< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/02/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوقایة من الجرم/ المقدّمة/

خلاصة الجلسة السابقة:

کان بحثنا حول الوقایة من الجرم. قد بیّنّا أنّ علینا الدراسة حول ألفاظ الوقایة و الجرم و الألفاظ المشابهة لهما التي ذکرت في القرآن و الروایات حتّی تتبیّن أبعاد الجرم من مرأی[1] الإسلام. قد ذکرنا معنی اللغويّ للجرم من «الذنب» و «التعدّي» و أمثال هذه المعاني.

الجرم و مثله في القرآن

نبیّن الألفاظ المشابهة للجرم المذکورة في القرآن التي یمکن أن تجعل منبعاً للتحقیق:

    1. الذنب: قد ذکر هذا اللفظ في القرآن خمساً و ثلاثین مرّةً. الذنب هو الجرم و المعصیة في مرأی الفقهاء. یمکن أن تصل أیدینا إلی مصادیق الجرم و المعصیّة مع دراسة هذه الاستعمالات الخمسة و الثلاثین.

    2. المعصیة: المعصیة هي التمرّد، ذکرت في القرآن ثلاثاً و ثلاثین مرّةً.

    3. الإثم: التکاسل و التباطئ و الآثم هو العاصي و المحروم من الثواب. ذکر في القرآن ثماني و أربعین مرّةً.

هذه الآیات تتمکّن من أن تعضدکم في البحث عن الوقایة من الجرم؛ لأنّ ما یکون إثماً، هو الجرم من مرأی الفقهاء.

    1. السیّئة: السیّئة بمعنی العمل القبیح و الشنیع و ضدّها الحسنة التي بمعنی العمل الصالح. قد ذکرت السیّئة في القرآن مأةً و خمساً و ستّین مرّةً. کلّما ذکرت لفظة السیّئة تکون بمعنی العمل القبیح و الجرم.

    2. السوء: ذکرت هذه اللغة في القرآن أربعاً و أربعین مرّةً، معناه العمل الشنیع و السيّء.

    3. الجرم: ذکر في القرآن واحداً و ستّین مرّةً.

    4. الحرام: ذکر في القرآن خمساً و سبعین مرّةً. أینما استعمل لفظ الحرام فهو بمعنی أنّه یوجد في مورده عمل غیر جائز؛ مثل: الأشهر الحرم أو لباس الإحرام حیث إنّه یعلم أنّ هاهنا ممنوعات.

    5. الخطیئة: ذکرت في القرآن إثنین و عشرین مرّةً. الخطایا و المعاصي التي یمکن أن یعملها الإنسان. الخطیئة قد تقع عمدیّاً و قد تکون غیر عمدي.

    6. الفسق: الفاسق هو الذي اجتنب عن مدار الطاعة و ذکر هذا اللفظ في القرآن ثلاثاً و خمسین مرّةً.

    7. الفساد: الفاسد هو الذي خرج من الاعتدال و ذهب أدراج الریاح[2] ، الفساد مثل الجرم و قد ذکر في القرآن خمسین مرّةً. قد بیّن الله-تعالی- في القرآن الکریم الجرائم المختلفة بعنوان الفساد.

    8. الفجور: یکون بمعنی الوقاحة[3] و العار[4] و المقابلة مع الدین و الفضیحة[5] ، یجب أن یجتنب منها.

    9. المنکر: یشیر إلی أعمال لا یجوز ارتکابها و تکون منهیّاً عنها من قِبل الشارع. قد ذکرت هذه اللغة في القرآن ستّ عشرة مرّةً.

    10. الفاحشة: أینما تستعمل لغة الفاحشة في القرآن، یعلم أنّ هذا العمل یکون منکراً و لا یجوز ارتکابه و هو من أقسام الجرم. قد ذکرت هذه اللغة أربعاً و عشرین مرّةً في القرآن.

    11. الخبث: الخباثة هو الأمر القبیح و المکروه[6] التي یقابلها الطیّب و کلاهما جاءا في القرآن و لغة الخبث ذکرت في القرآن ستّ عشرة مرّةً.

    12. الشر: بمعنی الفضاحة[7] ؛ أي العمل الذي یشمئزّ منه الناس و یجب أن یترك. هذا اللفظ مقابل ل «الخیر» و قد استفید من هذا اللفظ في القرآن ثماني مرّات.

    13. اللمم: اللمم علی وزن «قَلَم» بمعنی القرب إلی المعصیة و یستعمل کثیراً في المعاصي الکبیرة و قد استفید هذا اللفظ في القرآن مرّةً واحدةً.

    14. الوزر: بمعنی الثقل؛ أي تحمّل مسؤولیّة معاصي الآخرین. الوزیر یشتقّ من هذه المادّة و هو بمعنی الشخص الذي یتحمّل مسؤولیّة عمل ثقیل. لزم أن یعلم الوزراء أنّهم إن قصّروا یکن وزر معاصي الناس علی أعناقهم. إنّ وزیر العمل[8] إن لم یخلق فرصاً للعمل[9] و تورّط[10] الشبّان في المعصیة، کان وزر هذه المعصیة علی عنق الوزیر. لهذا تحمّل کلّ وزیر مسؤولیّة حمل ثقیل. هذه اللغة (الوزر) قد استعملت في القرآن ستّاً و عشرین مرّةً.

    15. الثقل: هذه اللغة بمعنی الرصانة[11] و قد استعمل في القرآن ستّ مرّاتٍ.

    16. الحنث: بمعنی التمایل إلی الباطل و في مورد المعصیة ینکثون الوعد[12] ، کانوا وعدوا أن لا یعصوا؛ لکن مع ذلك یرتکبونها؛ بعبارة أخری: التخلّف یکون بعد التعهّد. هذه اللغة بیّنت أیضاً في القرآن سبع عشرة مرّةً؛ مثل حنث القسم و حنث النذر و حنث التعهّد.

یمکن أن توجد أیضاً في القرآن لغات أخری التي لم نذکرها؛ منها کلمة السحت. یجب دراسة هذه اللغات- التي جاءت في القرآن و تکون متّفقاً علیها بین فقهاء الإمامیّة و فقهاء العامّة- في بحث الوقایة من الجرم. یجب أن نبیّن الجرائم في العالم الإسلاميّ و نفکّر للوقایة منها.

ضابطة الجرم و قاعدته:

الجرم في اصطلاح فقهاء الإسلام

من مرأی[13] فقهاء الإسلام، قد یکون الجرم مرتبطاً بالفعل و قد یرتبط بالترك. بعض الأشیاء لیس بجرم؛ لکن ترکه جرم. وجب علیه أن یسدّ أمام فعل أو أن یعمل عملاً؛ لکنّه لم یفعله؛ مثلاً: أنتم لم تسرقوا النقود[14] من المصرف[15] ، لکن لزم علیکم أن تسدّوا أمام السارق و لم تسدّوا. لم تفعلوا فعلاً إجراميّاً[16] ؛ لکن ترککم إجرامي.

فعلی هذا، الجرم من مرأی الفقهاء هو «کلّ فعل أو ترك فعل ممنوعین شرعاً»؛ بناءاً علی هذا، ترك الصلاة و الصوم و الخمس و الزکاة و ... ممنوع شرعاً، سواء کان له العقاب الدنیويّ– مثل الحدّ و الکفّارة و الدیة و القصاص- أم لم یکن؛ لکن من جهة الأخرويّ یکون لها عذاب؛ مثل ترك الصلاة.

الجرائم قد تکون مربوطةً بالإنسان و قد تکون مربوطةً بالآخرین. قد یفعل الإنسان فعلاً أو یترك فعلاً یضرّ بنفسه و یوجد مشکلاً و قد یرتبط بالآخرین و یکون حقّ الناس؛ مثل الضرب و الجرح و القتل.

فعلی هذا، یطلق الجرم علی کلّ ذنب و معصیة و إثم في اصطلاح الفقهاء. یمکن هذا الجرم أن یکون حقّ الله أو حقّ الناس. علی أيّ صورة، للجرم مفاسد فردیّة و اجتماعیّة.

الجرم الذي بمعنی المعصیة و الإثم، هو الجرائم التي بیّنت في القرآن و الروایات؛ لکن یمکن أن یعتبر شيء جرماً في القوانین الحاکمیّة للجمهوریّة الإسلامیّة؛ لکن من مرأی الفقهاء لیس بجرم؛ أي کان من مرأی العقلاء بما هم عقلاء جرماً؛ مثل قوانین المرور[17] . هذه القوانین أمضاها الشارع أو لم یردع عنها و یلزم الالتفات إلی هذه القوانین في المجتمع الإسلاميّ أیضاً. من تخطّی عنها یعدّ مجرماً و حیث أنّها مورداً لتأیید الوليّ الفقیه، التخلّف عنها إثم و معصیة و جرم و إن لم تذکر هذه الموارد في القرآن و الروایات و تقع في ذیل الجرائم التي یجب أن نقي منها.

الجرم في الاصطلاح الحقوقي

الجرم الحقوقيّ هو فعل أو ترك ترسّم لها مجازاة في القانون.

في الحقیقة الجرم الحقوقيّ یتفاوت مع الجرم الفقهي. الجرم الحقوقيّ أمر حکومتيّ دوّن لإیجاد النظم و الأمنیّة في الاجتماع؛ مثلاً: لم ترسّم في القانون أيّة مجازاة لترك الصلاة و الخمس و الزکاة و الحجّ و للاغتیاب و الکذب، بینما أنّها تکون جرماً من مرأی الفقهاء؛ لکنّها لیست جرماً من مرأی الحقوقيّ و لم تعیّن لها مجازاة.

بین هذین التعریفین من الجرم عموم و خصوص من وجه. بعض الأشیاء لیس جرماً من مرأی الفقهاء، لکنّه جرم من مرأی الحقوقي؛ مثل قانون المرور، إلّا أنّه حیث یمکن أن یکون جرماً من مرأی الفقهاء إذ یکون مصوّباً في الجمهوریّة الإسلامیّة، یکون في هذه الصورة بینهما عموم و خصوص مطلق؛ أي کلّ جرم حقوقيّ یکون جرماً فقهیّاً و لیس کلّ جرم فقهيّ جرماً حقوقيّاً؛ أي کلّ شيء یکون جرماً في الجمهوریّة الإسلامیّة یکون جرماً من مرأی الفقهاء أیضاً. بعض الأشیاء مثل ترك الصلاة یکون جرماً فقهیّاً، لکنّه لیس جرماً حقوقیّاً؛ إذ لا تعیّن لها مجازاة في القانون.

سنقول- إن شاء الله- في الجلسة الآتیة: أيّ مصالح توجد في القوانین؟ مصلحة الاجتماع و مصلحة الدین و مصلحة الناموس و مصلحة الجیل[18] و مصلحة المال و مصلحة عدم المخالفة مع الأمور العقلائیّة التي مرجعها إلی مصلحة الاجتماع و المجتمع الإنسانیّة.

و الحمد لله ربّ العالمین


[1] أي: دیدگاه.
[2] أي: به تباهی رفت یا تباه شد.
[3] أي: بی‌حیایی.
[4] أي: بی آبرویی.
[5] أي: رسوایی.
[6] أي: ناپسند.
[7] أي: زشتی.
[8] أي: وزیر کار.
[9] أي: ایجاد اشتغال نکرد.
[10] أي: افتادند.
[11] أي: سنگینی.
[12] أي: پیمان‌شکنی می‌کنند.
[13] أي: دیدگاه.
[14] أي: پول‌ها.
[15] أي: بانک.
[16] أي: فعل مجرمانه.
[17] أي: قوانین راهنمایی و رانندگی.
[18] أي: نسل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo