< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/10/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ حکم المدح و الذم باطلا/ حکم المدح و الذم الباطل تکلیفا

المقام الثالث: في مدح من لا يستحقّ المدح

و فیه مطلبان:

المطلب الأوّل: في المراد من مدح من لا یستحقّ المدح

قال الشیخ المامقانيّ(رحمه الله): «يبقى الكلام في المراد من العبارة الأولى، أعني مدح من لا يستحقّ المدح، فنقول: إن أريد به وصفه بما ليس فيه مطلقاً؛ سواء كان متّصفاً بصفة الأخرى مذمومة أم لا، كان الفرق بينه و بين مدح من يستحقّ الذمّ ظاهر أو كان وجه حرمته واضحاً؛ ضرورة أنّه نوع من الكذب إلّا أنّه يتّجه على هذا التقدير إشكال و هو أنّه لا وجه لإفراد هذا بخصوصه عن الكذب؛ كما أنّ إفراد مدح من يستحقّ الذمّ أيضاً لو كان هو العنوان، يتجّه عليه هذا الإشكال. و لهذا قال في جامع المقاصد في مقام دفع الإشكال عن الأخير: «و إنّما ذكر هذا بخصوصه و إن كان نوعاً من الكذب؛ لأنّه أغلظ من غيره و لما في ذمّ من يستحقّ المدح من زيادة إيذائه».[1] و إن أريد به مدح من ليس أهلاً للمدح أصلاً و كذلك العكس، اتّجه عليه أيضاً الإشكال السابق و لا مدفع له‌ إلّا ما عرفت»‌. [2]

المطلب الثاني: في حکم مدح من لا يستحقّ المدح تکلیفاً

تحریر محلّ النزاع

إختلف الفقهاء في حکمه؛ فذهب بعض إلی الحرمة مطلقاً. و ذهب بعض آخر إلی التفصیل بین أن یکون مدح من لا يستحقّ المدح خبریّةً، فهو کذب و حرام إلّا إذا قامت قرينة على إرادة المبالغة أو إنشائیّةً، فهو جائز ما لم ینطبق علیه عنوان محرّم. و ذهب بعض إلی الحرمة إن كان منضمّاً بالكذب أو انطبق علیه عنوان محرّم من تقوية الظالم أو تضعيف المظلوم أو غير ذلك.

فهنا أقوال:

القول الأوّل: الحرمة مطلقاً [3]

إشکال في القول الأوّل

لا دليل على حرمته بما هو هو ما لم تنطبق عليه أحد العناوين[4] . [5]

أدلّة القول الأوّل

الدلیل الأوّل: الآیة

قوله- تعالى: ﴿وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ﴾[6]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [7]

إشکالات في الاستدلال بالآیة

الإشکال الأوّل

لا يخفى عليك أنّ هذا الاستدلال لا ينطبق على العنوان الأوّل[8] ؛ سواء فسّر بمدح من لا يستحقّ المدح المقول فيه بأن لا يكون فيه ذلك، أم فسّر بمدح من لا يستحقّ المدح أصلاً؛ ضرورة عدم ملازمة شي‌ء من العنوانين للظلم؛ إذ قد يكون الظالم مؤمناً باللّه أو سخيّاً أو حليماً أو غير ذلك إلّا أن يكون المراد بالظلم ما يعمّ الظلم لنفسه و هو الفسق و يكون المراد من عدم استحقاق المدح من جهة مخالفة ربّه (عزوجل)، لكنّه كما ترى‌. [9]

الإشکال الثاني

لا دلالة له على حرمة مدح من لا يستحقّ المدح لتعليق الحكم على عنوان الظالم و ليس هو بظالم و إلّا فهو ممّن يستحقّ الذم، (إنتهی ملخّصاً). [10]

الإشکال الثالث

هي تدلّ على حرمة الركون إلى الظالم و الميل إليه، فلا ربط لها بالمقام. [11]

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «لا دلالة على حرمته في آية النهي عن الركون إلى الظالم؛ لأنّ مجرّد المدح ليس من الركون‌ إليه، بل لو كان مجرّد المدح ركوناً، لكان محرّماً و لو كان الجائر مستحقّاً له ببعض أعماله»، (إنتهی ملخّصاً).[12]

الإشکال الرابع

لا يخفى أنّ المدح ليس من أقسام الركون مطلقاً؛ لأنّ المراد منه هو الاعتماد على الظالم عن ميل إليه و حبّ له، كما يشعر بذلك تعدّيه بلفظة «إلى» و هو غير انشاء الشعر أو إيراد الكلمة على وجه غير كاذب. و إن شئت قلت: المراد اتّخاذهم أولياءً، كما يشعر بذلك ذيل الآية؛ أعني قوله- سبحانه: ﴿َمٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ﴾[13] و على ذلك فالركون يتحقّق بأحد أمرين:

اتّخاذهم وليّاً مصدراً للحكم و الرئاسة و التصويت لهم في الأمور المربوطة في إدارة أمور المجتم

2-إظهار المودّة إليهم، بحيث يتّخذهم سناداً[14] في حياته و عماداً في عيشه. و ليس مدح كلّ من لا يستحقّ المدح اعتماد إليه عن ميل و حبّ و أخذه وليّاً أو سناداً في الحياة (إنتهی ملخّصاً). [15]

الإشکال الخامس

من الواضح أنّه لا يكون المدح ركوناً دائماً و كونه كذلك أحياناً لا يكفي في مقام الاستدلال، فهو أخصّ من المدّعي من وجه. [16]

الدلیل الثاني: الروایتان

الروایة الأولی

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ[17] ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ[18] ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ[19] ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّيَ الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ[20] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو الصِّينِيِّ[21] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيِّ[22] عَنْ مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ[23] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ[24] عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ[25] عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ[26] عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ[27] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ[28] وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ[29] قَالا: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ(ص) قَبْلَ وَفَاتِهِ وَ هِيَ آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْمَدِينَة: «... مَنْ عَظَّمَ صَاحِبَ دُنْيَا وَ أَحَبَّهُ لِطَمَعِ دُنْيَاهُ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَانَ‌ فِي‌ دَرَجَتِهِ‌ مَعَ‌ قَارُونَ‌ فِي الْبَابِ الْأَسْفَل ...». [30]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [31]

 


[4] العناوين المحرّمة من تقوية الظالم أو تضعيف المظلوم أو غير ذلك.
[8] مدح من لا یستحقّ المدح.
[14] أي: العماد.
[17] إماميّ ثقة.
[18] محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسديّ أبو الحسین الکوفي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً.
[19] مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[20] مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[21] صحیحه: حمّاد بن عمرو النصیبي: ضعیف.
[22] مهمل.
[23] میسرة بن عبد ربّه الفارسي: مهمل.
[24] الصحیح: مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ.
[25] مهمل.
[26] المقرائي: مهمل.
[27] أبو سلمة بن عبد الحمن بن عوف: مهمل.
[28] الدوسي: عامّيّ ضعیف.
[29] إماميّ ثقة.
[30] ثواب الأعمال و عقاب الأعمال‌، الشيخ الصدوق، ج1، ص281.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین في سندها)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo