< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

الدلیل الثاني: الإجماع [1] [2] [3] [4] [5] (لا خلاف) [6] [7]

قال ابن إدریس (رحمة الله): «لا يجوز فيه [8] التقيّة عند أصحابنا بلا خلاف بينهم». [9]

و قال السیّد الطباطبائيّ (رحمة الله): «لو أكره على الولاية و تنفيذ الأحكام و الأوامر و لا يكون للمكره مع ذلك التيقّن بالتخلّص و التمكّن، أجاب إلى الإطاعة وجوباً؛ دفعاً للضرر و يجب عليه أن ينفذ أمره و نهيه و جميع ما يحكم به و لو كان محرّماً إجماعاً، فتوىً و نصّاً، متحرّياً الأسهل، فالأسهل و متدرّجاً من الأدنى إلى الأعلى لو انحصر في الأعلى وجب إلّا في قتل المسلم المحقون الدم، فلا يجوز إذا بلغه إجماعاً». [10] [11]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین، مع مراعات قانون باب التزاحم دقیقاً من جمیع الجهات؛ فإنّ الأهمّیّة لها مراتب.

و قال الشیخ المامقانيّ (رحمة الله): «حرمة التقيّة في الدماء و عدم جواز قتل أحد ممّن دمه محترم تقيّةً من المسلّمات الإجماعيّات». [12]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «إنّه لا خلاف في عدم التقيّة فيها». [13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال (رحمة الله) في موضع آخر: «الدماء‌ فلا شبهة في عدم التقيّة فيها نصّاً و فتوىً». [14]

الدلیل الثالث: العقل [15]

قال الشیخ المامقانيّ (رحمة الله): «الأصل في ذلك أنّ شرع التقيّة و تسويغها إنّما هو لحفظ النفس المحترمة، فلا يعقل الإذن في إتلاف نفس الغير لحفظ نفسه؛ للزوم نقض الغرض إلّا إذا كان المحفوظ نفس نبيّ أو وصي». [16]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین؛ فتدخل في بحث الأهمّ و المهمّ في باب التزاحم.

الدلیل الرابع: الضرورة

قال الشیخ المامقانيّ (رحمة الله): «حرمة التقيّة في الدماء و عدم جواز قتل أحد ممّن دمه محترم تقيّةً ... بل الضروريّات حتّى صار بينهم كالمثل السائر إنّه لا تقيّة في الدماء». [17]

الدلیل الخامس

قال بعض الفقهاء (رحمة الله): «هو أنّ محطّ الضرر و متعلّقه إنّما هو هذا المكلّف. فلا يجوز له أن ينقل هذا الضرر إلى غيره و هو الذي أمره بقتله. بل يجب عليه أن يقدّم نفسه دونه. لا بصفته فداءً له، بل إطاعة للّٰه (عزوجل). كما أنّ هذه الحرمة يجب أن تقيّد بما إذا كان النفسان في أهمّيّة واحدة عند الشارع المقدّس. و أمّا إذا كان المكلّف المأمور أهمّ عند الشارع من الآخر، فلا يمكن أن نقول بالحرمة، بل لا بدّ من المصير إلى الإباحة أو حتّى الوجوب أحياناً». [18]

تنبیه

هل الدم یشمل الجرح[19] أم لا؟

فیه أقوال:

القول الأوّل: لا یشمل الجرح و الأعضاء [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26] [27] [28]

قال المحقّق الطباطبائيّ (رحمة الله): «إنّ لزوم الاقتصار في الخروج عن العمومات المجوّزة لفعل المحرّمات بالتقيّة على المتيقّن المتبادر من الإطلاق و هو القتل؛ فإنّه الفرد الأكمل يقتضي المصير إلى جواز الجرح الذي لم يبلغ حدّه و لعلّه الأشهر. و ينبغي القطع بالجواز إذا كان الخوف على النفس بتركه و يحتاط بتركه في غيره». [29] [30]

یلاحظ علیه: بالملاحظة الآتیة.

و قال السیّد العامليّ (رحمة الله): «إنّ المتبادر من الإطلاق إنّما هو الفرد‌ الأكمل و هو القتل مضافاً إلى العمومات المجوّزة لفعل المحرّمات بسبب التقيّة، فيقتصر في تخصيصها على المتيقّن مع أنّا قد نقطع بجواز الجرح الذي لم يبلغ إزهاق النفس إذا كان الخوف على النفس بتركه كما قطعوا بجواز قطع اليد و الجرح في باب القصاص المتوعّد على تركه بالقتل». [31]

أقول: لا بدّ من ملاحظة الأهمّ و المهم. و لا دلیل علی الاختصاص، بل الظاهر هو الشمول و العموم.

و قال الشیخ المامقانيّ (رحمة الله): «المتعيّن المتعارف استعمال الدم في ذلك على وجه يكون هو المتبادر في أمثال المقام». [32]

أقول: إنّ الظاهر من الدم هو الشمول للقتل أو جرح الأعضاء.

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «الظاهر أنّ الدم كناية عن القتل بأيّ سبب كان، بإراقة الدم أو غيرها و ما دون القتل جرحاً كان أو غيره خارج و داخل في جواز التقيّة أو وجوبها». [33]

أقول: لا دلیل علی الاختصاص؛ فإنّ مراتب الدم مختلفة لا بدّ من مراعاة الأهمّ و المهمّ في کلّ ذلك.

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «ظاهر الإطلاق هو الأعمّ و لكن لا ينبغي الشكّ في كون مثل هذا التعبير كناية عن القتل غالباً و لو فرض الشك، كان اللازم الأخذ بالقدر المتيقّن و هو زهاق الروح». [34]

أقول: لا دلیل علی الاختصاص، کما سبق.

القول الثاني: یشمل الجرح و الأعضاء [35] [36]

أقول: هو الحق؛ للزوم الاقتصار علی القتل فقط، لعموم أدلّة الجواز لفعل المحرّمات في مقام التقیّة، خصوصاً إذا کان خوف الضرر هو قتل المأمور الذی اُمِرَ بجرح نفس محترمة؛ فإنّ قانون الأهمّ و المهمّ یقول بإتیان المهمّ و ترك الأهم. و لکنّ الظاهر من الروایة أنّه إذا کان خوف الضرر لقطع الید فقط و اُمِرَ لقطع ید نفس محترمة لا یجوز قطع ید نفس محترمة و هکذا؛ فالحرج شامل بهذا المعنی؛ فإنّ الضرورة تتقدّر بقدرها و یلاحظ الأهمّ و المهمّ في القتل و الجرح و الدم؛ فإنّ مراتب الجرح مختلفة لا بدّ فیه من مراعاة الأهمّ و المهم، کما هو موافق لبناء العقلاء و حکم العقل و العدالة، مضافاً إلی أنّ أدلّة حقن الدماء في مقام الامتنان علی الأمّة؛ فلا بدّ أن یقتصر علی ما لا ینافي الامتنان علی نفسه و علی غیره، فلا بدّ من مراعاة مراتب الجراحات لنفسه و لغیره و ملاحظة الأهمّ و المهمّ فیها.

قال الشهید الثاني (رحمة الله): «مقتضى استثناء الدماء أنّه لا فرق فيها بين أن‌ يكون بطريق القتل أو الجرح». [37]

أقول: مع مراعاة الأهمّ و المهم.

و قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «إنّ الظاهر من قوله (ع): «إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم». و إن كان هو الدم الذي كان علّةً لبقاء الحياة، إلّا أنّه مع ذلك لا يمكن الحكم بجواز جرح الغير أو قطع أعضائه للتقيّة؛ فإنّ دليل جواز التقيّة كدليل رفع المستكره عليه إنّما ورد في مقام الامتنان، فلا يشمل ما إذا كان شموله منافياً له». [38]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و الشیخ البحرانيّ توقّف في المسألة و قال: «بقي الكلام في الدماء التي لا تقيّة فيها، هل هي أعمّ من القتل و الجرح أو مخصوصة بالقتل، قولان. و المدّعى للعموم ادّعى ورود رواية بأنّه لا تقيّة في الدماء. و المدّعي للتخصيص نقل روايةً بأنّه لا تقيّة في القتل. و الذي وقفت عليه من الأخبار في المقام، ما رواه في الكافي في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر[39] (ع) قال: «إِنَّمَا جُعِلَتِ التَّقِيَّةُ لِيُحْقَنَ بِهَا الدَّمُ فَإِذَا بَلَغَ‌ الدَّمَ‌ فَلَيْسَ‌ تَقِيَّةٌ».[40] و روى الشيخ في الموثّق عن أبي حمزة الثماليّ قال: قال أبو عبد الله (ع): «... إِنَّمَا جُعِلَتِ التَّقِيَّةُ لِيُحْقَنَ‌ بِهَا الدَّمُ‌، فَإِذَا بَلَغَتِ التَّقِيَّةُ الدَّمَ، فَلَا تَقِيَّةَ ...». [41] و أنت خبير بما فيهما من الإجمال؛ لاحتمال حمل الدم على ظاهره الشامل للجرح و احتمال إرادة القتل خاصّةً، فإنّه ممّا يعبّر عنه بهذه العبارة غالباً. و بالجملة فالمسألة لأجل ذلك محلّ إشكال. و الله العالم»[42] .

أقول: لا إشکال في الشمول، کما هو الظاهر. و لا بدّ من مراعاة الأهمّ و المهم؛ فإنّ مراتب الجراحات مختلفة.

القول الثالث: لایشمل الجراح مع أنّ الأحوط اجتنابه حيث لا يعارضه الاحتياط من جانب آخر [43]

قال الشیخ النجفيّ (رحمة الله): «إنّ لزوم الاقتصار في الخروج عن العمومات المجوّزة لفعل المحرّمات بالإكراه على المتيقّن المتبادر من الإطلاق و هو القتل، يقتضي المصير إلى جواز الجرح الذي لم يبلغ حدّه، كما هو الأشهر، بل لعلّه المشهور، بل ينبغي القطع بجوازه إذا كان الخوف بتركه على النفس. نعم الأحوط اجتنابه حيث لا يعارضه الاحتياط من جانب آخر». [44]

أقول: لا بدّ من مراعاة الأهمّ و المهم؛ فإنّ مراتب الجرح مختلفة، مثل قطع الید أو الرجل أو سائر الأعضاء. و لا فرق بین نفسه و غیره في الدم الشامل للقتل أو الجراحات المختلفة و الاحتیاط في تقدیم الغیر علی نفسه إذا کانا متساویین في الرتبة؛ کقطع ید نفسه أو قطع ید غیره من المؤمنین و هکذا.


[5] حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.
[8] قتل النفس.
[12] حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.
[15] حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.
[16] حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.
[17] حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.
[18] ما وراء الفقه، الصدر، السید محمد، ج1، ص108.
[19] أي الدم الوارد في الرواية عن الإمامين الصادقين‘ في قولهما: «ليحقن بها الدم» هل يشمل الجرح و قطع الأعضاء بمعنى أنّه إذا بلغت التقيّة الجرح و قطع الأعضاء، فلا تقيّة، فلا يجوز ارتكاب هذين الفعلين أيضاً، كما لا يجوز قتل النفس عند بلوغ التقيّة إليه.
[39] الإمام الباقر (ع).
[40] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص220. و جاء فیه: أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ [أحمد بن إدریس القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ [القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ صَفْوَانَ [صفوان بن یحیی البجلي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ شُعَيْبٍ الْحَدَّادِ [شعیب بن أعین الحدّاد: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ [الثقفي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ أَبِي جَعْفَر [الإمام الباقر] (ع) قَالَ (هذه الروایة مسندة و صحیحة).
[41] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص172. و جاء فیه: عَنْهُ [محمّد بن الحسن الصفّار: إماميّ ثقة] عَنْ يَعْقُوبَ [یعقوب بن یزید الأنباري: إماميّ ثقة] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ [التیمي: فطحيّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول] عَن‌ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ [شعیب بن یعقوب العقرقوفي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ [ثابت بن دینار أبو حمزة الثمالي: إماميّ ثقة] قَالَ (هذه الروایة مسندة و موثّقة).
[42] الحدائق 18 : 135.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo