< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/05/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الوقایة من الجرم/ الإعانة علی الإثم/ وجوب دفع المنکر

 

دراسة[1] استدلال بعض الفقهاء علی عدم حرمة الإعانة علی الإثم

من الأدلّة هي روایة عليّ بن فضّال عن أبي الحسن الرضا (علیهالسلام): «عن سعد بن عبد الله،[2] عن أحمد بن محمّد،[3] عن الحسين بن سعيد[4] عن الحسن بن عليّ بن فضّال[5] قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أساله عن قوم عندنا يصلّون و لا يصومون شهر رمضان و أنا أحتاج إليهم يحصدون لي فإذا دعوتهم إلى الحصاد لم يجيبوا حتّى أطعمهم و هم يجدون من يطعمهم فيذهبون إليه و يدعوني و أنا أضيق[6] من إطعامهم في شهر رمضان فكتب عليه السلام إليّ بخطّه أعرفه[7] : أطعمهم».[8]

هذه الروایة موثّقة.

یقول المرحوم آیةالله التبریزيّ في مورد هذه الروایة: «و حملها علی صورة الاضطرار إلی الإطعام لا تساعده قرینة فإنّ المذكور في الرواية احتياج المعطي إلى عملهم و الحاجة غير الاضطرار الرافع للتكليف، كما أنّ حملها على صورة كونهم معذورين في الإفطار يدفعه إطلاق الجواب وعدم الاستفصال فيه عن ذلك»[9] یعني (رحمهالله) إن أردنا حمل الروایة علی الاضطرار أي أنّهم لا یطیقون الصیام فلا یکون هناك قرینة علی هذا الحمل. إنّما المذکور في الروایة هو أنّ السائل لدیه زراعة و احتاج في حصاده إلی المستخدمین. الاحتیاج إلی الحصاد غیر الاضطرار الرافع للتکلیف. (الاضطرار مرتبته أعلی و غیر الاحتیاج). إن أردتم حمل الروایة علی مورد هم معذورن (مثلاً) بهم قُرحة المعدة[10] فالروایة مطلقة و لم یفصّل فیها. (أطلق (علیهالسلام) و قال «أطعمهم» و لم یقل إن کانت بهم داء فأطعمهم).

الإشکال في الاستدلال بالروایة

یستفید المحقّق الخوئيّ و آیةالله التبریزيّ من هذه الروایة أنّ الإعانة علی الإثم لیست بحرام، لکن برأینا لیس کلامهما صحیحاً رغم الشخصیّة العلمیّة لهذین النبیلین[11] .

 

الإشکال الأوّل: قد جاء في الروایة «يصلّون و لا يصومون» تصلّي المستخدمون، لکن لا یصومون في شهر رمضان. یجب حمل عمل المؤمن علی الصحّة. إمرء مؤمن یصلّي و لم أر منه سوءاً، حیث لا یصوم في شهر رمضان، لا یمکن أن أقول هذا فاسق. لعلّه ذو مشکل أن لا یقدر علی الصیام؛ إذ یعلم وظیفته الشرعیّة. یقول الإمام الخمینيّ (قدّس سره) في تحریر الوسیلة: إن وهبت إمرأة نفسها لرجل، لا یلزم أن یُسأل منها هل هي ذات بعل أم لا؛ إذ هي متدیّنة و لیس لها زوج ألبتّة إذ وهبت نفسها له. معنی کلامه (قدّسسرّه) هو أنّه یلزم حمل فعل المؤمن علی الصحّة. في مورد الروایة لا یجوز أن یُسأل لماذا لا تصوموا؟ هم أعلم بوظیفتهم الشرعیّة. بعض علمائنا العظماء لا یقدرون علی الصیام أیضاً. یکفي في جواز الإفطار احتمال الضرر. لعلّ المستخدمین قد سألوا من الإمام أنّا لا نقدر علی الصیام في جوّ الصیف الحارّ للحجاز في شهر رمضان و ستقع أسرتنا في الشدّة؛ من أجل هذا أجاز الإمام (علیهالسلام) أن لا یصوموا و یأتوا بقضائه من بعد.

الإشکال الثاني: قال آیةالله التبریزي: «و الحاجة غير الاضطرار الرافع للتكليف» لیس المرفوع حکمه في الإسلام هو الاضطرار فقط، بل رفع أیضاً الحکم الحرجيّ ﴿مَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[12] کما رفع الاضطرار ، رفع أیضاً الحرج و لا یجوز أن نقع في الحرج. لیس هناك أحد أن یحصد الزرع و إن لم تحصد المستخدمون الزرع فالزرع یضیع. عندما تحصد المستخدمون الزرع إن لم یأکلوا الطعام و یشربوا الماء فیسیقعون في الحرج و لا یقدرون علی الصیام و الحصاد، فبالتالي سیقعون في شدّة في معیشتهم. یمکن أن لا یموتوا، لکن یقعون في حرج شدید. لم یك لدیهم دخل و بهذا العمل أمّن معاشهم و الصیام یوجب أن لا یقدروا علی العمل فسیقعون في الحرج الشدید.

الإشکال الثالث: قال آیةالله التبریزيّ إنّ الإمام لم یستفصل؛ أي لم یقل إن کان الحاصد مریضاً فأعطه الطعام و إلّا فلا. الإشکال هو أنّه جاء في الروایة أنّهم کانوا یصلّون و هم مؤمنون؛ فلا وجه للسؤال عن علّة إفطارهم؛ بناءاً علی هذا فعدم الاستفصال لا یدلّ علی الإطلاق و یجب أن یحمل عملهم علی الصحّة. إن مشی رجل مؤمن محافظ علی الصلاة مع إمرأة فلیحمل عمله علی الصحّة و وجب أن یقال (مثلاً) إنّها زوجته الشرعیّة. إنّ الاتّهام علی المؤمن ذنب عظیم.

الإشکال الرابع: بحثنا حول دفع المنکر؛ أي علیك أن تسدّ أمام المنکر منعاً لتحقّقه. أنت إن لم تطعمهم فسیذهبون إلی الآخر فهو یطعمهم، فإنّ في الروایة «و هم يجدون من يطعمهم فيذهبون إليه». دفع المنکر واجب؛ لکن إن لم أطعمهم فلا یتحقّق دفع منکر. مضافاً إلی أنّهم لا ینوون الصیام في ذلك الیوم و لم یکونوا صائمین حتّی یدفع المنکر بعدم إطعامك.

 


[1] أي: بررسی.
[2] إماميّ و ثقة.
[3] إماميّ و ثقة.
[4] ا إماميّ و ثقة.
[5] . فتحيّ المذهب و لکنّه ثقة، قال بعض إنّه من أصحاب الإجماع.
[6] أي: وجدانم ناراحت است.
[7] عبارة «أعرفه» من کلمات السائل و معناها أنّه عرف خطّ الإمام (علیه‌السلام).
[10] أي: زخم معده.
[11] أي: دو شخصیت برجسته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo