< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوقایة من الجرم/ الإعانة علی الإثم/ الإعانة علی النفس

 

کان الکلام في علم الفقه حول الوقایة من الجرم و حرمة الإعانة علی الإثم، استدللنا بآیة ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[1] . نتمسّك بالروایات الواردة في هذا الباب تأییداً لمدّعانا. من الروایات التي ذکرت في البحث السابق هي أن قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): «مَنْ أَكَلَ الطِّينَ فَمَاتَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ»[2] یعني أعان علی قتل نفسه.

ذکرت في هذه الروایة الإعانة علی نفس الإنسان بعنوان مفروغة حرمته. من المفروغ عنه أن لا یحقّ للإنسان أن یفعل علی نفسه عملاً . هذا المفاد هو «لا ضرر و لا ضرار في الإسلام». الإعانة علی النفس حرام و من مصادیقها أکل الطین. ذکر أکل الطین في هذه الروایة بعنوان المصداق و حرمة الإعانة علی النفس، لیس مختصّاً بأکل الطین؛ مثلاً: إن أکل أحد السمّ فمات، فهو حرام قطعاً. کلّ عمل ینتهي إلی الضرر علی الإنسان فلا یحقّ له أن یفعله. إستشهد بعض الأکابر مثل المحقّق البجنورديّ[3] و آیةالله الفاضل بهذه الروایة.

إشکالات الاستدلال بالروایة:

الإشکال الأوّل:

في سند هذه الروایة السکونيّ و النوفليّ و کلاهما مبحوث عنهما أنّهما ثقتان أم لا؟ فبعض العلماء قائل باعتبارهما و بعض لم یکن قائلاً بوثاقتهما.

جواب الإشکال:

قد ثبتت وثاقة النوفليّ و السکونيّ و لو أنّهما من العامّة. من جانب أخری یوافق محتوی الروایة مع حکم العقل. یحکم العقل بأن لا یجوز للإنسان أن یقدم علی نفسه. هذا حکم عقليّ و لا حاجة إلی حکم الشارع و الروایات تؤیّد حکم العقل. من أکل الطین فمات فقد أقدم علی نفسه قطعاً و فعل عملاً مخالفاً للشرع و العقل.

الإشکال الثاني:

الروایة واردة في خصوص أکل الطین، بینما أنّ ادّعائنا یکون مطلقاً أي «حرمة الإعانة علی الإثم مطلقاً» فلا یمکن أن تکون دلیلاً علی المدّعی.

جواب الإشکال:

هذا صحیح أن جاءت مسألة الأکل في الروایة؛ لکن لم تختصّ الروایة بها قطعاً. إن أکل أحد السمّ ثمّ مات فهو داخل في الروایة بقیاس الأولویّة القطعیّة. جمیع الموارد المشابهة یکون داخلاً في محتوی هذه الروایة و لا یمکن أن تستفاد خصوصیّة من هذه الروایة؛ مضافاً إلی أنّه لا یکون المستند هذه الروایة فقط حتّی تورد الإشکال. هذه الروایة قد بیّنت مصداقاً من حرمة الإعانة علی الإثم، لکن توجد أیضاً آیة القرآن و روایات أخر في هذا الباب.

الإشکال الثالث:

بعض الأکابر کان یعتقد بلزوم القصد في صدق عنوان الإعانة علی الإثم و کان یقول بتحقّق الإعانة علی الإثم في ما إذا قصد الإنسان الإعانة. یوجد کثیر من الأشیاء التي تضرّ بالإنسان و لم یقصد الإنسان أن یضرّ بها علی بنفسه؛ لکن یفعلها؛ مثلاً: به المرض السُکّريّ[4] و أکلُ الحلوی و السکّر مضرّ له، لکن حیث لدیه علاقة بالحلوی، یأکلها و تقتله بعد فترة. لیس لدیه قصد علی قتل نفسه و حیث لم یکن قصد، فلا تتحقّق الإعانة علی الإثم.

حرمة الإعانة علی الظلم:

حرمة الإعانة علی الظلم مقبولة عند الفقهاء و توجد روایات کثیرة في موردها و وردت في القرآن أیضاً آیات کما یقول الله في القرآن الکریم: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. کلّ متّفق علی أنّ الإعانة علی العدوان و الظلم حرام- حتّی المحقّق الخوئيّ الذي یقبل حرمة الإعانة، لکنّه یقول إنّ الإعانة علی الإثم لیست بحرام- لکن یکون في مورد الإعانة علی الإثم اختلاف. عندما تقبل حرمة الإعانة علی الإثم و قد جمعت الآیة بين الاثنين و توجد حینئذٍ هنا وحدة السیاق فیجب أن یقال في مورد الإثم ما یقال في مورد العدوان.

برأینا أنّ الاعانة علی الإثم حرام إذا صدق عنوانها عرفاً.


[4] أي: بیماری قند.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo