< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

 

إشکالان في الاستدلال بالروایة

الإشکال الأوّل

الرواية نظير ما تقدّم من بعض عبارات‌ الفقهاء من عدم دلالتها على حكم مطلق اللهو، بل و يزيد عليها بعدم الدلالة على الحرمة حتّى في هذا الفرد؛ لعدم الملازمة عقلاً بين القصر و الحرمة، فالحرمة لو قلنا بها يحتاج إلى دليل آخر. و يؤيّد عدم حرمة مطلق اللهو الحكم نصّاً و فتوىً بجواز طلب الصيد للمعاش و السفر له. و الظاهر اتّحاد موضوع السفرين مع قطع النظر عن طلب المعاش، فلا يخصّ السفر المجوّز للصيد بغير ما يكون بالبزاة و الصقور من غير تقييد بحالة الاضطرار، فلو كان مطلق اللهو، بل مطلق السفر اللهويّ محرّماً، لكان اللازم تخصيص الجواز بحال الاضطرار و انحصار طريق تحصيل المعاش.

و دعوى اختلاف سفري الصيد للمعاش و غيره مع اتّحادهما في جميع الخصوصيّات بمجرّد قصد الاكتساب و عدمه مدفوعة بأنّ ما يكون لهواً باعتبار نفسه لا يختلف عنوانه باعتبار قصد الاكتساب، كما في التغنّي و ضارب الأوتار للاكتساب و طلب المعاش. و لهذا ورد في غير واحد من الأخبار التصريح بحرمة كسب المغنيّة؛ فإنّه لو لم يكن اللهو صادقاً و لو مع قصد الاكتساب، لم يكن وجه للحرمة، بناءً على ما مرّ من اختيار المصنّف (قدس سره) من كون الحرمة، بل تحقّق عنوان الغناء دائراً مدار صدق اللهو‌. [1]

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «إنّ اللهو بإطلاقه محرّم على الإنسان المكلّف، فلا دلالة لها على ذلك أصلاً»، (إنتهی ملخّصاً، مع التصرّف). [2]

الإشکال الثاني

[الروایة][3] لا تدلّ على حرمة اللهو، بل غاية مدلولها انقسام السفر على قسمين و أنّ الخروج في اللهو لا يوجب التقصير، فليكن سفر اللهو عنواناً مستقلّاً في عدم التأثير في التقصير غير عنوان سفر المعصية. [4]

و قال النجفيّ التبریزيّ (رحمه الله): «لا يخفى عليك أنّ غاية ما يقال في هذا الخبر أنّه يدلّ على الحرمة مع ذلك العنوان؛ أي الصيد بالبزاة و الصقر و لا يدلّ على حرمة مطلق اللهو، مضافاً إليه يرد عليه توجيه عدم دلالته على المطلوب لأجل عدم الملازمة عقلاً بين القصر و الحرمة، فالحرمة لو قلنا بها يحتاج إلى دليل آخر، لو كان اللهو مصداقاً للهو الحرام، فالملازمة واضحة. إنّ مجرّد الصيد بالصقر و البزاة ليس بلهو، فالرواية لا تثبت الحرمة، ما لم توجد القيود التي ذكرت في الرواية لتحقّق اللهويّة بالمعنى الخاصّ من التنزّه و البطر؛ أي الطغيان بالنعمة أو استخفافها بأنّ صرفها في غير وجهها»، (إنتهی ملخّصاً). [5]

و قال الإمام الخمینيّ (رحمه الله): «[یمکن] المناقشة في استفادة حرمة مطلق اللهو بنحو قوله×: «إنّه خرج للهو» لاحتمال دخالة خصوصيّات سفر الصيد اللهويّ في الحكم؛ كالخروج مع البزاة[6] و الصقورة[7] و نحوهما، فإلغاء الخصوصيّة مشكل، تأمّل»، (إنتهی ملخّصاً). [8]

و قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «غاية ما يستفاد أنّ السفر للصيد اللهويّ لا يوجب القصر، فلا دلالة فيها على كون السفر معصيةً؛ إذ لا ملازمة بين وجوب الإتمام في السفر و بين كونه معصيةً، بل هو أعمّ من ذلك»، (إنتهی ملخّصاً).[9]

أقول: أقصی ما یستفاد من هذه الطائفة من الروایات هو أنّ الصلاة تتمّ في سفر الصید اللهويّ و لکن لا تلازم بین إتمام الصلاة و کون السفر معصيةً «إذ في بعض الأوقات تتمّ الصلاة في السفر بینما أنّ السفر لیس معصيةً، کصلاة من نوی في السفر عشرة أیّام أو صلاة من کان دائم السفر». و وجوب إتمام الصلاة في السفر أعمّ من أن یکون سفره معصیةً، بل یمکن أن یکون نفس سفر الصید اللهويّ موجباً لإتمام الصلاة، لا بعنوان أنّه لهو و حرام حتّی نستنتج أنّ «کلّ لهو معصية» و یمکن أن یکون السبب في وجوب إتمام الصلاة لمن سفر للصید تفرّجاً، هو أنّ القصر جعل للتسهیل في السفر و من سفر للصید تفرّجاً، لا یقع في مشقّة حتّی یصیر قصر الصلاة تسهیلاً لأمره. نعم قد جعلت موثّقة عبیدة بن زرارة المتقدّمة علّة إتمام الصلاة عدم کون السفر في مسیر الحق.

و الحاصل أنّ إتمام الصلاة قد صار مقيّداً بالسفر الذي یکون للصید اللهوي. و هذا الکلام لا یدلّ علی أنّ علّة إتمام الصلاة کون السفر معصیةً، هذا أوّلاً. و ثانیاً: لو کان السفر للصید مع التفرّج حراماً و کانت الصلاة تماماً لجهة حرمته، لرفع وجوب الإتمام في حال الاضطرار الذي رفعت الحرمة فیه و وجب علیه القصر، بینما أنّه لم یفتِ أحد من العلماء بأنّ الصلاة في سفر الصید اللهوي قصراً عند الضرورة، فیستفاد أنّ علّة إتمام الصلاة لیست کون سفر هذا الشخص معصیةً.

 


[1] . حاشیة المکاسب، الشیرازی، محمد تقی، ج1، ص134.
[3] الزیادة منّا.
[5] . تحلیل الکلام فی فقه الاسلام، التبریزی، شیخ راضی، ج1، 198.
[6] أي: واحد البازي و هو ضرب من الصقور (شاهین).
[7] أي: جمع الصَقْر: الطائر الذي يُصادّ به‌ (باز، پرنده‌ای که با آن شکار می‌کنند).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo