< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/08/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المکاسب المحرمة/ حکم المدح و الذم باطلا/ حکم المدح و الذم الباطل تکلیفا

إشکالان في الاستدلال بالآیة

الإشکال الأوّل

هي تدلّ على حرمة الركون إلى الظالم و الميل إليه، فلا ربط لها بالمقام. [1]

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «لا دلالة على حرمته في آية النهي عن الركون إلى الظالم؛ لأنّ مجرّد المدح ليس من الركون‌ إليه، بل لو كان مجرّد المدح ركوناً، لكان محرّماً و لو كان الجائر مستحقّاً له ببعض أعماله»، (إنتهی ملخّصاً).[2]

الإشکال الثاني

أمّا مدح من یستحقّ الذمّ، فيشكل دلالته على حرمته فيما إذا كان المدح لا عن حبّ و ميل قلبيّ إليه و اعتماد عليه؛ لأنّ الركون عبارةً عن الميل، كما يرشد إليه تأديته بإلى إمّا مطلقاً و لو كان كثيراً و إمّا خصوص الميل القليل، كما فسّر به، فإذا لم يرد منه الميل الخارجيّ، فلا محيص عن إرادة الميل القلبيّ، فلا يشمل مدح الظالم لا لميل إليه، بل لغرض آخر و لو لجلب النفع الدنيويّ فضلاً عن دفع المضارّ و كذا يشكل دلالته على حرمته و لو كان عن ميل إليه فيما إذا كان استحقاقه للذمّ لا من جهة ظلمه على الناس، بل من جهة سائر المعاصي لانصراف الظلم في الآية إلى الظلم على الناس، فلا يعمّ للظلم على النفس بالمعصية. [3]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لا يخفى أنّ المدح ليس من أقسام الركون مطلقاً؛ لأنّ المراد منه هو الاعتماد على الظالم عن ميل إليه و حبّ له، كما يشعر بذلك تعدّيه بلفظة «إلى» و هو غير إنشاء الشعر أو إيراد الكلمة على وجه غير كاذب. و إن شئت قلت: المراد اتّخاذهم أولياءً، كما يشعر بذلك ذيل الآية؛ أعني قوله- سبحانه: ﴿وَ مٰا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مِنْ أَوْلِيٰاءَ﴾[4] و على ذلك، فالركون يتحقّق بأحد أمرين:

[الأوّل] اتّخاذهم وليّاً مصدراً للحكم و الرئاسة و التصويت لهم في الأمور المربوطة في إدارة أمور المجتم

[الثانی] إظهار المودّة إليهم، بحيث يتّخذهم سناداً في حياته و عماداً في عيشه. و ليس مدح كلّ من يستحقّ الذمّ اعتماد إليه عن ميل و حبّ و أخذه وليّاً أو سناداً[5] في الحياة». [6]

أقول، أوّلاً: مدح من لا یستحقّ المدح أو یستحقّ الذمّ، لیس رکوناً إلیه؛ إذ الرکون هو التعویل و مجرّد المدح لیس رکوناً و لا اعتماداً؛ مثلاً: إذا قلنا لمن لیس کریماً بصورة الإنشاء «ما أکرم فلاناً»، لا یصدق عرفاً أنّا نرکن إلیه. و ثانیاً: تقول الآیة الشریفة: ﴿وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾[7] بینما یمکن أن لم یظلم الممدوح أو حتّی لا یستحقّ الذم. نعم یمکن صدق الظلم بالمعنی الأعمّ علی من استحقّ الذم، لکنّ الظاهر أنّ مراد الآیة لیس ذاك؛ علی سبیل المثال: إن قیل لمن یکون کریماً مستوی المعمول «ما أکرم رجلاً» فلیس القائل من الذین رکنوا إلی الظالم و لیس هذا المدح رکوناً إلیه و لیس مدح الغیر و لو في غیر محلّه سبباً لصیروة الممدوح ظالماً. إنّ أمیر المؤمنین(ع) إذا وقع مورد ثناء الغیر قال: «اللَّهُمَ‌ اجْعَلْنِي‌خَيْراً مِمَّا يَظُنُّون‌ وَ اغْفِرْ لِي‌ مَا لَا يَعْلَمُون‌» و إن احتمل أنّ کلامه(ع) في مقام تربیة النفوس.

الدلیل الثاني: الروایتان

الروایة الأولی

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ[8] ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ[9] ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ[10] ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّيَ الْحُسَيْنُ بْنُ زَيْدٍ[11] عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو الصِّينِيِّ[12] عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْخُرَاسَانِيِّ[13] عَنْ مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ[14] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ[15] عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ[16] عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ[17] عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ[18] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ[19] وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ[20] قَالا: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ (ص) قَبْلَ وَفَاتِهِ وَ هِيَ آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْمَدِينَة: «... مَنْ عَظَّمَ صَاحِبَ دُنْيَا وَ أَحَبَّهُ لِطَمَعِ دُنْيَاهُ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ كَانَ‌ فِي‌ دَرَجَتِهِ‌ مَعَ‌ قَارُونَ‌ فِي الْبَابِ الْأَسْفَل ...». [21]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [22]

وجه الدلالة

قال الشهیديّ التبریزيّ (رحمه الله): «وجه الدلالة على حرمة المدح أنّ المدح نوع من التعظيم و صاحب الدنيا المعظّم له في الرواية مستحقّ للذمّ حيث جعله من جلساء قارون بقرينة رجوع ضمير درجته عليه، فيكون مدحه مدحاً لمستحقّ الذمّ و تعظيماً له و قد جعله موجباً لدخول النار، فيكون حراماً و هو المقصود و يمكن أن يقال إنّ الوجه في حرمة تعظيمه لأجل دنياه كونه نحو شرك باللّٰه- تعالى»، (إنتهی ملخّصاً). [23]


[5] أي: العماد.
[8] إماميّ ثقة.
[9] محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسديّ أبو الحسین الکوفي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً.
[10] مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[11] مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[12] . صحیحه: حمّاد بن عمرو النصیبي: ضعیف.
[13] مهمل.
[14] 7. میسرة بن عبد ربّه الفارسي: مهمل.
[15] الصحیح: مُيَسِّرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي عَائِشَةَ السَّعْدِيِّ.
[16] مهمل.
[17] المقرائي: مهمل.
[18] أبو سلمة بن عبد الحمن بن عوف: مهمل.
[19] الدوسي: عامّيّ ضعیف.
[20] إماميّ ثقة.
[21] .ثواب الأعمال و عقاب الأعمال‌، الشيخ الصدوق، ج1، ص281. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین في سندها).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo