< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «ما كان مناسباً لمجالس اللهو، فهو حرام». [1] [2]

و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «الموسيقيّ المناسبة لمجالس اللهو و اللعب محرّمة». [3]

و قال بعض الفقهاء(رحمه الله): «إستعمال آلات اللهو في اللهو حرام». [4]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «المتيقّن من الأدلّة حرمة اللعب بها لعباً لهويّاً و هو ما يناسب مجالس أهل الفسوق و العصيان. و أمّا اللعب بها لغيره؛ كاللعب بها في الرياضة أو ميادين الحرب و ما أشبههما، فلا دليل على حرمته و إن كان الأحوط الاجتناب عنه مطلقاً». [5]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «ما كانت منها تعدّ بنظر العرف من الموسيقيّ اللهويّة المتناسبة مع مجالس اللهو و الباطل، فهي الموسيقيّ المحرّمة و الموسيقيّ التي ليست كذلك لا بأس بها في نفسها»، (إنتهی ملخّصاً). [6]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «الموسيقيّ فما كان منها مناسباً لمجالس اللهو و اللعب، كما هو الحال فيما يعزف بآلات الطرب؛ كالعود و الطنبور و القانون و القيثارة و نحوها، فهي محرّمة؛ كالغناء و أمّا غيرها؛ كالموسيقيّ العسكريّة و الجنائزيّة، فالأحوط الأولى الاجتناب عنها أيضاً». [7]

تحقیق الکلام من بعض الفقهاء

بعد ما جاء بروایات کثیرة في هذا الباب قال(حفظه الله): «يبقى الكلام في دلالتها، فهل يؤخذ بما هو ظاهرها في بادئ النظر من حرمة الانتفاع بها مطلقاً؛ سواء كان في صورة لهويّة أو رياضيّة أو في الحروب أو في المراثي أو غيرها ... أو لا بدّ من الأخذ بما ينصرف إليه من الصورة الأولى (و هو اللهويّة) فإنّها الصورة المتعارفة ذلك اليوم المعمولة بين المتلبّسين بها أو المنتفعين منها؟ فالكلام يدور مدار الانصراف إلى المنافع الغالبة أو مطلق المنافع و يمكن ترجيح الأوّل؛ لأمور (و العمدة هو الأوّل و الباقي مؤيّدات):

أوّلاً: إنّ المتعارف في أمثال المقام هو القول بالانصراف إلى المنافع الغالبة، فإذا حكم بحرمة الخمر ينصرف إلى شربه و لا يدلّ على حرمة التداوي بها لغسل الجروح مثلاً أو بعض الأمراض الجلديّة و كذا النهي عن الأدهان النجسة إذا كانت ممّا يتعارف أكلها لا يدلّ على حرمة الاستصباح بها إذا لم يكن هناك دليل آخر، هكذا ديدنهم[8] في الفقه.

ثانياً: يمكن أن يقال إنّ حرمة الغناء و الضرب بالآلات من باب واحد، فكما أنّ الصوت الحسن ينقسم إلى قسمين: لهويّ و غير لهويّ، فكذلك الضرب بالآلات ينقسم إليهما لتقارب مضامين أخبارهما و الاستدلال فيهما واحد.ففي جامع الأخبار قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(ص): «يُحْشَرُ صَاحِبُ‌ الطُّنْبُورِ يَوْمَ‌ الْقِيَامَةِ أَسْوَدَ الْوَجْهِ‌ وَ بِيَدِهِ طُنْبُورٌ مِنْ نَارٍ وَ فَوْقَ رَأْسِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِقْمَعَةٌ[9] يَضْرِبُونَ رَأْسَهُ وَ وَجْهَهُ وَ يُحْشَرُ صَاحِبُ الْغِنَاءِ مِنْ قَبْرِهِ أَعْمَى وَ أَخْرَسَ وَ أَبْكَمَ[10] [11] [12] وَ يُحْشَرُ الزَّانِي مِثْلَ ذَلِكَ وَ صَاحِبُ الْمِزْمَارِ مِثْلَ ذَلِكَ وَ صَاحِبُ الدَّفِّ مِثْلَ ذَلِك‌»[13] و لعلّ ذكر الزاني في عدادهم من ناحية أنّ هذه الملاهي تدعو إليه كثيراً و كذلك بالنسبة إلى نفوذ النفاق في القلب (و ليكن هذا على ذكر منك). و في رواية كُلَيْبٍ الصَّيْدَاوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) يَقُولُ:‌ «ضَرْبُ‌ الْعِيدَانِ‌ يُنْبِتُ‌ النِّفَاقَ‌ فِي‌ الْقَلْبِ‌، كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْخُضْرَةَ»[14] و قد ورد مثله في الغناء، ففي رواية عنبسة: «اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ وَ اللَّهْوِ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ»[15] و كذلك بالنسبة إلى عدم دخول الملائكة حيث قال(ع): «لَا تَدْخُلُ‌ الْمَلَائِكَةُ بَيْتاً فِيهِ‌ خَمْرٌ أَوْ دَفٌّ أَوْ طُنْبُورٌ أَوْ نَرْدٌ وَ لَا يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ وَ تُرْفَعُ عَنْهُمُ الْبَرَكَةُ»[16] و في رواية زيد الشحّام عنه(ع): «بَيْتُ الْغِنَاءِ لَا تُؤْمَنُ فِيهِ الْفَجِيعَةُ وَ لَا تُجَابُ فِيهِ الدَّعْوَةُ وَ لَا يَدْخُلُهُ الْمَلَكُ»[17] فهذا كلّه دليل على اتّحاد المسألتين.

و ثالثاً: قد أشير في بعض روايات المسألة أنّ العلّة في تحريم صناعة آلات اللهو أنّه يجي‌ء منها الفساد محضاً؛ كرواية تحف العقول و من المعلوم أنّ ما يستفاد منها في الحروب و الرياضة و أمثالهما لا يجي‌ء منها فساد ظاهر و لا يناسب ما ورد في هذه الرواية أصلاً.

و رابعاً: إنّ التعبير في كثير ممّا عرفت بعنوان «اللهو» دليل على أنّ الملاك فيها أن يكون الضرب بها ضرباً لهویّاً، لا ما إذا كان للحروب (مثلاً) أو للرياضة و شبههما و ما لم يرد فيها هذا العنوان أيضاً، فهو محمول عليه بعد ما كانت الروايات تفسّر بعضها بعضاً و العمدة هو الوجه الأوّل و الباقي مؤيّدات له و لكن بعد ذلك كلّه الأحوط الترك؛ لعدم ورود هذه التفصيلات في كلمات أكابر الفقه و أساطينها و إن كان الأقوى هو الجواز. و نزيدك توضيحاً هنا أنّ عنوان الحرمة في كثير من روايات الباب و كلمات الأصحاب هو آلات اللهو أو كلّ ملهو به أو شبه ذلك بحيث يستفاد منها أنّ الحكم يدور مدار هذا العنوان. و حاصل جميع هذه العبارات أنّ الحكم يدور مدار هذا العنوان و يؤيّد جميع ذلك تعبير الفقهاء بآلات «اللهو»، فإذا استعملت الآلة فيما ليس بلهو بهذا المعنى؛ كالذي يكون في الحروب و الرياضات و شبهها، فليس بحرام و لكن قد عرفت سبيل الاحتياط»، (إنتهی ملخّصاً). [18]

و قال السیّد السبزواريّ(رحمه الله): «مقتضى الأصل حليّة الموسيقيّ الذي يترتّب عليه غرض صحيح عقلائيّ غير منهيّ عنه شرعاً؛ كالذي يكون لشعار الدولة و ما يكون لتحريض الجيش إلى غير ذلك ممّا لم ينه عنه في الشرع إن لم يترتّب عليه مفسدة أخرى و لو تردّد الموسيقيّ بين كونه من قسم المحلّل أو المحرّم لا بأس به؛ للأصل». [19]

المقصود من اللهویّة

قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «الموسیقي المطرب و اللهويّ الحاوي لبعض الخصوصيّات، یبعّد الإنسان عن الله- تعالی- و عن فضائل الأخلاق و یسوقه إلی المعصية و الإباحيّة و مرجع تشخیص الموضوع هو العرف».[20]

و قال بعض الفقهاء(حفظه الله): «الموسيقيّ اللهويّة هي التي تبعّد الإنسان عن الحقّ- تبارك و تعالى- و عن الأخلاق الفاضلة و تقرّبه نحو المعصية‌ و الذنب بسبب ما تحتويه من خصائص تتناسب مع مجالس اللهو و المعصية و المرجع في تشخيص الموضوع هو العرف». [21]

 


[8] أي: عادتهم.
[9] أي: عود من حديد أو خشب يضرب به الإنسان.
[10] . کتاب الماء، الازدی، ابومحمد عبدالله بن محمد، ج1، ص139. أي: الأخرس الذي خلق و لا نطق له؛ كالبهيمة العجماء و الأبكم الذي للسانه نطق و لكنّه لا يعقل الجواب و لا يحسن وجه الكلام.
[11] .لسان العرب، ابن منظور، ج12، ص53. الأَبكم‌ الأَقطع اللسان و العيّ بالجواب الذي لا يحسن وجه الكلام .
[12] .المفردات في غريب القران، الراغب الأصفهاني، ج1، ص140. أبکم هو الذي يولد أخرس، فكلّ أبكم أخرس و ليس كلّ أخرس أبكم‌ .
[13] .جامع الأخبار، الشعيري، محمد، ج1، ص154. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة).
[14] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص434. ( عدّة من أصحابنا هم: أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازيّ المعروف بعلّان الكلينيّ [إماميّ ثقة] و أبو الحسين محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن عون الأسديّ الكوفيّ [إماميّ ثقة] و محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار القمّيّ [إماميّ ثقة] و محمّد بن عقيل الكليني [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عن سهل بن زیاد [الآدمي، الرازي، أبو سعید: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ [مختلف فیه و هو إماميّ و لم تثبت وثاقته] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ [الحسن بن عليّ الوشّاء: إماميّ ثقة] عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن [مهمل]). (هذه الروایة مسندة و ضعیفه؛ لوجود عليّ بن عبد الرحمن في سندها و هو مهمل)
[15] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص434. (عليّ بن إبراهيم [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عن أبيه [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عن ابن محبوب[الحسن بن محبوب السرّاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عن عنبسة [بن بجاد العابد: إماميّ ثقة]). .(هذه الروایه مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[17] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج6، ص433. (محمّد بن يحيى [العطّار:إماميّ ثقة] عن أحمد بن محمّد [بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة] عن الحسين بن سعيد [الأهوازي: إماميّ ثقة] عن إبراهيم بن أبي البلاد [إماميّ ثقة] عن زيد الشحّام‌ [إماميّ ثقة]). .(هذه الروایة مسندة و صحیحة)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo