< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

43/02/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الوقایة من الجرم/ المقدّمة/

خلاصة الجلسة السابقة:

کان بحثنا في علم الفقه حول الوقایة من الجرم. قلنا إنّ الوقایة من الجرم لها مراتب و أقسام و هي باعتبار تکون علی قسمین: الوقایة العمومیّة و الوقایة الخصوصیّة و باعتبار آخر لها أقسام: الوقایة الانفعالیّة و الوقایة الفعّالة. قد بیّن توضیح الأقسام الثلاثة و بلغنا إلی الوقایة الفعّالة.

 

الوقایة الفعّالة:

في الوقایة الفعّالة، زمام المبادرة في أیدیکم؛ تقومون بحرکة لا یتحقّق الجرم معها في المستقبل أو تحقّق قلیلاً؛ مثلاً: تصطنع الحدائق[1] و الحمّامات للسَباحة[2] حتّی یذهب الناس إلیها مع ترفیه[3] سالم أو تعرض شریطات[4] تقي الناس من الجرم مع اشتغالهم بها. إن تستطع الجمهوریّة الإسلامیّة أن تمهّد وسائل حتّی یشتغل الناس بترفیهات سالمة، یقلّ الجرم. الریاضات[5] مثل کرة القدم[6] کلّها لأجل الوقایة من الجرم؛ أي الناس مع الاشتغال بها ینسون الذهاب إلی أعمال الخلاف، البرامج التلفازیّة[7] التي یخالفها بعض و یوافقها بعض؛ دلیل الموافقین هو أنّ هذه البرامج تشتغل الشبّان و الناس حتّی لا یبحثوا عن برامج وسائل المواصلات العامّة للأجانب[8] – الباعثة لإشاعة الفحشاء. بشکل عامّ إن تسلم الشریطات و الحدائق و الفضاء المجازيّ و ... توجب أنّ الاجتماع في جمیع السنین-الأحداث و الغلمان و الشبّان و النساء و الرجال- یشتغلون بهذه الاشتغالات و في حین اشتغالهم بها لا یتبعون[9] الجرم و الفساد إلّا قلیلاً.

غنای فرهنگی

الغنی الثقافي:

من الأعمال التي یمکن إتیانها للوقایة من الجرم أن نرتقي ثقافة الاجتماع. علینا- لأجل الوصول إلی هذا الهدف- أن نعلّم الناس؛ لأنّ العلم ذو قیمة. یقول أستاذنا آیة الله الوحید الخراسانيّ (حفظه‌الله): العلم في نفسه- بلا التفات إلی الدین- ذو قیمة. العلم من کلّ أحد في کلّ علم یکون ذا قیمة؛ إذ یُرتقی فهمه و درکه و یدرك المطالب بوجه أحسن و یقدر علی أن یهب للاجتماع الترقّي و التکامل.

 

کما أنّ قائد الثورة الإسلامیّة المعظّم (سلّمه‌الله تعالی) قال مکرّراً بهذا المضمون: أساعد العلم و التکامل إلی انقطاع نفسي[10] ، علینا أن نعلّم الناس. إن ارتقت ثقافة الاجتماع و ارتقی علمه، ارتقی بشکل طبیعيّ الأخلاق و ثقافة الإنسانیّة.

ترقّي الأخلاق الإسلامیّة یکون ذا قیمة، لکنّ الاجتماع یترقّی أیضاً بلحاظ الأخلاق الإنسانیّة؛ لا یرتبط عدم الظلم بالإسلام فقط و یعلم جمیع العالم أنّ الظلم یکون سوءاً. أسوء شيء في الاجتماع هو الظلم. جمیع التخلّفات في الاجتماع- مثل الغلاء- نوع من الظلم. إن نستطع أن نعتلي ثقافة الاجتماع و نرتقیها، تکن خطوةً مثبتةً نتیجتها تقلیل الجرم و تقلیل المراجعة إلی العدلیّة[11] و المحکمة؛ إذ الناس یسوّون[12] اختلافاتهم بین أنفسهم. من هنا قد أغلقت أبواب العدلیّات في بعض الدول و لا یراجع أحد إلیها؛ إذ الناس یعملون بوظائفهم علی أساس القانون و لم یرتکبوا خلافاً؛ لأنّ ثقافة الاجتماع قد ارتقت و لا یوجد تخلّف و جرم أبداً أو یوجد قلیلاً.

قال الإمام الخمینيّ (أعلیاللهمقامهالشریف) بهذا المضمون: إن کان الأنبیاء مجتمعین في مکان واحد لا یوجد بینهم اختلاف و لا توجد أيّ عدلیّة؛ لأنّهم عملوا علی طبق القانون الإلهيّ و لا یتخلّفون منه. الأفراد الصالحة و أولوا الثقافة هکذا یکونون مؤثّرین في الاجتماع و یوجبون أن یمنع من وقوع الجرم أو یبلغ إلی حدّ الأدنی.

الوقایة الجزائیّة

یمکن أن لا نقدر علی الوقایة بأيّ دلیل. من الوقایة أن لا یوجد فقر في الاجتماع و حینئذٍ یقلّ الجرم جدّاً. کثیر من الفحشاء و المنکرات یرتبط بالفقر. إذا بلغ الفقر في مملکة- الکویت و الإمارات- إلی حدّ الصفر، کان امتیازاً یوجب تقلیل الجرم في الاجتماع. قال رسول الله (صلّیاللهعلیهوآله وسلّم) «كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً»[13] ؛ قد لا تقدرون أن تقلعوا الفقر أو تنتشروا العلم في الاجتماع، فالمرحلة الأخری للوقایة هي جعل العقوبات الصعبة؛ مثلاً: یُعلن في وسائل المواصلات العامّة: إن سرق أحد، فله عقوبة کذا و کذا صعبة.

قد یأتي إلینا بعض الأعزّة من رجال شرطة الأمن[14] فأقول لهم: إذا کنتم تعلنون مقدار القتلی في الطرق فزیدوا في الغرامات للوقایة منه؛ مثلاً: السبقة غیر المجازة توجب کثرة الموت في السوانح. إن تکثر غرامتها، لا یسبق أحد سبقةً غیر متوقّعة أو تقلّ هذه السبقة. إن کانت عقوبة السرقة صعبةً جدّاً، لا یتجرّأ أحد أن یسرق. لا أن نقول لیس لنا مکان ثمّ أطلقناه السارق؛ فبإطلاق المجرم یکثر الجرم في الاجتماع.

في الجرائم الاقتصادیّة- مثل الاختلاس و الاحتیال[15] - یجب أن تصعب العقوبات و إلّا یمکن أن یقبل أحد هذه العقوبات و یعمل الجرم أیضاً؛ إذ العقوبة لیست بثقیلة علیه. إنّ من اختلس أموال الناس و بیت المال (مثلاً) اختلس من المصرف المليّ [16] ثمّ هرب إلی الکندا[17] (مثلاً) و استهزئنا؛ فدلیل هذا أنّنا نعمل مع الضعف في الوقایة من الجرم، علینا أن نهمّد وسائل و اوضاع حتّی لا یقدر أن یرتکب الجرم الاقتصادي.

هکذا الأمر في الجرم السیاسي. یجب تعیین الجرم السیاسيّ في المجتمع الإسلامي؛ مثلاً: الإهانة بأيّ شخص و الاستفادة من أيّ لفظ تکون جرماً و هکذا. یجب علی القانون أن یعیّن کلّ الأشیاء و یجعل لها عقوبات صعبةً حتّی لا یتجرّأ أحد أن یذهب إلی الجرائم.

برأینا یلزم أن یراعی الترتیب في طرق الوقایة؛ أي لتوجد إبتداءاً الرفاهیّة الاجتماعیّة ثمّ الترفیهات السالمة و إن لم نقدر علی أن نسدّ أمام الجرم لأجل الحرب و التحریم و عدم تدبیر المسؤولین، یلزم أن نتّخذ عقوبات صعبةً.

قد یُعدّ[18] الناس التمهید للوقایة من الجرم؛ أي الشخص یعلم أنّه إن ارتکب جرماً، احتکّ[19] الناس به؛ مثلاً: من یتجاوز في صفّ المخبز[20] دور[21] الناس حمل علیه الناس و یقولون اذهب إلی انتهاء الرتبة[22] . لا یکون قانون و محکمة في صفّ المخبز؛ لکنّ الناس أنفسهم یمعنونه من هذا العمل. إن أهان شخص بإمرأة و تفحّش علیه بلسانه، حمل الناس علیه و قالوا لماذا تقول هذا الکلام؟ قد عبّر في کلمات القائد المعظّم (حفظهالله) ب «أمر النار بیدك أي اتّخاذ زمام المبادرة»[23] ؛ أي الناس أنفسهم یعملون عملاً یبارز مع المجرم. إلّا أنّه یلزم أن نلتفت إلی أن هذا العمل لا ینجرّ إلی هرج و مرج؛ لکن هذا مع حدّه المتعادل یوجب الوقایة من الجرم.

المثال الآخر: إنّ التوصیة بنصب منظار المراقبة[24] في البیوت منعاً للسارق، هي الوقایة من الجرم. إن رأی السارق أنّ جدار البیت قصیر و الباب لم یغلق، ارتکب السرقة؛ لکنّ الجدار إن کان مرتفعاً و کانت علی الأبواب أقفال مناسبة، لم یقدر السارق أن یدخل البیت؛ أو مثلاً: جعلُ النقود[25] و الجواهرات في الموضع الأمن یکون وقایةً لجرم السرقة.

من هنا اقترح[26] المجتمع العالميّ لأجل الوقایة من الجرم طرقاً یجب علینا أن نتقبّلها في الجمهوریّة الإسلامیّة و نقطع هذا المسیر. إنّ الأفعال التي یفعلها عقلاء العالم، یتقبّلها الإسلام و لا یخالفها؛ لأنّ بناء العقلاء بما هم عقلاء یکون حجّةً ما لم یبیّن ردع من الشارع.

 

القوّة القهریّة و قوّات الأمن الداخليّ[27] و القوّة القضائیّة طرق للوقایة من الجرم

القوّة القضائیّة و قوّات الأمن الداخليّ هي أن یحتکّوا بالمجرم إذا ارتکب الجرم حتّی لا یرتکب سائر الناس هذا الجرم في المستقبل. یعلم الأفراد إن ارتکبوا جرماً، عوقبوا بعقوبات ثقلیة.

لزم الیوم أن یکثر عملنا في الوقایة من الجرم لا مجازاة المجرم؛ إذ ثبت في الدنیا أنّ المجرم مریض نفسي[28] . من قتل أو سرق یکون مریضاً و إلّا لم یرتکب القتل من کان سالماً. لزم أن یُؤتی بالمریض إلی مکان و یحقّق العلماء النفسیّة[29] ما هي العلّة في ارتکاب القتل من جانبه؟

لزم أن نتّخذ برامج حتّی یمتلك الأولاد من الطفولیّة ثقافة الوقایة من الجرم. یلزم أن تبتدأ هذه البرنامج من المدارس الابتدائیّة. جیلنا الآتیة- التي تصنع الاجتماع – لزم أن تکون أفراداً یفرّون من الجرم و حسّاسین بالنسبة إلی الجرم.

تبیین معنی الزیغ[30]

من الألفاظ التي تکون منظورةً فیما یتعلّق بالجرم، لفظ الزیغ. الزیغ في اللغة بمعنی الانحراف. بعض الناس یکون أهل العنف[31] و حقّروا و أهانوا بدل التکلّم بلسان لیّن و کلام جمیل. العنف قد یکون في العمل؛ مثل: أن یحقّروا طفلاً و قد یکون في القول. إذا عمل الطفل عملاً صالحاً و شوّقتموه، یجتنب بشکل طبیعيّ من أعمال الخلاف. یلزم في الاجتماع أیضاً لأجل الوقایة من الجرم کثرة التشویق دون أعمال العنف[32] .

 

التمرّدات و أعمال العنف و التنازعات و الخشونات توجب في الاجتماع شذوذات[33] یجب أن نبارز معها و نعمل عملاً یمنع من تحقّقها خارجاً. الشذوذات قد تخالف العادة و العرف أو الدین و المذهب؛ مثلاً: جاء شيء في الإسلام بعنوان الإثم و یرتکبه الشخص. یمکن أن لا یکون بعض الآثام جرماً؛ مثلاً: من اغتاب لم یحضروه إلی المحکمة و لم تکن له مجازاة و عقوبة، لکنّ الغیبة معصیةکبیرة و مع أنّ کثیراً من الاختلافات الأسریّة[34] أساسها في الغیبة، لکن لم یعیّن القانون مجازاةً لها.

لا یتکلّم أحد بظهر غیب آخر في بعض الممالك؛ إذ ثقافتهم توجب أن الناس لم یرتکبوا هذه الجرائم و الشذوذات بشکل طبیعيّ و لم تکن لهم علاقة بأمر الآخرین و لزم علینا کما أنّنا نقي من الجرم، کذلك نبارز مع الشذوذات و المآثم؛ إذ الشذوذات و المآثم تکون تمهیداً لکثیر من الجرائم، الترقّي و الصعود للاجتماع ممکن لکنّه مع إزالة الجرم و الشذوذات و المآثم.

لیس بحثنا في الوقایة من الجرم فقط، بل یشمل الوقایة من الزیغ. نرید أن یصیر اجتماعنا متکاملاً و یترقّی بصورة لا یتحقّق جرم فیه و لا زیغ و لا إثم. کثیر من التسریحات[35] و الاختلافات الأسریّة ناشٍ من الأکاذیب و الاغتیابات التي لا مجازة لها في القانون.

الزیغ أعمّ من الجرم و قد تکون الشذوذات أعمّ من الإثم؛ مثلاً: الطلاق نوع من الزیغ و لیس بإثم و کثیر من المفاسد الأخلاقیّة و الجرائم أساسها هو الطلاق؛ إذ بالإضافة إلی تأثیر الطلاق علی الزوجة و احتمال انسحابها[36] إلی الفحشاء، نشأوا[37] الأطفال حاقدین[38] عادةً و یمکن أن یفسدوا في الاجتماع. یکون کثیر من المجرمین من أطفال الطلاق.

تبیین معنی الجرم

الجرم یأتي في اللغة بمعنی «الذنب» و المعصیة أو بمعنی «الباطل» أو «الجنایة». یطلقون الجرم علی کلّ جنایة، یعدّون التعدّي و الظلم بمعنی الجرم. له معنی فقهيّ و حقوقيّ سنبیّنهما- إن شاء الله.

و الحمد لله ربّ العالمین


[1] أي: بوستان‌ها.
[2] أي: استخرها.
[3] أي: تفریح سالم.
[4] أي: نمایش داده می‌شود فیلم‌هایی.
[5] أي: ورزش‌ها.
[6] أي: فوتبال.
[7] أي: برنامه‌های تلویزیونی.
[8] أي: رسانه‌های بیگانه.
[9] أي: دنبال نمی‌کنند.
[10] «أنا لا أتنازل ذرّةً في الدفاع عن النخبات و الحرکة العلمیّة للبلد إلی حیث انقطع نفسي و أعلم هذه الحرکة ذات برکة و إن شاء الله فعاقبتها إلی خیر» 28 مهر 1395ه.ش.
[11] أي: دادگستری.
[12] أي: حل می‌کنند.
[14] أي: نیروی انتظامی.
[15] أي: کلاه‌برداری.
[16] أي: بانک ملّی.
[17] أي: کانادا.
[18] أي: فراهم می‌کنند.
[19] أي: برخورد می‌کنند.
[20] أي: نانوایی.
[21] أي: نوبت.
[22] أي: صف.
[23] أي: آتش به اختیار.
[24] أي: دوربین مداربسته.
[25] أي: پول‌ها.
[26] أي: پیشنهاد کرده‌اند.
[27] أي: نیروی انتظامی.
[28] أي: بیمار روانی.
[29] أي: روان‌شناسان.
[30] أي: ناهنجاری.
[31] أي: خشونت.
[32] أي: خشونتها.
[33] أي: ناهنجاری‌ها.
[34] أي: اختلافات خانوادگی.
[35] أي: طلاقها.
[36] أي: کشیده شدن.
[37] أي: بار می‌آیند.
[38] أي: عقده‌ای.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo