< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: الوقایة من الجرم/ الإعانة علی الإثم/ الإعانة علی ضرر النفس

 

کان الکلام في علم الفقه حول الوقایة من الجرم و الاستدلال بآیة ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[1] . قد أستدلّ بهذه الآیة لحرمة الإعانة علی الإثم. قد أشکل المحقّق الخوئيّ بأنّ التعاون علی الإثم حرام؛ لکنّ الإعانة لیست بحرام. قد فسّرنا هذه الآیة بالاستعانة من الکتب اللغة بأنّ التعاون هو الإعانة و أنّه لا فرق بینهما. قد فسّرت کتب اللغة التعاون ب «أعان بعضهم بعضاً».

قد ذکرنا لإثبات ادعائنا من حرمة الإعانة علی الإثم، شواهد و قرائن من الروایات. من الروایات روایة «عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[2] عَنْ أَبِيهِ[3] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[4] عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: مَنْ أَعَانَ عَلَى مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَتِي‌[5] ». من تکلّم علی مؤمن بجزء کلمة، فسوف یکتب یوم القیامة علی جبهته: «آیس من رحمتي». شاهد مثالنا في هذه الروایة، لفظ «أعان» الذي یدلّ علی أنّ الإعانة علی الإثم حرام.

إشکالات علی الاستدلال بالروایة:

الإشکال الأوّل:

هذا الخبر لیس متواتراً؛ لأنّه روي بطرق و تعابیر متفاوتة من کتب مختلفة. مفاد هذه الروایات قریب بعضها من بعض و إن جاء في بعض الروایات «مَنْ أَعَانَ عَلَى قتل مسلم»[6] و في بعضها «مَنْ أَعَانَ عَلَى مسلم»[7] و مع هذه التعابیر یوجد الاختلاف بین مفادها. إن کان التعبیر فیها «قتل مسلم» کانت المسألة أهمّ من أن قیل «علی مسلم» الذي لیس فیها «القتل».

جواب الإشکال:

إنّ التعابیر متفاوتة؛ لکن یمکن أن یقال إنّ نقل الروایات بتعبیري القتل و عدمه، بلغ حدّ التواتر؛ فعلیه یمکن أن یقال: إنّه قد صدرت هذه الروایة، إنّما المشکل في أنّه هل موضوع الروایة «علی قتل مسلم» أو «علی مسلم»؟ فإن کان «علی مسلم»، یکن کلّیّاً، فإذن کلّ من قال شیئاً ضدّ المؤمن فهو یقنط من رحمة الله؛ لکن إذا کان «علی قتل مسلم» فستصیر ساحة الیأس أضیق و تصیر الإعانة علی الإثم حراماً.

قد أشکلت عدّة من العلماء علی سند هذه الروایة، بینما أنّ هذا الإشکال لیس وارداً؛ إذ الروایة تکون متواترةً و سند بعض طرقها صحیح تماماً، غایة الأمر أن تقولوا: إن اعتبرنا التعبیرین منفصلین فلا تبلغ الروایة حدّ التواتر.

الإشکال الثاني:

حیث یکون الموضوع في الروایة هو القتل فهذه الخصوصیة مربوط بالقتل؛ إذ القتل أمر ذو أهمّیّة فإن یعاون أحد علی قتل مسلم فهو یقنط من رحمة الله.

جواب الإشکال:

قد جاءت الروایات بتعبیرین لیس في بعضها موضوع القتل و لو أنّ علیکم أن تثبتوا خصوصیّة القتل في الروایات. قال آیةالله الفاضل: إن أعان أحد علی القتل، لیس هذا إعانةً علی الإثم بل هو نفس الإثم؛ فهذا یصیر قرینةً علی أنّ الإعانة علی قتل المسلم خارجة عن الإعانة علی الإثم و هي نفس الإثم. مسألة القتل یکون لها هذا المقدار من الأهمّیّة بحیث تکون الإعانة علیه إثماً.

نکتة:

یجب الالتفات إلی مبنی قبول الروایات، ما هو؟ یکون مبنانا أن «یعاضد بعضها بعضاً». إعتقد المحقّق الخوئيّ أنّ الروایات الضعیفة إذا انضمّت بعضها ببعض فستصیر أصفاراً[8] لیست عدداً؛ لکن مشهور العلماء- مثل المحقّق النجفيّ و الشیخ الأنصاريّ و آیة الله البروجرديّ و الإمام الخمینيّ- یعتقدون أنّ الروایات إذا کانت ضعیفةً، یساعد بعضها بعضاً حتّی تثبت لنا المحتوی من أنّ الإعانة علی ضرر المسلم حرام و لیس للتمثیل بمصادیق- من القتل و المعصیة و التکلّم بکلمة- خصوصیّة.

إذن یمکن أن تُثبت بالاستعانة من هذه الروایات حرمة الإعانة. الروایات لیست منحصرةً في القتل، بل تکون بصدد بیان حرمة الإعانة في حقّ الناس. لحقّ الناس مصادیق، منها القتل. ورد في روایات کثیرة أنّ الله لا یغفر حقّ الناس. إستدللنا في إثبات حرمة الإعانة علی الإثم بآیة القرآن و لسنا بحاجة إلی الروایات؛ لکن نستشهد بهذه الروایات تقویةً لمدّعانا.

الروایة الثانیة:

«عليّ بن إبراهیم[9] عن أبیه[10] عن النوفليّ[11] عن السکونيّ[12] عن أبي عبدالله (علیه السلام) قال: «مَنْ أَكَلَ الطِّينَ فَمَاتَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ»[13] أي أعان علی قتل نفسه. أستخدم في هذه الروایة لفظ «الإعانة» لا «التعاون».

قال بعض العلماء:

إنّ هذه الروایة لا ترتبط ببحثنا، لکن بعضهم قد استند بها لإثبات أنّ إحدی المحرّمات هي الإعانة علی الإثم. کما أنّه لا يمکن لك الإضرار علی آخرین، فکذلك لا یمکنك الإضرار علی نفسك؛ مثلاً: آیةالله المکارم قد أفتی بحرمة التدخین؛ إذ هو مضرّ للإنسان. حرمة الإضرار علی النفس حکم عقليّ تؤیّده الروایات.


[2] امامی و ثقه.
[3] ابراهیم بن هاشم قمی که به نظر ما امامی و ثقه است.
[4] . محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: امامی ثقه از أصحاب إجماع.
[8] أي: عددهای صفر.
[9] امامی ثقه.
[10] ابراهیم بن هاشم قمی که به نظر ما امامی و ثقه است.
[11] برخی گفته‌اند امامی و ثقه است اما برخی گفته‌اند که عامی ثقه است.
[12] اختلافی است اما مشهور او را قبول کرده‌اند که عامی ثقه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo