< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

دلیل القسم الثالث: الروایة

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[1] عَنْ أَبِيهِ[2] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[3] عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ[4] وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع): «فِي قَوْلِ اللَّهِ (عزوجل): ﴿أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ‌ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا﴾[5] قَالَ (ع): «بِمَا صَبَرُوا عَلَى‌ التَّقِيَّةِ» ﴿وَ يَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾[6] قَالَ (ع): «الْحَسَنَةُ التَّقِيَّةُ وَ السَّيِّئَةُ الْإِذَاعَةُ». [7]

إستدلّ بها بعض الفقهاء. [8]

أقول: تدلّ الروایة علی الأجر علی التقیّة و رجحانها.

تنبیهان

التنبیه الأوّل

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «المستحبّ من التقيّة، فالظاهر وجوب الاقتصار فيه على مورد النصّ و قد ورد النصّ بالحثّ على المعاشرة مع العامّة و عيادة مرضاهم و تشييع جنائزهم [9] و الصلاة في مساجدهم [10] و الأذان لهم [11] ، فلا يجوز التعدّي عن ذلك إلى ما لم يرد النصّ من الأفعال المخالفة للحق؛ كذمّ بعض رؤساء الشيعة للتحبّب إليهم و كذلك المحرّم و المباح و المكروه؛ فإنّ هذه الأحكام على خلاف عمومات التقيّة، فيحتاج إلى الدليل الخاص». [12]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

کلام المامقانيّ ذیل کلام الشیخ الأنصاري

قال (رحمة الله): «ضرورة عدم تحقّق موضوع التقيّة الواجبة حتّى يلحقه الحكم و هو جواز التقيّة و وجوبها، فيبقى دليل ذلك الفعل سليماً، فإن كان مباحاً، كان على إباحته. و إن كان محرّماً؛ كذمّ بعض رؤساء الشيعة و نحو ذلك، كان باقياً على حرمته بعد فرض عدم تحقّق الخوف المجوّز لارتكاب المحرّم». [13]

أقول: یظهر منها أنّ التقیّة الغیر الواجبة یحتاج إلی الدلیل الخاص. و التقیّة الواجبة في مورد خوف الضرر أو الضرورة و أمثالهما.

الإشکال في کلام الشیخ الأنصاري

إنّه لا خصوصيّة في هذه الأمور بعد التعليلات الواردة فيها لو ما يشبه التعليل و بعد كونها داخلةً في قاعدة «الأهمّ و المهمّ و الأخذ بالأهمّ من المصالح و المفاسد» كما لا يخفى. [14]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

التنبیه الثاني

قال السیّد السبزواريّ (رحمة الله): «مقتضى الإطلاقات المرغّبة إلى التقيّة و الأخبار الكثيرة التي تثبت الثواب فيها استحبابها نفسيّاً و وجوبها غيريّاً. و لكن لا بدّ من اختصاص الاستحباب بما إذا ترتّب عليها غرض صحيح شرعي؛ كالموادّة و التألّف و نحوهما و لا وجه للاستحباب مع عدمه. كما أنّه لا وجه لجوازها أصلاً فيما إذا لم تكن لمن يتّقي عنه شوكة و اقتدار أصلاً؛ لظهور الأخبار في غيره. نعم، قد تجب حينئذٍ مع الخوف أو الضرر لا من جهة التقيّة، بل من جهة الضرورة». [15]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

القسم الرابع[16] : التقیّة المکروهة

قال الشهید الأوّل (رحمة الله): «المكروه التقيّة في المستحبّ حيث لا ضرر عاجلاً و لا آجلاً و يخاف منه الالتباس على عوامّ المذهب». [17] [18]

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): «ما كان تركها و تحمّل الضرر أولى من فعله، كما ذكر ذلك بعضهم‌ في إظهار كلمة الكفر و أنّ الأولى تركها ممّن يقتدي به الناس إعلاءً لكلمة الإسلام. و المراد بالمكروه حينئذٍ ما يكون ضدّه أفضل». [19]

الإشکال في کلام الشیخ الأنصاري

جعل ذلك[20] مثالاً للتقيّة المكروهة محلّ مناقشة لابتنائه على كون ترك المستحبّ مكروهاً، كما أشار الماتن (رحمة الله) إليه و هو في محلّ المنع كما حقّق في محلّه و بيان المراد بالمكروه هنا لا يدفع الإيراد. [21]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[1] عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة.
[2] إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[3] محمّد بن أبي عمیر زیاد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[4] إماميّ ثقة.
[7] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص217.. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[8] . حاشیة علی رسالة فی التقیة، الشهیدی، المیرزا فتاح، ج1، ص631.
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص219. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى [العطّار: إماميّ ثقة] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ [بن عیسی الأشعريّ: إماميّ ثقة] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ [الأنباري: إماميّ ثقة] عَنْ هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ [مهمل] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَقُولُ‌: «... صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ‌ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَ لَا يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ، فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ مَا عُبِدَ اللَّهُ‌ بِشَيْ‌ءٍ أَحَبَ‌ إِلَيْهِ‌ مِنَ‌ الْخَبْ‌ءِ قُلْتُ‌: وَ مَا الْخَبْ‌ءُ؟ قَالَ (ع): «التَّقِيَّةُ»). (هذه الروایة مسندة و ضعیفة: لوجود هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ في سندها و هو مهمل).
[10] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج6، ص340. عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَمَّادٍ[بن عثمان الناب: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنِ الْحَلَبِيِّ [عبید الله بن علي الحلبي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: «مَنْ صَلَّى مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ كَانَ كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ».. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[11] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص383. عن أبي [عليّ بن الحسین بن بابویه: إماميّ ثقة] و محمّد بن الحسن [بن أحمد بن الولید: إماميّ ثقة] عن سعد بن عبد الله[القمّي: إماميّ ثقة] عن محمّد بن عبد الحميد [العطّار: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] عن أبي جميلة [المفضّل بن صالح: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] عن زيد الشحّام أبي أسامة [إماميّ ثقة].أَنَّهُ (ع) قَالَ: «يَا زَيْدُ خَالِقُوا النَّاسَ بِأَخْلَاقِهِمْ‌ صَلُّوا فِي‌ مَسَاجِدِهِمْ‌ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَكُونُوا الْأَئِمَّةَ وَ الْمُؤَذِّنِينَ، فَافْعَلُوا: فَإِنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَالُوا هَؤُلَاءِ الْجَعْفَرِيَّةُ رَحِمَ اللَّهُ جَعْفَراً مَا كَانَ أَحْسَنَ مَا يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ وَ إِذَا تَرَكْتُمْ ذَلِكَ، قَالُوا هَؤُلَاءِ الْجَعْفَرِيَّةُ فَعَلَ اللَّهُ بِجَعْفَرٍ مَا كَانَ أَسْوَأَ مَا يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ.. (هذه الروایة مسندة، صحیحة ظاهراً)
[13] . حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص244.
[16] من أقسام التقیّة.
[20] إظهار كلمة الكفر.
[21] . حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، عبدالله، ج1، ص243.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo