< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

المراد من الخوف

الخوف الشخصي

قال الشیخ الأنصاري (رحمة الله): «إنّه لا ريب في تحقّق التقيّة مع الخوف الشخصيّ بأن يخاف على نفسه أو غيره من ترك التقيّة في خصوص ذلك العمل». [1]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّ المتّقي يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله أو على شي‌ء من ذلك يتعلّق بمن له علقة أو على فرد معيّن آخر لا علقة له به». [2]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «لا ريب في مشروعيّة التقيّة مع الخوف الشخصي؛ لأنّه المتيقّن من النصوص». [3]

تنبیه

قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّ مجال التقيّة لا يتجاوز القضايا الشخصيّة و هي فيما إذا كان الخوف قائماً و أمّا إذا ارتفع الخوف و الضغط، فلا مجال للتقيّة». [4]

الخوف النوعي

قال الشیخ الأنصاريّ (رحمة الله): لا يبعد أن يكتفي بالخوف من بنائه على ترك التقيّة في سائر أعماله أو بناء سائر الشيعة على تركها في العمل الخاصّ أو مطلق العمل النوعيّ في بلاد المخالفين و إن لم يحصل للشخص بالخصوص خوف. و هو الذي يفهم من إطلاق أوامر التقيّة و ما ورد من الاهتمام فيها. و يؤيّده، بل يدلّ عليه إطلاق قوله (ع): «عَلَيْكُمْ بِالتَّقِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا شِعَارَهُ[5] ‌ وَ دِثَارَهُ[6] ‌ مَعَ‌ مَنْ‌ يَأْمَنُهُ‌ لِتَكُونَ سَجِيَّتَهُ مَعَ مَنْ يَحْذَرُهُ». [7] [8]

أقول: المراد من الخوف النوعيّ هو الخوف علی النفس أو شخص آخر في هذا الزمان أو في زمان آخر بحیث یعدّ عدم التقیّة خلاف بناء العقلاء، فإنّ المؤمنون إخوة. و لا فرق بین الخوف من حیث الزمان، فلا ینتقض بوجود التقیّة في واجب دون واجب؛ نعم، لو کان التقیّة لشخص لا ضرر له لا بالنسبة إلی النفس و لا بالنسبة إلی الغیر في جمیع الأزمنة و إن کان مضرّاً بالنسبة إلی الأکثر لشخص آخر. و هذا الفرد من النادر الذي هو کالمعدوم. و هکذا التقیّة بالنسبة إلی الأحوال؛ فلا یتحقّق الخوف النوعيّ بالنسبة إلی غیر ذلك الحال. و هکذا الخوف بالنسبة إلی بعض العبادات، دون بعض، فلا یتحقّق الخوف فی غیر ذلك الواجب؛ فالمراد من الخوف النوعيّ هو الخوف علی النفس أو الغیر في هذا الزمان أو في جمیع الأزمنة، بحیث یعدّ عدم التقیّة خلاف بناء العقلاء؛ فإنّ المؤمنین إخوة. و بهذا المعنی الخوف النوعيّ یوجب التقیّة و إن لم یحصل الخوف للشخص في هذا الحال في هذا الزمان.

کلام الشیخ المامقانيّ ذیل کلام الشیخ الأنصاري

قال (رحمة الله): «بل يتعيّن ذلك؛ لصراحة جملة من أخبار الباب في عدم اختصاص التقيّة بالضرر الشخصيّ و كفاية النوعيّ و شخص مسلم آخر في تسويغها؛ مثل: ما نطق بالحلف كاذباً للتقيّة من الظالم و العشّار لتخليص مال للغير [9] و ما نطق بالأمر بالتقيّة لحقن دماء الشيعة. [10] و ما كثر منهم (رحمة الله) من الفتوى بموجب التقيّة، إلقاءً للخلاف بين الشيعة و حقناً لدمائهم. و عليك بإعادة النظر في صحيح إبن أبي يعفور [11] و خبر المعلّى بن خنيس [12] و غيرهما من الأخبار التي تقدّم نقلنا لها عند نقل أخبار التقيّة،تزداد في المقام بصيرةً- إن شاء اللّه تعالى‌». [13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «الخوف على النوع بأن يكون ترك التقيّة مستلزماً للضرر في زمان آخر على أقوام آخرين احتمالاً معتدّاً به؛ كما إذا تركها في بلاده عند بعض أهل الخلاف و خاف منه الضرر على بعض إخوانه إذا رجعوا إلى بلادهم؛ سواء كان ذلك بالنسبة إلى فرد أو أفراد».[14]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

و قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «الخوف النوعيّ بمعنى ما يخاف عليه نوع الناس و غالبهم و إن لم يخف المتّقي؛ لشدّة شجاعته. فإطلاق نصوص تشريع التقيّة يقتضي مشروعيّتها معه. و ذلك لأنّ احتمال الضرر و الخطر الذي شرّعت التقيّة لأجلها يصير عقلائيّاً بحصول الخوف لغالب الناس. و هذا يكفي لتحقّق موضوع حكم التقيّة». [15]


[3] . مبانی الفقه الفعال فی القواعد الاساسیة، السیفی، علی اکبر، ج2، ص80.
[5] كلّ شي‌ء لبسته تحت ثوب، فهو شِعار له.
[6] كلُّ ما يلي الجَسَدَ من الثياب؛ لأنّه يلي شعره، الثوب الذي يكون فوق الشِعار. (کنایة عن لزوم کون التقیّة دائمیّةً).
[7] .الأمالي - ط دار الثقافة، الشيخ الطوسي، ج1، ص293. (الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ [الحسن بن محمّد بن الحسن الطوسي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [محمّد بن الحسن الطوسي: إماميّ ثقة] عَنِ الْفَحَّامِ [الحسن بن محمّد بن یحیی: عامّيّ شافعيّ لم تثبت وثاقته و قیل ثقة] عَنِ الْمَنْصُورِيِّ [محمّد بن أحمد بن عبید الله المنصوري: مهمل] عَنْ عَمِّ أَبِيهِ [عیسی بن أحمد بن عیسی بن منصور: مهمل]). (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود محمّد بن أحمد بن عبید الله و عیسی بن أحمد في سندها و هما مهملان).
[9] .من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج3، ص363. و جاء فیه: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ [بن بابویه القمّي: إماميّ ثقة] بِإِسْنَادِهِ [أبي (عليّ بن الحسین بن بابویه: إماميّ ثقة) عن عبد الله بن جعفر الحمیريّ (إماميّ ثقة) عن أحمد بن محمّد بن عیسی (الأشعري: إماميّ ثقة) عن الحسن بن عليّ بن فضّال (التیمي: فطحيّ رجع عنها عند موته ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول)] عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ [عبد الله بن بکیر بن أعین: فطحيّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ زُرَارَة [زرارة بن أعین الشیباني: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] قال: «قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ [الإمام الباقر] (ع) نَمُرُّ بِالْمَالِ عَلَى الْعُشَّارِ فَيَطْلُبُونَ‌ مِنَّا أَنْ‌ نَحْلِفَ‌ لَهُمْ‌ وَ يُخَلُّونَ‌ سَبِيلَنَا وَ لَا يَرْضَوْنَ‌ مِنَّا إِلَّا بِذَلِكَ. قَالَ: فَاحْلِفْ لَهُمْ فَهُوَ أَحَلُّ [لعلّ الصحیح: أحلی] مِنَ التَّمْرِ وَ الزُّبْدِ [أي: کره]». (هذه الروایة مسندة و موثّقة).
[10] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج6، ص172. و جاء فیه: عَنْهُ [محمّد بن الحسن الصفّار: إماميّ ثقة] عَنْ يَعْقُوبَ [یعقوب بن یزید الأنباري: إماميّ ثقة] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ [التیمي: فطحيّ ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول] عَن‌ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ [شعیب بن یعقوب العقرقوفي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ [ثابت بن دینار أبو حمزة الثمالي: إماميّ ثقة] قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): « .... إِنَّمَا جُعِلَتِ التَّقِيَّةُ لِيُحْقَنَ‌ بِهَا الدَّمُ‌، فَإِذَا بَلَغَتِ التَّقِيَّةُ الدَّمَ، فَلَا تَقِيَّةَ ...».. (هذه الروایة مسندة و موثّقة)
[11] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص221. و جاء فیه: أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ [أحمد ابن إدریس القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ [القمّيِ: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ [بن بزیع: إماميّ ثقة] عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ [الأعلم: إماميّ ثقة] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ [عبد الله بن مسکان: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ [إماميّ ثقة] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع): «يَقُولُ‌ التَّقِيَّةُ تُرْسُ‌ [أي: سپر] الْمُؤْمِنِ‌ وَ التَّقِيَّةُ حِرْزُ الْمُؤْمِنِ‌ وَ لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا تَقِيَّةَ لَه‌ ...».. (هذه الروایة مسندة و صحیحة)
[12] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص223. و جاء فیه: عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا [هم عليّ بن إبراهيم بن هاشم القميّ (إماميّ ثقة) و محمّد بن عبد اللّه بن أذينة (مهمل) و أحمد بن عبد اللّه بن أميّة (لعلّه هو أحمد بن عبد الله بن أحمد: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً) و أیضاً أحمد بن عبد الله بن بنت البرقي (مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً) و عليّ بن الحسين السعد آبادي (مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً)] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ [البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى [عبد الله بن بحر: الکوفي: مختلف فیه و هو ضعیف ظاهراً] عَنْ حَرِيز [حریز بن عبد الله السجستاني: إماميّ ثقة] عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ [کوفيّ بزّاز، أبو عبد الله: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): «... يَا مُعَلَّى إِنَّ التَّقِيَّةَ مِنْ دِينِي وَ دِينِ آبَائِي وَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا تَقِيَّة ...».. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود عبد الله بن بحر في سندها و هو ضعیف ظاهراً)
[13] . حاشیة علی رسالة فی التقیة، المامقانی، ملاعبدالله، ج1، ص249.
[15] . مبانی الفقه الفعال فی القواعد الاساسیة، السیفی، علی اکبر، ج2، ص80.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo