< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوقایة من الجرم/ المقدّمة/ أهمیّة الوقایة من الجرم

کان الکلام في الفقه حول الوقایة من الجرم و أهمّيّتها في آيات القرآن الكريم.

الاستدلال بالآیة: مراعاة حقوق الأسرة و النساء

﴿يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَ لَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَينَةٍ وَ عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئاً وَ يجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً﴾.[1]

من الأمور التي تسبّب الاختلاف في الأسرة، عدم مراعاة حقوق المرأة. یرجع کثیر من الطلاقات و الاختلافات إلی أنّ بعض الرجال لا یراعون حقوق المرأة.

في بعض الأحیان تقول ورثة المیّت لإمرأة مات زوجها أنّك لا تتّخذین زوجاً آخر. قد يكون أحد أسباب ذلك أنّه إذا تزوّجت المرأة مرةً أخرى، یمکن أن سیولد لها أطفال و يرث منها الأطفال الجدد؛ لذلك لا يسمح أولاد الزوج السابق لأمّهم بالزواج لیرثوا المزيد من المیراث.

مورد آخر الذي یهتضم[2] فیه حقوق المرأة هو أنّ الزوج لا يعطيها مهرها أو یرید أخذه إن کان یعطیه إیّاها. أخذ ممتلكات[3] المرأة يسبّب الشقاق[4] داخل الأسرة. إذا أعطت المرأة المال عن طيب نفسها لزوجها فلا بأس؛ لكن لا يحقّ للرجل أن يأخذ منها ممتلكاتها بالإکراه و الجعجعة[5] . ليس من الصواب للرجل أن يتوقّع بطمع أن تمنحه المرأة ما لديها، تجب مراعاة حقوق الأسرة.

يقول الله في هذه الآية: لا حرج في أن یورث من المرأة؛ لكن هذا المیراث لا یکن بالإكراه (مثلاً: لا يحقّ لها أن تتزوّج مرةً أخرى و تلد طفلاً جدیداً أو أن یؤخذ منها بالقوة). لا تضیّقوا[6] على المرأة لأخذ بعض الأشياء مثل المهر الذي أعطيتموه إیّاها، إلّا أن تأتي بفاحشة مبیّنة، في هذه الصورة لا توجد مشكلة إن وقعت في مضیق[7] .

ثمّ یأمر في التالي أن یعمل مع النساء معاملةً جيّدةً. ﴿عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ إحدى مشاکل الزوجيّة هي أنّ لبعض الرجال حبّاً شدیداً لأزواجهم في بداية حیاتهم المشترکة؛ لكن في السنوات التالية، یتناقص حبّهم لأزواجهم. عند ما كان يعيش حياةً صعبةً و لم يكن في وضع ماليّ جيّد، كان محبّاً لزوجته جدّاً؛ لكنّ الآن بعد أن وصل إلى المنصب و المقام، کفح کیله[8] عن هذه المرأة ، لذلك لا یبالي بها. هذا السلوك يسبّب الاختلاف.

﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيئاً وَ يجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيراً كَثِيراً﴾ يأمر القرآن الكريم أن تعامل دائماً زوجتك معاملةً طيّبةً و أن تعاملها بالحب. إذا كنت بعد سنوات عديدة لا تحبّها كثيراً فاعلم أنّ هذه المرأة لقد تحمّلت عناءاً[9] شدیداً من أجلك فحنّ[10] علیها. یمکن أن لا تحبّه كثيراً؛ لكن هناك الكثير من الخير فیها. لا تدع النساء اللواتي تحمّلن عناءاً شدیداً من أجلك طوال حياتها. قد لا يكون شيء حسناً في رأیك لكنّه في رأي الله ذو خیر کثیر. لا تنظر فقط إلى هوی نفسك. خیر الله في أن تعیش بعد سنوات من الحیاة مع هذه المرأة التي تحمّلت عناءاً؛ لكنّها الآن فقدت جمالها و علیك أن حننت علیها. رغم أنّك لا تحبّه في قلبك؛ لكن تظهر الحبّ باللسان حتى یکون للحیاة استحکامها.

أشیر في هذه الآية إلی بعض نکات كلّها من أجل الوقایة من الجرم. النکتة الأولى هي أنّكم إذا أردتم تقلیل الاختلافات و الطلاقات فراعوا حقوق النساء. النکتة الثانية هي أنّه يجب عليك إظهار المحبّة بالنساء حتّى لا تنهار[11] الحياة. إذا انهارت الحياة فسيوجد فساد في الاجتماع؛ فهذه الآية الشریفة تدلّ علی وجوب هدم تمهید الفساد في الاجتماع أي الفساد الناشئ عن انهيار الأسرة.

الاستدلال بالآیة: العبادات ممهّدات الطریق للوقایة من الجرم خارجاً

﴿يا أَيهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.[12]

كلّ العبادات التي تعمل لربّ جميع الموجودات هي لأجل أن تكونوا أتقیاء. ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ﴾[13] فالصلاة تکون لأجل أن لا ترتکبوا منکراً و لا معصیةً و لا جرماً. إن یکن «الصوم جنّة من النار» الصوم ترساً[14] لنار جهنّم، فذلك لأنّ الصائم لا يرتكب معصيةً أو قلّما يرتكب جرماً و معصیةً. کلّ الأدیان السماويّة تکون لأجل هذا؛ أي الأنبياء قد جاؤوا و أتوا ببرامج لنا لیمنعونا من الجرم و المعصية و هذا هو معنى التقوى.

علی أساس هذه الآية، العبادات هي مقدّمة للتقوی؛ هي لئلّا تقربوا من الإثم و الجرم. فالزیارة و الحجّ و مسیرة الأربعين هي لزيادة الإيمان و التقوى في قلبك. عند ما يتّقي الإنسان يقلّ الفساد في الاجتماع. التقوى معناه أن لا تسمحوا[15] في تحقّق الجرم في الاجتماع.

﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ليس معلوماً أنّ صلواتنا هذه، تؤدّي إلى التقوى، لعلّ هذه الصلاة توجب أن لا أعصي. إن المسألة الأساسيّة للإنسان هي أن لا یرتکب الجرم و الإثم و الخلاف. صلاة الليل و صلاة الجماعة و المستحبّات في العبادات لأجل کَبح[16] الإنسان حتّى لا ينهضم[17] حقّ الناس. البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) یکون لمنعنا من الذنب. وظیفة الجمهوریّة الإسلامیّة هي خلق هذه التمهیدات حتّی لا یتحقّق الجرم و المعصیة في الاجتماع.


[2] أي: پایمال می‌شود.
[3] أي: داریی‌ها.
[4] أي: اختلاف.
[5] أي: سر و صدا.
[6] أي: فشار نیاورید.
[7] أي: تنگنا.
[8] أي: حوصله اش سر آمد، ظرف صبرش لبریز شد.
[9] أي: سختی و زحمت.
[10] أي: محبت کن.
[11] أي: از هم نپاشد.
[14] أي: سپر.
[15] أي: اجازه ندهید.
[16] أي: مهار.
[17] أي: پایمال نکند.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo