< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/03/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: المکاسب المحرمة/ الکهانة/ حکم العرّاف

تذنیبان

التذنیب الأوّل: في العرّاف

و فیه مطلبان:

المطلب الأوّل: في تعریف العرّاف

تعریف العرّاف لغةً

إختلفوا أهل اللغة في معناه.

المعنی الأوّل

منهم[1] من كان يزعم أنّه يعرف الأمور بمقدّمات أسباب يستدلّ بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله. و هذا يخصّونه باسم العرّاف؛ كالذي يدّعي معرفة الشي‌ء المسروق و مكان الضالّة و نحوهما. [2]

المعنی الثاني

العرّاف كالكاهن إلّا أنّ‌ العرّاف يختصّ بمن يخبر بالأحوال المستقبلة و الكاهن بمن يخبر بالأحوال الماضية. [3]

المعنی الثالث

العرّاف‌ الطبيب أو الكاهن. [4]

العرّاف‌ مثَقّل بمعنى المنجّم و الكاهن. [5]

تعریف العرّاف اصطلاحاً

قال الشیخ حسین البحرانيّ (رحمه الله): «كذلك يحرم إتيان العرّاف و هم أحد أقسام الكهنة». [6]

أقول: لو کان العرّاف من أقسام الکهنة؛ فحکمه معلوم بأنّه حرام. و أمّا لو کان المراد به من یعرف بعض الأمور بمقدّمات و أسباب من حال یراه أو کلام یسأله أو فعل أو حرکات أو سکنات و نحو ذلك، فلا دلیل علی حرمته و لعلّ المراد من العرّاف في الروایات هو الکاهن أو قسم منه.

و قال المحقّق الشیرازيّ (رحمه الله): «لا يخفى أنّ الظاهر من عبارة النهاية [7] أنّ الذي يخصّ بهذا الإسم هو خصوص القسم الثاني من القسمين اللذين ذكرهما للكاهن و هو من يخبر عن الكائنات في المستقبل بغير توسّط الجن». [8]

و قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «منهم[9] من يدّعى معرفة الأمور بمقدّمات و أسباب يستدلّ بها على مواقعها من حال يراه أو كلام يسأله أو فعل أو حركات أو سكنات أو نحو ذلك ممّا يستشهد به على بعض الأمور و يطلق عليه العرّاف».[10]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «يظهر من رواية عقبة بن بشير الأسديّ عن الباقر(ع)[11] أنّ العريف كان له معنى آخر و هو من يعرف القوم و يعرفهم للسلطان. و لعلّه لهذا جعله في جنب العشّار و شبهه». [12]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّ الظاهر أنّ العرّاف من كان يعتمد على غير القواعد التجريبيّة و السنن الطبيعيّة العلميّة». [13]

أقول: العرّاف هو الذي حرفته العرّافة. «یعرف بالکلام أو الفعل المال المسروق أو المال الضالّ»، یقال لحرفته العرّافة و لشخصه عریف و عرّاف بمعنی أنّ حرفته هذه. قد یطلق علی المنجّم و قد یطلق علی الکاهن، العرّاف. قد یقع الکاهن مقابل العرّاف؛ لأنّ العریف یعلم المستقبل بهذا الکلام و الفعل و الکاهن یعلم ما هو أعمّ من الحال و الاستقبال. هذه إمّا لا یکون لها أساس علميّ و إمّا لها أساس علميّ لکن لها مؤثّر آخر نظیر الطبّ. و لکن من حیث إنّه قال لا أصغي إلی کلامهم، یعلم أنّها لا أساس علميّاً لها.

العرّاف قد یطلق علی نفس الکاهن بالقول المطلق بمعنی أنّ الکاهن هو العرّاف، و قد یقال لمن یستمدّ من الأدواة النجوميّة للوصول إلی الاطّلاعات و یقال لهذه الحرفة، العرّافة. و یقال للکاهن الذي یطّلع علی المطلب المستور المخفيّ الغائب بواسطة کيفيّة السلوك و قول أرباب الرجوع، العرّاف. فالعرّاف قد یُتلقّی مرادفاً للکاهن، قد یطلق العرّاف علی الذين یستمدّون من الأبحاث النجوميّة للوصول إلی الأخبار المستورة. و قد ظهر الفرق بینها و بین القیافة و أیضاً مع السحر و الشعبدة و الطلسم.

المطلب الثاني: في حکم العرافة

صرّح بعض الفقهاء بحرمة العرافة. [14] [15] [16]

قال الشهیديّ التبریزيّ (رحمه الله): «العرّافة فهي و إن كانت غير الكهانة إلّا أنّها حرام مثلها»، (إنتهی ملخّصاً). [17]

و قال النجفيّ التبریزيّ (رحمه الله): « العرافة غير الكهانة و لكنّها أيضاً حرام». [18]

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّ الإخبار عن المغيّبات؛ سواء كان من طريق التنجيم أو الكهانة أو العرافة أو العلوم الغريبة، مشكل شرعاً».[19]

دلیل الحرمة: الروایة

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ بَابَوَيْهِ الْقُمِّيُّ[20] الْفَقِيهُ نَزِيلُ الرَّيِّ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ (حفظه الله) رُوِيَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ[21] عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ[22] عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع) عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (علیهم السلام) عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب (ع) قَال‌: «... نَهَى (ص) عَنْ إِتْيَانِ الْعَرَّافِ‌ وَ قَالَ (ص): «مَنْ‌ أَتَاهُ‌ وَ صَدَّقَهُ‌، فَقَدْ بَرِئ‌ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (ص)...». [23] [24]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [25] [26] [27]

أقول: لعلّ المراد منه الکاهن أو قسم منه، کما قال الشیخ محمّد تقي المجلسي: نهی عن إتیان العرّاف و هو کشدّاد، المنجّم و الکاهن و هو الذي یتعاطی الخبر عن الکائنات في مستقبل الزمان و یدّعي معرفة الأسرار. [28]


[1] أي: الکهّان.
[8] . حاشیة علی مکاسب الشیخ الاعظم، الشیرازی، محمد تقی، ج1، ص134.
[9] الکهنة.
[11] إختيار معرفة الرجال المعروف بـ رجال الكشي، الشيخ الطوسي، ج1، ص203. و جاء فیه: حَمْدَوَيْهِ [حمدویه بن نصیر: إماميّ ثقة] وَ إِبْرَاهِيمُ [إبراهیم بن نصیر الکشّي: إماميّ ثقة]، قَالا: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ نُوحٍ [بن درّاج: إماميّ ثقة]، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنَانٌ [حنان بن سدیر الصیرفي: واقفيّ ثقة و الظاهر أخذ المشايخ‌ عنه ‌قبل ‌وقفه] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ بَشِيرٍ الْأَسَدِيِّ [مهمل]، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ [الإمام الباقر](ع) فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي مِنَ الْحَسَبِ الضَّخْمِ مِنْ قَوْمِي وَ إِنَّ قَوْمِي كَانَ لَهُمْ عَرِيفٌ [هو القيّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم‌] فَهَلَكَ فَأَرَادُوا أَنْ يُعَرِّفُونِي عَلَيْهِمْ فَمَا تَرَى لِي قَالَ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(ع): «تَمُنُّ عَلَيْنَا بِحَسَبِكَ إِنَّ اللَّهَ- تَعَالَى- رَفَعَ بِالْإِيمَانِ مَنْ كَانَ النَّاسُ سَمَّوْهُ وَضِيعاً إِذَا كَانَ مُؤْمِناً وَ وَضَعَ بِالْكُفْرِ مَنْ كَانَ يُسَمُّونَهُ شَرِيفاً إِذَا كَانَ كَافِراً، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّ قَوْمِي كَانَ لَهُمْ عَرِيفٌ فَهَلَكَ فَأَرَادُوا أَنْ يُعَرِّفُونِي عَلَيْهِمْ: فَإِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ الْجَنَّةَ وَ تُبْغِضُهَا فَتَعَرَّفْ عَلَى قَوْمِكَ، يَأْخُذُ سُلْطَانٌ جَائِرٌ بِامْرِئٍ مُسْلِمٍ يَسْفِكُ دَمَهُ فَتَشْرَكُهُمْ فِي دَمِهِ. وَ عَسَى أَنْ لَا تَنَالَ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئاً». (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود عقبة بن بشیر الأسديّ في سندها و هو مهمل).
[18] . تحلیل الکلام فی فقه الاسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص194.
[20] محمّد بن عليّ الحسین بن بابویه القمّي: إماميّ ثقة.
[21] البصري: مهمل.
[22] الحسین بن زید الهاشميّ ذو الدمعة: مختلف فیه و هو إمامي، ثقة ظاهراً.
[23] من لا يحضره الفقيه‌، الشيخ الصدوق‌، ج4، ص6. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود شعیب بن واقد في سندها و هو مهمل).
[24] من لا يحضره الفقيه‌، الشيخ الصدوق‌، ج4، ص532. ما كان فيه عن شعيب بن واقد في المناهي فقد رويته عن حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب(علیهم السلام) [القزویني: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] قال: حدّثني أبو عبد اللّه عبد العزيز بن محمّد بن عيسى الأبهريّ [مهمل] قال: حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن زكريّا الجوهريّ الغلابيّ البصريّ [محمّد بن زكريّا بن دینار الغلابي: إماميّ ثقة] قال: حدّثنا شعيب بن واقد [البصري: مهمل] قال: حدّثنا الحسين بن زيد [ذو الدمعة، الهاشمي: مختلف فیه و هو إمامي، ثقة ظاهراً]، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(علیهم السلام) قال: نهى رسول اللّه (ص).‌. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود شعیب بن واقد و عبد العزيز بن محمّد بن عيسى الأبهريّ في سندها و هما مهملان)
[26] . تحلیل الکلام فی فقه الاسلام، التبریزی، الشیخ راضی، ج1، ص194.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo