< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوقایة من الجرم/ المقدّمة/ أنواع الجرم

خلاصة الجلسة السابقة:

البحث في علم الفقه حول الوقایة من الجرم و قد بیّن معنی الوقایة و الجرم في اللغة و اصطلاح الفقهاء و بیّن أیضاً معنی الجرم من جهة الحقوقي.

أنواع الأحکام علی أساس المصالح:

إنّ ما یکون جرماً شرعیّاً و حقوقیّاً، یکون ذا مصالح و مفاسد؛ بعبارة أخری: الأحکام تابعة للمصالح و المفاسد. یحرم شيء بدلیل مفاسد و یجب شيء بدلیل مصالح و للمصالح أنواع:

    1. مصلحة الدین

قد یکون شيء مصلحةً للدین، أي یصلح للإنسان أن یتدیّن بالدین. هذا الدین و الاعتقادات التي وصل الإنسان إلیها، تکون فیها مصالح من حیث المجموع. هذه المصالح الموجودة في الدین للإنسان قد تکون في معرض الخطر؛ مثلاً: یقع الدین في خطر بسبب إیجاد البدع و الانحرافات في الدین و الاعتقادات و یجب أن یقابل مع الذین یکونون أهل البدعة و مبیّني أقوال مُزیغة[1] للناس من دینهم و إلّا یتزلزل الدین و تذهق مصالحه التي یکون نفعها راجعاً إلی الإنسان. لیمض الدین في طریقه المستقیم و لیمضوا المتدیّنون في صراطهم المستقیم؛ لکنّه إن وجد الانحراف و الاعتقادات الباطلة یتزلزل الدین و یضمحلّ و تبید[2] مصالح الدین؛ بناءاً علی هذا، بعض الممنوعات الشرعيّة لحفظ الدین. أینما یوجد انحراف في الدین فعلی العلماء أن یظهروا علمهم؛ مثلاً: یکون الشيء الفلانيّ انحرافاً دینیّاً أو أخلاقیّاً أو سیاسیّاً أو اجتماعیّاً؛ إذا وجد الانحراف الدینيّ (مثلاً) بالنسبة إلی الإمام المهديّ (عجّل‌الله‌ تعالی ‌فرجه‌ الشریف) أو القرآن أو أهل البیت (علیهم‌السلام) فعلی العلماء العظام أن یسدّوا أمام هذه الانحرافات و یبارزوا معها و یجب في هذه الأوقات أن تربّی أفراد مثقفة[3] و قویّة لینهضوا بهذا العمل.

    2. المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة لمصالح نفس الإنسان

قد تکون المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة لمصالح نفس الإنسان؛ مثلاً: تکون الموادّ المخدّرة مضرّةً للإنسان و توجب اعتیاده و تحصل له مشاکل و یقلّ عقله أو الخمر الذي یسکر و یزول عقل الإنسان. بعض الأشیاء مع قطع النظر عن الاجتماع یکون مضرّاً للإنسان نفسه و حرّمه الشارع، إذ فیه ضرر جسميّ للإنسان.

    3. المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة لمصالح الجیل

قد تکون المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة لمصالح الجیل الذي تلزم طهارته ﴿وَالطَّيبَاتُ لِلطَّيبِينَ وَالطَّيبُونَ لِلطَّيبَاتِ﴾[4] الأجیال الطاهرة تکون مؤثّرةً في الاجتماع. تقول أمّ الشیخ الأعظم الأنصاريّ إنّها لم ترضع ولدها بدون الوضوء. من أجل ذلك صار ولدها الشیخ الأنصاري. الزنا أو اللواط حرام؛ إذ یوجب أن یفتقد[5] الجیل طهارته. هذه المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة تکون لحفظ ماء الوجه و سلامة جیل الإنسان.

    1. المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة یکون لحفظ مال الإنسان

بعض المحرّمات و الممنوعات الشرعیّة یکون لحفظ مال الإنسان. لا یتمکّن الإنسان من الحیاة بدون المال و یکون ماء وجهه في خطر. راحة الزوجة و الأولاد في امتلاك المال. حرّمت السرقة و الربا لئلّا یخلط مال الإنسان بالحرام.

    2. الممنوعات یکون بدلیل «بناء العقلاء بما هم عقلاء»

بعض الممنوعات یکون بدلیل «بناء العقلاء بما هم عقلاء». إن یقبل العقلاء شیئاً- کقوانین المرور- فلأجل حفظ الاجتماع و تقلیل التصادمات و قتل الأفراد جعلوا قوانین تلزم مراعاتها و یلزم أن تجعل هذه القوانین من الممنوعات الشرعیّة، أي إنّکم غیر مجازین شرعاً في العمل علی خلاف قوانین المرور و هذه القوانین محسوبة من الممنوعات الشرعیّة. فجمیع القوانین التي بیّنها الشارع المقدّس هي ما تکون لازمةً لمصالح الإنسان، معاضَدةً[6] بالمصلحة البدنیّة أو مصلحة الدین أو مصلحة المذهب أو المصلحة الناموسیّة أو المصلحة المالیّة أو مصلحة بناء العقلاء. قد راعی الشارع المقدّس مصلحة الفرد و الاجتماع و علماء الإمامیّة راعوا هذه المصالح أیضاً في الاجتهادات و فتاواهم و بیّنوها بالاستنباط من منابع الدین. جمیع القوانین و الأحکام التي وضعها الشارع أو قبله العقلاء تکون لأجل أن لا یتحقّق الجرم أو أن یقلّ الجرم خارجاً.

العناصر المقوّمة للجرم في الخارج

العناصر المقوّمة للجرم لها أقسام:

العناصر العامّة: التي لها عناصر أیضاً:

العنصر الأوّل: إعلام[7] المقنّن و المشرّع

المقنّن و المشرّع بعد تعیّن الجرم، لیعلنوا في وسائل الإعلام العامّة[8] أنّ العمل الفلانيّ أو ترك العمل جرم و إن ارتکبه أحد عوقب علیه. الخطوة الأولی هي أن یعلن المقنّن الجرائم للناس بشکل قوي. بعض الناس یرتکبون جرائم و یخرّجون[9] أنّنا لم نکن نعلم أنّ هذا الجرم حرام؛ مثلاً: یستمني و یقول لم أکن أعلم أنّ الاستمناء حرام. فاللازم أن یعرف جمیع الناس الجرائم و لا یقولوا إنّا لم نکن نعلم أنّ هذا العمل جرم و ارتکبناه. إنّ هذا من وظائف وسیلة الإعلام العامّة.

العنصر الثانی: لا تعدّ النیّات بمثابة الجرم

لا تعدّ النیّات بمثابة الجرم؛ إنّ الإرادات التي لم تبلغ الفعلیّة و تکون في التصوّر و ذهنیّة الأفراد، قد یمکن أن تبلغ إلی مقدّمات قریبة و قد تبلغ إلی مقدّمات بعیدة التي یتفاوت الحال فیها؛ مثلاً: یطوف أحد حول البیت و ینظر فیه حتّی یسرق منه، إنّه لم یرتکب سرقةً بعدُ و لکن قد یمکن أن یرتکب بعض مقدّماتها القریبة و ارتقی[10] الجدار أو صعد علی السطح، إنّه و إن لم یسرق شیئاً و لکن قد ارتکب الخلاف و ورد في ملك الغیر بدون إذنه و هذا جرم و یجب أن یبارز معه.

فالخطوة الثانیة أن یصیر الجرم فعلیّاً. غرضنا من بیان مسائل الوقایة من الجرم أن لا یصیر الجرم فعلیّاً. یجب علینا السعي و الاجتهاد في الوقایة من ظهور السارق و الزاني و شارب الخمر و غیرهم من العصاة في الاجتما فالحاصل أنّه یلزم لمجازاة الأفراد أن یصیر الجرم فعلیّاً.

العنصر الثالث: أن یحقّق الجرم مع العلم و الإرادة و الاختیار.

کلّ جرم اذا أرید تحقّقه لزم أن توجد هذه العناصر العامّة فیه.

نطلق علی هذه الموارد العناصر العامّة للجرم و لزم أن تمضي[11] المراحل الثلاثة حتّی نقول قد تحقّق الجرم.

العناصر الخاصّة للجرم:

لکلّ جرم شرائط تختصّ به، السرقة أو الزنا تکون لها شرائط خاصّة لا تکون هذه الشرائط في معصیة من المعاصي غیرها و قد بیّنت في المکاسب المحرّمة.

السلوك الإجرامي:

عبّرنا عن العمل الإجراميّ ب «السلوك الإجرامي»؛ إنّها تتفاوت ثقافة الشقّة[12] مع ثقافة بیت ذي شریحة واحدة[13] ؛ یمکن أن تضع مقیموا الشقّات[14] مقرّرات فیما بینهم؛ مثلاً: عیّنوا وقت لعب الأطفال و أنّه یتوقّف لعبهم في الساعة العاشرة من اللیل. تجب مراعاة تلك القوانین علی کلّ من اشتری شقّةً منها. قد یمکن أن لا یتلفت أحد بهذه القوانین و لم یجرها فحینئذٍ یعترضالمقیمون. یقال لهذا العمل، سلوك إجرامي[15] !

فی کلّ اجتماع قوانین یجب أن یراعیها الناس و لا یخالفوها. و العمل الإجراميّ هو العمل الذي اعترض علیه النا وجب علی المتدیّنین و المتّقین بالخصوص أن یراقبوا حتّی یراعوا القوانین الاجتماعیّة بنحو تام.

یحرم نقض القانون و مخالفته، سواء کان قانوناً شرعیّاً أو قانوناً عقلائیّاً أو قانوناً للمجتم إن خولفت القوانین التي دوّنها عقلاء المجمّع السَکَنِي، هي نقض للقانون و ینطبق علیها عنوان الجرم الفقهي.

أقسام الجرم:

1 – الجرائم الجسمیّة و الروحیّة (المعنویّة):

مثلاً: ضرب أحد علی رأس الآخر فأضرّ به فهو جرم جسماني؛ أي یرد ضرر علی جسمه؛ قد یضرّ بروح الآخر؛ مثلاً: یشتمه و یحقّره و یغتابه و هکذا. قد یکون الجرم الروحيّ أسوء من الجرم الجسمي، إذهاب حیثیّة الغیر و ماء وجهه جرم عظیم.

2 – الجرائم المالیّة:

غصب بیت الغیر أو أرضه و السرقة و نحوها من الجرائم المالیّة؛ إذ یجعلون مالکیّة الأفراد في معرض الخطر و یغصبون مال الأفراد. جعل الشارع المقدّس قوانین للجرائم المالیّة أیضاً.

3 – الجرائم المربوطة بالمصالح العمومیّة:

مصلحة الاجتماع (مثلاً) أن لا یفعل الغلاء[16] ، من یغلو یضع المصلحة العمومیّة تحت أقدامه. کلّ أحد یمکن له أن یبیع ماله بأيّ فرد، لکن من جهة المصالح العمومیّة یلزم أن یبیع و یشتري علی أساس السعر[17] المصوّب.

إقتراحنا[18] إلی الدولة أن یبیّنوا في وسائل الإعلام العامّة[19] أسعار الأجناس- بدل البرامج غیر المعلومة فائدتها. أعلِنوا رقم الهاتف[20] الذي یکون في متناول أیدي الناس[21] في کلّ زمان، لیخبروا بأنّ الفلانيّ قد قام برفع سعر أجناسه. لا توجد لدی الناس أوراق نقدیّة کثیرة لشراء الأجناس بأيّ قیمة! کان یقول في الدولة السابقة المسؤولون: «توجد السلعة»، وجود السلعة[22] مصلحة، لکنّ القدرة علی شرائها مصلحة أخری التي یلزم علی الدول أن یأخذوا بعین الاعتبار کلیهما؛ لزم أن یوجد کلّ شيء و لتکن الأسعار متعادلةً و هذه مصلحة عمومیّة.

قد تکون المصالح العمومیّة في الأمنیّة الملیّة و الأمنیّة العمومیّة للاجتماع؛ مثلاً: یمشي أحد في الشارع، فلا یجوز للآخرین أن یتجرّؤوا في التعرّض و الإهانة له.

4 – الجرائم المربوطة بالعفّة و الأخلاق العمومیّة للناس:

مثلاً: کشف الحجاب نوع من الجرم و یکون منشأً للفساد في الاجتماع؛ إذ الشبّان یجرّون إلی المعصیة و الجرم و یمکن أن یتعرّضوا بهذه المرأة؛ بینما أنّه لا یجوز أن تخدش العفّة العمومیّة. الشریطات[23] المستهجنة أو ذات الإشکال في الوسائل الإعلام العامّة، هي التي توجب إیجاد الجرم. إن أردنا الوقایة من الجرائم حتّی لا یتلوّث الشبّان، کان اللازم أن یصلح وضع الحجاب و قاعات المشاهدة[24] و التلفاز[25] و الفضاء المجازيّ و غیرها.

5 – الجرائم الهادمة للراحة العمومیّة[26] للناس:

یرید الناس أن یکونوا في الراحة و الهدوء[27] ؛ مثلاً: الصراخ في مکبّر الصوت[28] في الحدیقة[29] أو الشارع، یوجب سلب الراحة و الهدوء عن الناس أو یوجد الخوف و الجبن في الاجتماع و من أسلب راحة الناس و هدوءهم فقد ارتکب الجرم. و في بحث الوقایة من الجرم نبحث حول هذه الجرائم.

6 – الجرائم المربوطة بالبیئة[30] الخاصّة أو الجماعة الخاصّة أو الصنف الخاص:

قد توجد في الأصناف الخاصّة قوانین خاصّة،لم توجد هذه القوانین في سائر البیئات. الجیش[31] و الجند[32] و التعبئة[33] لها قوانین خاصّة، فمن اللازم أن تراعی هذه القوانین و إن لم تکن مختصّةً بجمیع الناس و تکون مختصّةً بجماعة خاصّة. أمکن أن تکون هذه القوانین الخاصّة موجودةً في کلّ صنف من الأصناف، یجب أن تراعی هذه القوانین بنحو تامّ و لیجتنب من مخالفتها. الضوابط الخاصّة التي تجعل قانوناً بأيّ طریق، یجب أن یمنع من مخالفتها و سنبحث عنها عند البحث عن الوقایة.

و الحمد لله ربّ العالمین


[1] أي: منحرف کننده.
[2] أي: از بین می‌رود.
[3] أي: باسواد.
[5] أي: از دست بدهد.
[6] أي: پشتیبانی شده.
[7] أي: اطلاع رسانی.
[8] أي: رسانه‌ها.
[9] أي: توجیه می‌کنند.
[10] أي: بالا رفت.
[11] أي: بگذرد یا انجام شود.
[12] أي: کاشانه (آپارتمان).
[13] أي: خانه یک طبقه.
[14] أي: کاشانه‌ها (آپارتمان‌ها).
[15] الجرم الفقهيّ لا الحقوقي.
[16] أي: گران‌فروشی.
[17] أي: نرخ.
[18] أي: پیشنهاد ما.
[19] أي: رسانه‌ها.
[20] أي: شماره تلفن.
[21] أي: دسترس مردم.
[22] أي: کالا.
[23] أي: فیلمها.
[24] أي: سینماها.
[25] أي: تلویزیون.
[26] أي: آسایش عمومی.
[27] أي: آرامش.
[28] أي: بلندگو.
[29] أي: بوستان.
[30] أي: محیط.
[31] أي: ارتش.
[32] أي: سپاه.
[33] أي: بسیج.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo