< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

44/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکهانة/ حکم الکهانة

دلیلان علی الحرمة مطلقاً

الدلیل الأوّل: الروایات

فمنها: حَدَّثَنَا أَبِي[1] (رحمه الله) قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ[2] عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ[3] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[4] عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ[5] عَنْ أَبِي بَصِيرٍ[6] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: «مَنْ‌ تَكَهَّنَ‌ أَوْ تُكُهِّنَ‌ لَهُ‌، فَقَدْ بَرِئَ‌ مِنْ دِينِ مُحَمَّد (ص) ...». [7]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17]

إشکال في سند الروایة

الروایة ضعیفة. [18]

هي ضعيفة بأبي حمزة. [19]

أقول: ضعف الروایة مستند إلی ضعف حمزة البطائنيّ فقط و المباني مختلفة فیه و حیث قبلنا روایاته في مواقع، فلا إشکال من حیث السند و هکذا الإشکال من حیث الدلالة. و لذا استدلّ بها الفقهاء العظام.

و منها: الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ[20] عَن‌ الْهَيْثَمُ[21] قَالَ‌: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): إِنَّ عِنْدَنَا بِالْجَزِيرَةِ رَجُلاً رُبَّمَا أَخْبَرَ مَنْ يَأْتِيهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْ‌ءِ يُسْرَقُ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ أَفَنَسْأَلُهُ؟ قَالَ: فَقَالَ (ع): قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): «مَنْ‌ مَشَى‌ إِلَى‌ سَاحِرٍ أَوْ كَاهِنٍ‌ أَوْ كَذَّابٍ‌ يُصَدِّقُهُ‌ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتاب‌». [22] [23] [24]

إستدّل بها بعض الفقهاء. [25] [26] [27] [28] [29] [30] [31] [32] [33] [34]

أقول: الروایة صحیحة سنداً و دلالتها علی حرمة من مشی إلی کاهن مسلّمة و بالملازمة العرفيّة و العاديّة یصحّ الاستدلال علی حرمة فعل الکاهن. و لا یخفی أنّها تدلّ علی حرمة المشي إلی الکاهن مع التصدیق و لکن یمکن أن یقال بأنّ التصدیق یوجب الکفر و لا ینافي کون أصل المشي و لو بلا تصدیق حراماً کما نستفاد من سائر الروایات.

بیان وجه الدلالة

قال بعض الفقهاء (رحمه الله): «الظاهر أنّ استشهاد الإمام (ع) بقول الرسول (ص) إنّما هو لأجل عدم كون المخبر المذكور خالياً عن واحد من العناوين الثلاثة. و إلّا فلا وجه للاستشهاد المزبور، خصوصاً مع التقييد بقوله (ع): «يصدّقه بما يقول» كما لا يخفى. و عليه فلا وجه لما حكي عن تقريرات بعض الأعلام (رحمهم الله) من أنّه لا دلالة في الرواية على انحصار المخبر عن الأمور المغيبة بالكاهن و الساحر و الكذّاب، بل الظاهر منها أنّ الإخبار المحرّم منحصر بإخبار هذه الطوائف الثلاث، فالإمام بيّن ضابطة حرمة الإخبار عن الغائبات. و نظيره ما إذا سئل أحد عن حرمة شرب العصير التمري، فأجاب بأنّ الحرام من المشروبات إنّما هو الخمر و النبيذ و العصير العنبيّ إذا غلا؛ فإنّ هذا الجواب لا يدلّ على حصر جميع المشروبات بالمحرّم و إنّما يدلّ على حصر المشروبات المحرّمة بالأمور المذكورة. و إذن فلا دلالة في الرواية على حرمة مطلق الإخبار[35] ». [36]

أقول: کلامه (رحمه الله) متین.

و منها: قال أمیرالمؤمنین (ع): «أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَ تَعَلُّمَ‌ النُّجُومِ‌ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ؛ فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ وَ الْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ وَ الْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ[37] وَ السَّاحِرُ كَالْكَافِرِ». [38]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [39] [40] [41] [42] [43]

و منها: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ[44] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)‌: فَمِنْ أَيْنَ أَصْلُ الْكِهَانَةِ وَ مِنْ أَيْنَ يُخْبَرُ النَّاسُ بِمَا يَحْدُثُ: قَالَ (ع): «إِنَّ الْكِهَانَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي كُلِّ حِينِ ﴿فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾[45] كَانَ الْكَاهِنُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ يَحْتَكِمُونَ إِلَيْهِ فِيمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأُمُورِ بَيْنَهُمْ فَيُخْبِرُهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ تَحْدُثُ وَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى فِرَاسَةِ الْعَيْنِ وَ ذَكَاءِ الْقَلْبِ وَ وَسْوَسَةِ النَّفْسِ وَ فِتْنَةِ الرُّوحِ مَعَ قَذْفٍ فِي قَلْبِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَوَادِثِ الظَّاهِرَةِ فَذَلِكَ يَعْلَمُ الشَّيْطَانُ وَ يُؤَدِّيهِ إِلَى الْكَاهِنِ وَ يُخْبِرُهُ بِمَا يَحْدُثُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الْأَطْرَافِ. وَ أَمَّا أَخْبَارُ السَّمَاءِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَقْعُدُ مَقَاعِدَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ إِذْ ذَاكَ وَ هِيَ لَا تَحْجُبُ وَ لَا تُرْجَمُ بِالنُّجُومِ وَ إِنَّمَا مُنِعَتْ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْأَرْضِ سَبَبٌ تُشَاكِلُ الْوَحْيَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَيَلْبَسُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مَا جَاءَهُمْ عَنِ اللَّهِ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ وَ نَفْيِ الشُّبْهَةِ وَ كَانَ الشَّيْطَانُ يَسْتَرِقُ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ بِمَا يَحْدُثُ مِنَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ فَيَخْتَطِفُهَا ثُمَّ يَهْبِطُ بِهَا إِلَى الْأَرْضِ فَيَقْذِفُهَا إِلَى الْكَاهِنِ؛ فَإِذَا قَدْ زَادَ كَلِمَاتٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيَخْلِطُ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ فَمَا أَصَابَ الْكَاهِنُ مِنْ خَبَرٍ مِمَّا كَانَ يُخْبِرُ بِهِ فَهُوَ مَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ لِمَا سَمِعَهُ وَ مَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ مِنْ بَاطِلِ مَا زَادَ فِيهِ، فَمُنْذُ مُنِعَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ انْقَطَعَتِ الْكِهَانَةُ وَ الْيَوْمَ إِنَّمَا تُؤَدِّي الشَّيَاطِينُ إِلَى كُهَّانِهَا أَخْبَاراً لِلنَّاسِ بِمَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ وَ مَا يُحَدِّثُونَهُ وَ الشَّيَاطِينُ تُؤَدِّي إِلَى الشَّيَاطِينِ مَا يَحْدُثُ فِي الْبُعْدِ مِنَ الْحَوَادِثِ مِنْ سَارِقٍ سَرَقَ وَ مِنْ قَاتِلٍ قَتَلَ وَ مِنْ غَائِبٍ غَابَ وَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِ أَيْضاً صَدُوقٌ وَ كَذُوب ...». [46]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [47]

أقول: نفهم من الروایة حرمة الکهانة و کونها قد تکون صادقةً و کاذبةً و لا یصحّ الرکون إلیها و لکنّ السند ضعیف.

و منها: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[48] عَنْ أَبِيهِ[49] عَنِ النَّوْفَلِيِّ[50] عَنِ السَّكُونِيِّ[51] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)‌ قَالَ:«السُّحْتُ ثَمَنُ الْمَيْتَةِ ... وَ أَجْرُ الْكَاهِنِ‌». [52]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [53] [54]

أقول: الروایة تامّة سنداً و دلالةً و لکن تدلّ علی حرمة أجره فقط، فالدلیل أخصّ من المدّعی.

و منها: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ[55] قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطَّانُ[56] قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ[57] قَالَ: حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ[58] عَنْ أَبِيهِ[59] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفُضَيْلِ[60] عَنْ أَبِيهِ[61] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الْكَابُلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (ع) يَقُولُ: «... الذُّنُوبُ‌ الَّتِي‌ تُظْلِمُ‌ الْهَوَاءَ السِّحْرُ وَ الْكِهَانَةُ ...». [62]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [63] [64]

أقول: السند ضعیف و الدلالة تامّة.

و منها: بِإِسْنَادِهِ[65] عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (علیهم السلام) قَالَ: «مِنَ السُّحْتِ ثَمَنُ الْمَيْتَة ... وَ أَجْرُ الْكَاهِن‌ ...». [66]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [67]

أقول: السند ضعیف و الدلالة تامّة و لکن تدلّ علی حرمة أجره فقط، فالدلالة أخصّ من المدّعی.

 


[1] عليّ بن الحسین بن بابویه القمّي: إماميّ ثقة.
[2] القمّي: إماميّ، ثقة.
[3] الأنباري: إماميّ ثقة.
[4] زیاد: إماميّ ثقة، من أصحاب الإجماع.
[5] عليّ بن أبي حمزة: البطائني من رؤوس الواقفة، لکنّ الظاهر أخذ المشایخ عنه قبل وقفه و هو إماميّ ثقة.
[6] یحیی أبو بصیر الأسدي: إماميّ ثقة، من أصحاب الإجماع.
[7] .الخصال‌، الشيخ الصدوق، ج1، ص19.. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[16] . هدایت الطالب، ج1، ص105.
[20] السرّاد: إماميّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول.
[21] الهيثم بن واقد الجزري: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[37] إنّ الکاهن يخبر عن غير المجاري الطبيعيّة. و الساحر يفعل أفعالاً من غير المجاري الطبيعيّة.
[44] مولی بنی هاشم: إماميّ ثقة.
[46] .الإحتجاج، الطبرسي، أبو منصور، ج2، ص339.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[48] عليّ بن إبراهیم هاشم القمّي: إماميّ ثقة.
[49] إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[50] الحسين بن یزيد النوفلي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[51] إسماعیل بن أبي زیاد السکوني: عامّيّ ثقة.
[55] مختلف فیه و هو إماميّ علی قول، لم تثبت وثاقته.
[56] مهمل.
[57] إماميّ لم تثبت وثاقته، ضعیف.
[58] تمیم بن عبد الله بن بهلول الرازي: مهمل.
[59] عبد الله بن بهلول الرازي: مهمل.
[60] عبد الله بن الفضل بن عیسی بن عبد الله بن عبد الله بن الحارث النوفلي: إماميّ ثقة.
[61] الفضل بن عیسی بن عبد الله بن الحارث النوفلي: مهمل.
[62] .معاني الأخبار، الشيخ الصدوق، ج1، ص271.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین في سندها)
[65] . محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي‌: إماميّ ثقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo