< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

الدلیل الثاني: الإجماع[1] [2] [3] [4] [5] (لاخلاف) [6] [7]

قال الشیخ الطوسيّ (رحمه الله): «الغناء محرّم؛ سواء كان صوت المغنّي أو بالقصب أو بالأوتار- مثل العيدان و الطنابير و النايات[8] و المعازف و غير ذلك- و دليلنا إجماع الفرقة». [9]

و قال الشهید الثاني (رحمه الله): «آلات اللهو من الأوتار؛كالعود و غيره؛ كاليراع[10] و الزمر و الطنابير و الرباب[11] و الصنج[12] و هو الدفّ المشتمل على الجلاجل[13] حرام بغير خلاف». [14]

و قال المقدّس الأردبیليّ (رحمه الله): «إنّ المراد باللهو و اللعب في القرآن و الأخبار ما يشمل جميع آلات اللهو، فيحرم فعلها و سماعها بالكتاب و السنّة و لا يبعد الإجماع أيضاً». [15]

و قال المحقّق السبزواريّ (رحمه الله): «لا أعرف خلافاً في حرمته بين الأصحاب». [16]

و قال ابن کاشف الغطاء (رحمه الله): «يحرم استعمالها؛ للإجماع المنجبر بالشهر المحصّلة»، (إنتهی ملخّصاً). [17]

و قال السیّد الگلبایگانيّ (رحمه الله): «حرمة العود و الصنج و غير ذلك من آلات اللهو فلا خلاف فيها، بل الإجماع بقسميه عليها». [18]

أقول، أوّلاً: الإجماع مع وجود الروایات الکثیرة محتمل المدرك و لا یکون إجماعاً تعبّديّاً.

و ثانیاً: لو سلّمنا أنّ الإجماع تعبّديّ- إذ الإجماع دلیل لبّيّ لیس له إطلاق و لا عموم- فیجب الأخذ بالقدر المتيقّن و القدر المتیقّن من معقد الإجماع هو حرمة الملاهي و الملاعب التي تلهي الإنسان عن ذکر الله؛ مثل الصلاة و أمثالها و إلّا فحرمة مجرّد العزف عموماً أو إطلاقاً من طریق الإجماع، مشکل.

الدلیل الثالث: أنّه من ضروریّات الدین

قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «حرمة هذا القسم (أعني الاشتغال بالملاهي و المعازف و استعمالها) من ضروريّات الدين، بحيث يعدّ منكرها خارجاً عن زمرة المسلمين» (التصرّف). [19]

وجوه ثلاثة محتملة علی إثبات حرمة استعمال آلات اللهو

إن قلت: يمكن أن نذكر في هذا المجال الوجوه الثلاثة التالية لإثبات حرمة الاستعمال بقطع النظر عن الروايات:
الوجه الأوّل: إنّه ما دامت هذه الآلة يتولّد منها الصوت و اللحن المحرّمين؛ فاستعمالها معناه إيجاد للمحرّم و إيجاد المحرّم محرّم.

الوجه الثاني: التمسّك بفكرة الارتكاز المتشرّعي و ذلك بأن يقال إنّ المرتكز في أذهان المتشرّعة حرمة استعمال آلات اللهو كالآلات التي يستعملها أهل الغناء و الطرب. و مقصودنا من المتشرّعة ليس الطبقة المقلّدة و العامّة من الناس، بل الفقهاء، نعم يكون ضمّ بقيّة الناس لا بأس به و لكنّ المهمّ هو طبقة الفقهاء؛ فإنّ المرتكز في أذهانهم ذلك.
و أتمكّن أن أقول إنّ النتيجة- أي حرمة الاستعمال- مفروغ عنها عندهم و إنّما لو وقع كلام، فهو في التكييف و الاستدلال الفقهيّ على ذلك. و نفس الفراغ من النتيجة فيه دلالة على أنّ هذه النتيجة مرتكزة في أذهانهم و ما دامت مرتكزةً؛ فنقول إنّ كلّ معلول يحتاج إلى علّة و ما هي العلّة لهذا الارتكاز و الوضوح؟ فقد يقال إنّه نشأ من الروايات و لكن من الواضح أنّ الضعيف لا يولّد قويّاً، فدلالة الروايات لو كانت تامّةً فهي لا تولّد مثل هذا الوضوح الثابت في أذهان الفقهاء. إنّ هذا الوضوح و الارتكاز يدلّ على أنّ المنشأ ليس هو هذه الروايات بل هو شيء أوضح من الروايات و ليس إلّا التلقّي جيلاً عن جيلٍ إلى أن نصل إلى طبقة الأئمّة (علیهم السلام) و لا بد أنّهم قد تلقّوا جوّاً واضحاً في بيت العصمةوالطهارة و هذا هو الذي ولّد هذا الارتكاز و الوضوح.
و هذه الطريقة نستفيد منها- أي التمسّك بالارتكاز المتوارث- في الموارد التي يكون فيها وضوح و ارتكاز فقهيّ و لكن لا يوجد دليل واضح من آية أو رواية و لئن كان فهو ليس بذلك الوضوح و الخفيّ لا يولّد وضوحاً قويّاً و ارتكازاً جليّاً.
والطهارة.

الوجه الثالث: إنّ المسألة عامّة البلوى و ما كان عامّ البلوى يلزم أن يكون حكمه واضحاً و لا يحتمل أنّ الحكم الواضح هو جواز الاستعمال؛ إذ لو كان هو الجواز فكيف خفي هذا الحكم الواضح عن الفقهاء أجمع و صاروا إلى الحرمة. إنّ مصيرهم إلى الحرمة يشهد بأنّ ذلك الحكم الواضح هو الحرمة.

قلت: هذه الأمور إن أوجبت العلم بالحرمة، فیصحّ الحکم بها و إلّا فلا دلیل یعتمد علیه فیها و کلّها قابلة للمناقشة، کما في الاحتیاطات الکثیرة للفقهاء من دون الفتوی بها؛ فإنّ العمل غیر الفتوی.

القول الثاني: التفصیل بین المطرب أو اللهویّة و غیرهما (بین المناسب لمجالس اللهو و غیر مجالس اللهو) [20] [21] [22] [23] [24]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتیة و عدم صحّة الأدلّة السابقة سنداً و دلالةً.

قال الإمام الخمینيّ (رحمه الله): «یحرم سماع الموسیقيّ المطرب[25] و عزفه و لا مانع من الأصوات المشکوکة». [26]

 


[8] أي: جمع الني و هو آلة موسیقیّة (کلمة فارسیّة).
[10] أي: القصب.
[11] هي آلة موسيقيّة عربيّة قديمة ذات وتر [رشته] واحد و تصنع من الأدوات البسيطة المتوفّرة لدى أبناء البادية؛ كخشب الأشجار و جلد الماعز )بز).
[12] آلة موسيقيّة عبارة عن قرصين من النحاس (مس) و هي آلة موسقيّة تشدّ إحداهما باليد اليمنى و الأخرى باليسرى.
[13] أي: الأجراس الصغیرة.
[25] الطرب فهو حالة نفسيّة تنشأ من استعمال آلات اللهو بنحو يؤدّي إلى شعور بخفّة الروح انسجاماً مع إشباع رغبتها في المزيد من الابتهاج أو التفجّع أو الغرام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo