< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التقیّة

أقول: إنّ الغرض من التقیّة المداراتیّة حسن المعاشرة و المداراة و جلب المودّة و وحدة المسلمین و عدم تشتّتهم أمام الکفّار و الأعداء. و أیضاً لعدم تعییر أتباع مذهب الحق. و مع المشارکة في صلواتهم الجماعة یرفع الاتّهام عن أهل التشیّع. إنّ التقیّة المداراتیّة مؤکّدة من قبل الأئمّة المعصومین (علیهم السلام)؛ فنذکر روایات منهم (علیهم السلام) تدلّ علی رجحان التقیّة المداراتیّة:

فمنها: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى[1] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ[2] عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ[3] عَنْ هِشَامٍ الْكِنْدِيِّ[4] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) يَقُولُ:‌ «إِيَّاكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا عَمَلاً يُعَيِّرُونَّا[5] بِهِ؛ فَإِنَ‌ وَلَدَ السَّوْءِ يُعَيَّرُ وَالِدُهُ‌ بِعَمَلِهِ،‌ كُونُوا لِمَنِ انْقَطَعْتُمْ إِلَيْهِ زَيْناً وَ لَا تَكُونُوا عَلَيْهِ شَيْناً[6] ، صَلُّوا فِي عَشَائِرِهِمْ وَ عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ وَ لَا يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى شَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَيْرِ، فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ وَ اللَّهِ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ‌ءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْخَبْ‌ءِ قُلْتُ: وَ مَا الْخَبْ‌ءُ؟ قَالَ (ع): «التَّقِيَّةُ». [7]

أقول: هذه الروایة ضعیفة سنداً. و لا تدلّ علی الاکتفاء بالصلاة معهم؛ فلا بدّ من الجمع بین الروایات؛ بل تدلّ علی مطلوبیّة ما یوجب الوحدة و المودّة بینهم؛ أمّا فعل الحرام أو ترك الواجب لحصول الوحدة، فلا تدلّ علیه هذه الروایة.

و منها: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ[8] عَنْ أَبِيهِ[9] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[10] عَنْ حَمَّادٍ[11] عَنِ الْحَلَبِيِّ[12] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: «مَنْ صَلَّى فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، كَانَ كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ (ص)». [13]

أقول: الروایة تامّة سنداً و دلالةً؛ فلا بدّ من الجمع بینها و سائر الروایات.

و منها: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ[14] عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ[15] عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ[16] عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ[17] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) قَالَ: «يُحْسَبُ لَكَ إِذَا دَخَلْتَ‌ مَعَهُمْ[18] ‌ وَ إِنْ لَمْ تَقْتَدِ بِهِمْ مِثْلُ مَا يُحْسَبُ لَكَ إِذَا كُنْتَ مَعَ مَنْ تَقْتَدِي بِه‌». [19]

أقول: هذه الروایة تامّة سنداً و لا تدلّ علی جواز ترك واجب أو فعل حرام للتقیّة المداراتیّة، بل تدلّ علی عدم لزوم الاقتداء الحقیقيّ معهم، بل یکفي الاقتداء الصوريّ معهم.

و منها: عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ[20] ‌ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ(ع) قَالَ: «... صَلَّى حَسَنٌ وَ حُسَيْنٌ خَلْفَ مَرْوَانَ وَ نَحْنُ‌ نُصَلِّي‌ مَعَهُمْ». [21]

أقول: الروایة تامّة سنداً و لا تدلّ علی الاکتفاء بالصلاة معه أوّلاً. و ثانیاً: لعلّهم في مقام الضرورة لأنفسهم و للمؤمنین و لو في الآتي.

و منها: الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ[22] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ[23] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ[24] عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ[25] قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) إِنِّي أَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَأَجِدُ الْإِمَامَ قَدْ رَكَعَ وَ قَدْ رَكَعَ الْقَوْمُ فَلَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُؤَذِّنَ وَ أُقِيمَ وَ أُكَبِّرَ فَقَالَ لِي فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَادْخُلْ مَعَهُمْ فِي الرَّكْعَةِ وَ اعْتَدَّ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ رَكَعَاتِكَ قَالَ إِسْحَاقُ فَلَمَّا سَمِعْتُ أَذَانَ الْمَغْرِبِ وَ أَنَا عَلَى بَابِي قَاعِدٌ قُلْتُ لِلْغُلَامِ انْظُرْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَجَاءَنِي فَقَالَ نَعَمْ فَقُمْتُ مُبَادِراً فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَوَجَدْتُ النَّاسَ قَدْ رَكَعُوا فَرَكَعْتُ مَعَ أَوَّلِ صَفٍّ أَدْرَكْتُهُ وَ اعْتَدَدْتُ بِهَا ثُمَّ صَلَّيْتُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَإِذَا خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ مِنْ جِيرَانِي قَدْ قَامُوا إِلَيَّ مِنَ الْمَخْزُومِيِّينَ[26] وَ الْأُمَوِيِّينَ فَأَقْعَدُونِي ثُمَّ قَالُوا يَا أَبَا هَاشِمٍ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكَ خَيْراً فَقَدْ وَ اللَّهِ رَأَيْنَا خِلَافَ مَا ظَنَنَّا بِكَ وَ مَا قِيلَ فِيكَ فَقُلْتُ وَ أَيُّ شَيْ‌ءٍ ذَلِكَ قَالُوا اتَّبَعْنَاكَ حِينَ قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ وَ نَحْنُ نَرَى أَنَّكَ لَا تَقْتَدِي بِالصَّلَاةِ مَعَنَا فَقَدْ وَجَدْنَاكَ قَدِ اعْتَدَدْتَ بِالصَّلَاةِ مَعَنَا وَ صَلَّيْتَ بِصَلَاتِنَا فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَ جَزَاكَ خَيْراً. قَالَ فَقُلْتُ لَهُمْ سُبْحَانَ اللَّهِ أَ لِمِثْلِي يُقَالُ هَذَا قَالَ فَعَلِمْتُ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) لَمْ يَأْمُرْنِي إِلَّا وَ هُوَ يَخَافُ عَلَيَّ هَذَا وَ شِبْهَهُ. [27]

أقول، أوّلاً: هذه الروایة ضعیفة سنداً. و ثانیاً: قوله: «ثُمَّ صَلَّيْتُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ» یدلّ علی عدم الاکتفاء بصلاتهم. و ثالثاً: قوله: «لَمْ يَأْمُرْنِي إِلَّا وَ هُوَ يَخَافُ عَلَيَّ هَذَا وَ شِبْهَهُ» یدلّ علی أنّ التقیّة من باب الخوف و الضرورة، لا من باب التقیّة المداراتیّة.


[1] العطّار: إماميّ ثقة.
[2] أحمد بن محمّد بن عیسی الأشعري: إماميّ ثقة.
[3] الأنباري: إماميّ ثقة.
[4] مهمل.
[5] أي: ما را سرزنش کنند. (مبادا كارى كنيد كه ما را بدان سرزنش كنند، همانا فرزند بد، پدرش را به كردار او سرزنش كنند، براى كسى كه به او دل داده‌ايد (امام خود) زينت باشيد و عيب و ننگ نباشيد).
[6] أي: القبح، العیب.
[7] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص219. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود هشام الکنديّ في سندها و هو مهمل).
[8] عليّ بن إبراهیم بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة.
[9] إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[10] محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[11] حمّاد بن عثمان الناب: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[12] عبید الله بن عليّ الحلبي: إماميّ ثقة.
[13] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج6، ص340.. (هذه الروایة مسندة، صحیحة علی الأقوی)
[14] البندقيّ النيسابوري: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً.
[15] النيسابوري: إماميّ ثقة.
[16] محمّد بن أبي عمیر زیاد: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع.
[17] إماميّ ثقة.
[18] المخالفون.
[19] الکافی- ط دار الحدیث، الشيخ الكليني، ج6، ص323.. (هذه الروایة مسندة، صحیحة ظاهراً)
[20] العریضي: إماميّ ثقة.
[22] الأهوازي: إماميّ ثقة.
[23] الأهوازي: مهمل.
[24] الصيرفي: مختلف فیه و هو إماميّ لم تثبت وثاقته.
[25] الصیرفي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی.
[26] بنو مخروم طائفة من قبیلة قریش.
[27] تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج3، ص38.. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود محمّد بن الحصین في سندها و هو مهمل)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo