< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/08/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ حکم المدح و الذم باطلا/ حکم المدح و الذم الباطل تکلیفا

أقول: قال العلّامة (رحمه الله) في القواعد: إنّ لدینا مفاهیم من الهجو و السبّ و الذم.[1] قد ذکر في جامع المقاصد أنّه لا فرق جوهريّاً بین الذمّ و الهجو و السب.[2] و السرّ في أنّ العلامّة انفرد مسألة الذمّ من مسألة الهجو و السب، لیس تفاوته معهما جوهريّاً، بل لأجل ذکر هذا المذموم. قال: «ذمّ من یستحقّ المدح، مدحُ من یستحقّ الذم». ذمّ المؤمن حرام في کلّ حال. لکن إذا کان المؤمن شخصاً عاديّاً لا یستطیع عملاً مهمّاً و کان شخصاً متعارفاً فلا یستحقّ المدح و لا ذمّاً؛ لأنّه مؤمن و ذمّه حرام. و أمّا إذا کان المؤمن مجاهداً عالماً تقيّاً خدوماً فهو یستحقّ المدح. ذمّ من یستحقّ المدح حیث کان معصیته أغلظ، ذکره العلّامة في القواعد و إلّا فهو داخل في عنوان مطلق سبّ المؤمن و هجوه. إنّ ذمّ من یکون مستحقّاً للمدح، معصیته أغلظ و الواجب علیك مدحه و حیث لم تمدحه فلمَ تذمّه؟

لا یجوز مدح المتعارف من المؤمنین إذا لم یستحقّ المدح؛ إذ لا ینبغي مدح من کان هکذا، هذا بخلاف من کان دون متعارف المؤمنین مثل المجرم و الجانيّ فهو یستحقّ الذم، هذا هو المشار إلیه في الروایات أنّه «إذا مدح الفاسق اهتزّ العرش» سواء کان المراد عرش الرحمن أو قلب المؤمن الذي هو عرش الرحمن.

سرّ تفکیك مسألة الذمّ من مسألة السبّ و الهجو، هو أنّه قال في مورد الذمّ «ذمّ من یستحقّ المدح» و حیث إنّ معصیته أغلظ، صار منفرداً عن السب أو «مدح من یستحقّ الذم». نعم قد یمکن أن یفعل إنسان خیراً و یمدحه الآخر بالنسبة إلی الحیثيّة الإثباتيّة لفعله.

قد استثنی صاحب جامع المقاصد[3] هذا المورد و قد أشیر إلیه في المتن أیضاً. قد یحتملون الإطلاق و یقولون إنّ الفاسق إذا فعل خیراً؛ مثل أن یصنع مدرسةً أو مستشفیً فکیف تمدحونه؟ لکنّك تمدح صنعه هذا البناء لا فسقه. إنّ قول العلّامة في القواعد من «ذمّ من یستحقّ المدح» أو «مدح من یستحقّ الذم» یراد منه «من جهة استحقاقه» أي مدح الفاسق من جهة کونه مستحقّاً للذم، فهو محرّم البتّةً، لکن إذا فعل الفاسق عملاً خیراً و مدحته من حیث فعله الخیر، فلا یشمله «مدح من یسحقّ الذم» و لکنّهم استثنوا هذا. و قالوا أیضاً إذا ظنّ السامعون لعلّك تمدح هذا الشخص بجمیع شؤونه فلا تبعد الحرمة. و أمّا إذا کان فضاء المحاورة بحیث یعلم الجمیع أنّ حیثیّة خیّریّته هو سبب مدحه، لا جمیع شؤونه فلا إشکال فیه. و أمّا إذا کان الأمر مبهماً بحیث یوهم أنّ المادح یمدح الفاسق بقول مطلق، فهو ملحق ب «مدح من یستحقّ الذم»

إشکال في هذا العنوان

قال الشیخ المامقانيّ (رحمه الله): «إنّ عبارة عنوان المسألة بظاهرها یعطي أنّه لو كان جائر مؤمناً أو سخيّاً أو شجاعاً (مثلاً)، لم يجز مدحه بإيمانه أو سخائه أو شجاعته؛ لأنّه يصدق عليه أنّه مدح من يستحقّ الذمّ و لو من جهة جوره و الظاهر أنّ ذلك ممّا لا يلتزم به أحد». [4]

المطلب الثاني: في حکم مدح من یستحقّ الذم تکلیفاً

تحریر محلّ النزاع

إختلف الفقهاء في حکم مدح من یستحقّ الذم تکلیفاً؛ فذهب بعض إلی الحرمة مطلقاً. و ذهب بعض آخر إلی الحرمة إن كان منضمّاً بالكذب أو انطبق علیه عنوان محرّم من تقوية الظالم أو تضعيف المظلوم أو غير ذلك.

هنا قولان:

القول الأوّل: الحرمة مطلقاً [5] [6] [7]

قال أبو الصلاح الحلبيّ (رحمه الله): «يحرم مدح من يستحقّ الذمّ بمنظوم أو منثور من الكلام»، (إنتهی ملخّصاً). [8]

و قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «یحرم مدح من يستحقّ الذمّ». [9]

و قال فی موضع آخر (رحمه الله): «یحرم ... مدح من يستحقّ الذم». [10]

أدلّة القول الأوّل

الدلیل الأوّل: الآیة

قوله- تعالى: ﴿وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ﴾ [11]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [12]

وجه الدلالة

قال الشیخ المامقانيّ (رحمه الله): «إنّ هذا الاستدلال ينطبق على العنوان الثاني[13] بعد تفسيره بما ذكره في جامع المقاصد[14] من كون المراد المدح على الجهة التي يستحقّ الذمّ فيها و ذلك لوضوح أنّ مدح الظالم من جهة كونه ظالماً ركون إليه». [15]

 


[13] مدح من یستحقّ الذم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo