذ المضاربات منهم و البيع عليهم و الشراء منهم و استئجار أرضهم و إجاراتهم و أخذ الدوابّ منهم و بيعها عليهم إلى غير ذلك. و يشعر بذلك ما ورد عن أئمّتنا(علیهم السلام) من عود مرضاهم و تشييع جنائزهم و الصلاة معهم و إظهار المودّة لهم؛ فإنّ ذلك من لوازم هذا و آثاره؛ لأنّ ترك معاملتهم ممّا ينفرّ طباعهم و يبعد الرحمة عن قلوبهم و توحّش أنفسهم، بل قارنت نيّة مخالطتهم و معاملتهم و القرب إليهم تفريج الكربة عن المؤمنين و دفع الشدّة عن المتعلّمين و قضاء حوائج الفقراء و المساكين و كانت مرتبة عليّ بن يقطين من أعظم القربات و من أعلى المندوبات و من أجل ما يرضى ربّ السماوات. و هو الذي يظهر من الأخبار و الآثار و السيرة القطعيّة و رفع العسر و الحرج و الشريعة السمحة السهلة». [37]

و قال الشیخ النجفيّ(رحمه الله): «إنّ السيرة القطعيّة على خلاف ذلك[38] ، بل هو منافٍ ل‌ما دلّ على مجاملتهم و حسن العشرة معهم و الملق لهم و جلب محبّتهم و ميل قلوبهم؛ كي يقولوا رحم الله جعفر بن محمّد‘ ما أحسن ما كان يؤدّب به أصحابه‌»، (إنتهی ملخّصاً). [39]

و قال المحقّق الإیروانيّ(رحمه الله): «[تدلّ علیه][40] جريان السيرة على إعانتهم في المباحات». [41]

و قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «السيرة القطعيّة قائمة على جواز إعانة الظالمين بالأمور المباحة في غير جهة ظلمهم». [42]

قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «إعانتهم في غير المحرّمات، فليست محرّمةً؛ لجريان السيرة على إعانتهم في الواجبات و المباحات و المندوبات». [43]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «العمدة هنا جريان السيرة المستمرّة على إعانتهم بالأمور المباحة و ابتياعهم من سوق المسلمين ما يريدونه و لم يكن لهم سوق يختصّ بهم، مضافاً إلى الشهرة». [44]

القول الثاني: الجواز و الأحوط استحباباً الترك [45]

قال المحقّق السبزواريّ(رحمه الله): «معونة الظالمين بما لا يحرم، كالخياطة و غيرها، فالظاهر جوازه، لكنّ الأحوط الاحتراز عنه»، (إنتهی ملخّصاً). [46]

القول الثالث: حرمة معونة الظالم مطلقاً و لو في المباحات [47]

قال الشیخ البحراني: «الظاهر من الأخبار الواردة في هذا المقام هو عموم تحريم معونتهم بما لا[48] يحرم و ما لا يحرم». [49]


[19] الزیادة منّا.
[24] جواز المعونة.
[25] مطلقات حرمة الإعانة.
[26] في مادّة الاجتماع بعد فرض عدم المرجّح.
[36] الزیادة منّا.
[38] حرمة المعونة علی المباح.
[40] الزیادة منّا.
[48] الصحیح حذف کلمة «لا».

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo