< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «إنّ استعمال آلات اللهو في اللهو حرام يفسّق فاعله و مستمعه و هو كالغناء من المعاصي الكبيرة». [1]

إشکال في هذا الکلام

ربما يستفاد من إطلاق العبارة و ما ضاهاها[2] من عبائر الجماعة [3] حصول القدح في العدالة بكلّ ما ذكر مطلقاً و لو فعل من دون إصرار و لا مداومة. و هو مشكل؛ لعدم دليل على الوعد بالنار فيما عدا الغناء. [4]

إشکال في القول الأوّل

قال السیّد الطباطبائيّ (رحمه الله): «إستعمال آلات اللهو، ففي زوال العدالة به من دون إصرار إشكال؛ لعدم ما يدلّ على كونه من الكبائر و إنّما المستفاد من النصوص مجرّد النهي عنه و تحريمه من دون توعيد عليه بالنار، فهو من الصغائر لا يقدح في العدالة إلّا مع الإصرار عليها». [5]

دفع الإشکال

كان ذلك حسناً لو خصّت الكبائر بما علم أنّه ممّا أوعد اللّٰه عليه النار و أمّا على ما ذكرنا من جعلها قسمين أحدهما: ما ذكر و الثاني ما صرّح بكونه كبيرةً في الأخبار، فيدخل ذلك فيها؛ للتصريح به في رواية الفضل[6] التي هي في نفسها حجّة؛ مع كونها بالإطلاق المذكور في كلام الأكثر منجبرةً. [7]

القول الثاني: کونه من الصغائر [8]

قال السیّد الطباطبائيّ (رحمه الله): «هو من الصغائر لا يقدح في العدالة إلّا مع الإصرار عليها». [9]

کلام المحقّق السبزواريّ في هذا المبحث

قال (رحمه الله): «في كونها كبيرةً مطلقاً تأمّل». [10]

تنبیه

قال السیّد الطباطبائيّ (رحمه الله): «هو من الصغائر لا يقدح في العدالة إلّا مع الإصرار عليها كما مضى إليه الإشارة و بذلك صرّح شيخنا في المسالك و استحسنه في الكفاية». [11]

و قال المحقق النراقيّ (رحمه الله): «استشكل فيه بعض مشايخنا، بل صرّح في المسالك بعدم كونه من الكبائر و استحسنه في الكفاية». [12]

المبحث السادس: في حکم الحضور في المجلس الذي یکون فیه اللهو

هنا أقوال:

القول الأوّل: الحرمة مطلقاً [13] [14] [15]

قال أبو الصلاح الحلبيّ (رحمه الله): «یحرم ... حضور مجالس اللهو و المناكر». [16]

قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «لا يجوز الحضور في حفلات[17] الزواج التي تتخلّلها برامج موسيقيّة»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [18]

القول الثاني: الحرمة إلّا إذا قدر علی إزالة اللهو فیستحبّ الحضور[19]

قال الشیخ الطوسيّ (رحمه الله): «إذا كان في الدعوة مناكير و ملاهي،‌ مثل شرب الخمر على المائدة و ضرب العود‌ و البرابط و المزامير[20] و غير ذلك و علم، فلا يجوز له حضورها و إن علم أنّه إن حضر قدر على إزالته، فإنّه يستحبّ له حضورها ليجمع بين الإجابة و الإزالة. و إن لم يعلم حتّى حضر، فإن أمكنه إزالته أزاله؛ لأنّ النهي عن المنكر واجب و إن لم يمكنه إزالته، فالواجب أن لا يقعد هناك بل ينصرف، فإن أمكنه أن لا يحضر أصلاً إذا علم، فالأولى ذلك و إن لم يمكنه أن ينصرف، فإنّه يجلس و لا إثم عليه بأصوات المناكير متى لم يستمع إليها؛ لأنّ هذا سماع و ليس باستماع[21] ، فهو بمنزلة من سمع من الجيران؛ فإنّه لا يأثم به و لا يلزمه أن يخرج لأجله»، (إنتهی ملخّصاً). [22]

القول الثالث: الحرمة إلّا في الدفّ إذا لم يقل عليه هجو، إلّا[23] للإنكار و إلّا إذا قدر علی إزالة اللهو فیستحبّ الحضور[24]

قال إبن برّاج (رحمه الله) في موضع: «أمّا المحظور على كلّ حال ... و الحضور في مجالس المنكر و مواضعه إلّا للإنكار و ما جرى مجرى ذلك». [25]

و قال (رحمه الله) في موضع آخر: «إذا كان في الدعوة شي‌ء من الملاهي و المناكير أو شرب خمر على المائدة أو ضرب البرابط و المزامير و غير ذلك إلّا الدفّ إذا لم يقل عليه هجو و علم المدعوّ ذلك، لم يجز له حضورها؛ فإذا علم أنّه إذا حضر قدر على إزالة ذلك، استحبّ له الحضور ليجمع بين الإجابة إلى الحضور و بين إزالة المنكر، فإن لم يعلم ذلك إلّا بعد حضوره و أمكنه إزالته، فعل ذلك. و إن لم يمكنه ذلك، وجب عليه الخروج من موضع ذلك، فإن لم يمكنه الخروج جلس و ليس عليه شي‌ء في سماع ذلك إذا لم يتعمّد الاستماع له». [26]

القول الرابع: الحرمة إلّا للإنكار أو ما جرى مجرى ذلك [27] [28]

أقول: هو الحق؛ فإنّ المجلس إذا کان مجلس المعصیة لا یجوز الدخول فیه إلّا للردّ علیهم أو النهي عن المنکر إذا احتمل التأثیر و لو قلیلاً.

قال ابن إدریس (رحمه الله): «الحضور في مجالس المنكر و مواضعه [محظور][29] إلّا لإنكار أو ما جرى مجرى ذلك[30] ». [31]

القول الخامس: الحرمة إلّا إذا قدر علی إزالة اللهو، فیجب الحضور مع عدم الضرر [32] [33] [34]

قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «يشترط أن لا يكون في الدعوة مناكير و ملاهي؛‌ مثل شرب الخمر على المائدة و ضرب العود و البرابط و المزامير و غير ذلك و لو علم، فلا يجوز له حضورها، إلّا أن يعلم أنّه إذا حضر أزال المنكر من غير تضرّر له، وجب عليه الحضور، فإن لم يتمكّن من الإزالة، لم يجز له الحضور؛ لأنّه كالرضا بالمنكر و التقرير عليه. و قد قال(ع): «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر، فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر»[35] و الثانى أنّه يجوز له الحضور مع أولويّة الترك و إذا حضر مع علمه، فلا يسمع و ينكر بقلبه، كما لو ضرب الملاهي في جواره، لم يلزمه التحوّل و إن كان يبلغه الصوت و ليس بجيّد للفرق و هو التمكّن من عدم السماع في الأوّل دون الثانى و لتضرّره بالرحيل عن منزله بخلاف عدم الدخول هنا و لو لم يعلم بالحال حتّى حضر، فإن أمكنه الإنكار عليهم و علم تأثيره، وجب عليه و إن علم عدم تأثيره، فإن أمكنه الخروج وجب عليه و إن لم يمكنه، فليجلس للضرورة و لينكر بقلبه و لا يحلّ له الاستماع و لا فرق عندنا بين اللهو الخفيف؛ كالدفّ و غيره»، (إنتهی ملخّصاً). [36]

القول السادس: الحرمة مع عدم إمكان المنع و عدم إمكان الخروج [37] [38]

قال المحقّق النراقيّ (رحمه الله): «لا يجوز الجلوس في مجلس الاشتغال بالملاهي مع عدم إمكان المنع و إمكان الخروج». [39]

و قال السیّد الگلبایگانيّ (رحمه الله): «حضور مجلس الاشتغال بالملاهي مع العلم بعدم إمكان المنع و عدم إمكان الخروج، فلا ريب و لا كلام في حرمته». [40]

القول السابع: الحرمة إذا أدّى ذلك للاستماع إليها أو إلى تأييدها [41]

قال الإمام الخامنئيّ (حفظه الله): «لا يجوز الحضور في مجالس الغناء و الموسيقى اللهويّة المناسبة لمجالس اللهو و العصيان، إذا أدّى ذلك للاستماع إليها أو إلى تأييدها. و أمّا مع الشكّ في الموضوع، فلا بأس في الحضور و الاستماع في نفسه». [42]

أقول: إنّه یمکن الجمع بین القول السابع و القول الأوّل.

 


[2] أي: ماثلها و شابهها.
[6] .عيون أخبار الرضا(ع)‌، الشيخ الصدوق، ج2، ص127. [محمّد بن عليّ بن الحسین بن بابویه: إماميّ ثقة] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ(رضی الله عنه) [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ[مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَان النیسابوري [إماميّ ثقة]: ‌«... وَ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَ هِي‌ ... وَ الِاشْتِغَالُ بِالْمَلَاهِي‌ ....».. (هذه الروایة مسندة، صحیحة ظاهراً)
[11] .رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج15، ص266.
[15] . جامع الاحکام، الصافی، لطف الله، ج1، ص295.
[17] أي: الاجتماعات.
[20] جمع المزمار، أي: آلةُ الزَّمْرِ و هي القَصَبَةُ يُنُفَخُ فيهَا، فتُصَوِّت‌.
[23] أي: یحرم الحضور إلّا ... .
[29] الزیادة منّا.
[30] کالذي قدر علی إزالته.
[35] .مسند أحمد - ط الرسالة، أحمد بن حنبل، ج1، ص277. حَدَّثَنَا هَارُونُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ [عبد الله بن وهب: مهمل] حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ[بن یعقوب المصري: مهمل] أَنَّ عُمَرَ بْنَ السَّائِبِ [مهمل] حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ السَّبَائِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ قَاصِّ الْأَجْنَادِ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب‌.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo