< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ اللهو/ حکم اللهو

 

التعریف السابع

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «المراد به ما لا يترتّب عليه أثر عقلائيّ و كأنّه يشغل الإنسان عن الأمور الجدّيّة و ما ترتبط سعادة الإنسان به». [1]

و قال (حفظه الله): «إنّ اللهو عبارة عن حالة الالتهاء و الاشتغال عن الشي‌ء [و هو][2] يناسب بعد الزمن الذي تنمو فيه القوّة الشهويّة، فتصدر الأفعال عن تلك القوّة و على ذلك فاللهو فعل النفس و اشتغالها باللذائذ الشهويّة»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [3]

التعریف الثامن

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «اللهو يراد به أحد معاني: الأوّل: أنّه ما يكون سبباً لنسيان الهموم النفسيّة و المشاكل الدنيويّة التي يعانيها الفرد في حياته الجادّة. فيقال: إنّه لهي عنها أو نسيها. الثاني: ما يكون سبباً للتبذّل العرفيّ في مقابل الرزانة[4] و الرصانة[5] . الثالث: ما يكون غير هادفٍ لهدف صحيح؛ كشفاء بعض الأمراض أو سرعة إنتاج الحيوان أو النبات بالموسيقيّ و نحو ذلك. فإن كان على غير مثل هذه الأهداف، فهو لهوي». [6]

المبحث الثاني: حکم اللهو تکلیفاً

تحریر محلّ النزاع

لا خلاف بين المسلمين قاطبةً في حرمة اللهو في الجملة، بل هي من ضروريّات الإسلام و إنّما الكلام في حرمته على وجه الإطلاق. [7]

هنا قولان:

القول الأوّل: الحرمة مطلقاً [8] [9] [10] [11] [12]

إستظهر المحقّق القمّيّ (رحمه الله) و المحقّق الخوئيّ (رحمه الله) من عبارة المحقّق الحلّيّ (رحمه الله) حرمة مطلق اللهو حیث قال المحقّق القمّيّ (رحمه الله): «يظهر من المحقّق (رحمه الله) في المعتبر حرمة اللهو مطلقاً». [13] و قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «ظاهر جملة من الأصحاب، بل صريح بعضهم أنّ اللهو حرام مطلقاً»، (إنتهی ملخّصاً).[14]

و إلیك عبارة المحقّق الحلّيّ (رحمه الله): «إنّ اللهو حرام، فالسفر له معصية؛ لأنّ الرخصة لتسهيل الوصول إلى المصلحة و لا مصلحة في اللهو». [15] [16]

و أیضاً یستظهر من عبارتي المحقّق الثاني (رحمه الله) و الشیخ البحرانيّ حرمة مطلق اللهو:

قال المحقّق الثاني (رحمه الله): «لمّا كان بين الطبل المتّخذ من النفيس و الخسيس[17] فرق- لأنّ الأوّل يقصد منه اللهو المحرّم و يقصد رضاضه[18] لنفاسته، بل قصد رضاضه أقوى من قصد منفعته المحرّمة و أكثر، بخلاف المتّخذ من الخسيس- فرّق بينهما[19] في الحكم، فصحّت الوصيّة بالنفيس[20] ...». [21]

و قال الشیخ البحراني: «إنّ تحصیل الرزق منه ما يكون محرّماً و هي[22] ما يقصد بتحصيله الصرف في اللهو و اللعب و المعاصي و نحو ذلك»، (إنتهی ملخّصاً). [23]

إشکالان في القول الأوّل

الإشکال الأوّل

قال المحقّق البروجرديّ (رحمه الله): «حرمة بعض أقسام اللهو و إن كانت قطعيّةً، لكن لا يمكن الالتزام بحرمة جميع ‌أقسامه؛ إذ المحرّم من اللهو هو ما أوجب خروج الإنسان من حالته الطبيعيّة، بحيث يوجد له حالة سكر لا يبقى معها للعقل حكومة و سلطنة، كالألحان الموسيقيّة التي تخرج من استمعها من الموازين العقليّة و تجعله مسلوب الاختيار في حركاته و سكناته فيتحرّك و يترنّم على طبق نغماتها و إن كان من أعقل الناس و أمتنهم». [24]

الإشکال الثاني

إنّ القول بحرمة اللهو مطلقاً غير ثابت و إلّا يلزم حرمة كثير من الأمور، أضف إلى ذلك أنّ كثيراً من المسابقات و الألعاب الرياضيّة يترتّب عليها فوائد عسكريّة و أدبيّة و علميّة و جسمانيّة، كما في مسابقات الزوارق البحريّة و الشراعيّة و كرّة القدم و السباحة و الرماية و المصارعة بالأبدان يترتّب عليها فوائد لا تخفى، فالقول بتحريمها مع كونها من التنزّهات السالمة يحتاج إلى دليل و ليس كلّ لعب من هذا القسم؛ كمعرفة ما في اليد من الزوج و الفرد و غيره. [25]

إستفادة حرمة مطلق اللهو من ظاهر کلام بعض الفقهاء

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمه الله): «اللهو حرام‌ على ما يظهر من المبسوط في فقه الإماميّة[26] و السرائر[27] و المعتبر[28] و القواعد [29] و الذكرى[30] و الجعفريّ [31] و غيرها حيث علّلوا لزوم الإتمام في سفر الصيد بكونه محرّماً من حيث اللهو[32] ». [33]

و إلیك صریح كلماتهم:

قال الشیخ الطوسيّ (رحمه الله): «إذا سافر للصيد بطراً أو لهواً لا يجوز له التقصير». [34]

و قال (رحمه الله) في موضع آخر: «السفر على أربعة أقسام ... الرابع سفر معصية؛ مثل طلب صيد للهو»، (إنتهی ملخّصاً). [35]

و قال ابن إدریس (رحمه الله): «صيد اللهو و البطر يجب فيه تمام الصلاة و الصوم». [36]

و قال العلّامة الحلّيّ (رحمه الله): «لا يقصر العاصي به؛ كتابع الجائر و المتصيّد لهواً». [37]

و قال (رحمه الله) في موضع آخر: «لو سافر للهو و التنزّه بالصيد بطراً لم يقصّر. ذهب إليه علماؤنا أجمع، لنا: أنّ اللهو حرام، فالتقصير إعانة له على القبيح و لأنّ الرخصة وصلة إلى تحصيل المصلحة و لا مصلحة في اللهو». [38]

و قال الشهید الأوّل (رحمه الله) في شروط القصر في الصلاة: «الصيد لهواً و بطراً معصية، فلا ترخّص فيه». [39]

و قال المحقّق الثاني (رحمه الله) في شروط القصر في الصلاة: «كون السفر سائغاً...‌ و المتصيّد لهواً لا يترخّصون»[40]

 


[2] الزیادة منّا.
[4] أي: الوقار.
[5] أي: المتانة.
[6] . ما وراء الفقه، الصدر، السید محمد، ج3، ص90.
[12] . التعلیقة علی المکاسب، اللاری، عبدالحسین، ج1، ص206.
[17] أي: الحقیر.
[18] أي: کساره (شکسته شدۀ آن).
[19] النفیس و الخسیس.
[20] لقصد رضاضه لنفاسته.
[22] الصحیح: هو.
[32] يعني من حيث ترتّب اللهو عليه ترتّب الغاية على ذيها لا من حيث انطباق عنوانه عليه انطباق الكلّيّ على الفرد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo