< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/03/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ التوریة

المصداق السادس

إذا اطّلع الإنسان على الزانيين و لم يكن من أهل الحدود، فمقتضى الأصل عدم جواز استيفائه منهما بنفسه، لكن وردت الرخصة في جواز قتل الزوجة و الزاني بها إذا علم الزوج بهما، سواء كان الفعل يوجب الرجم أو الجلد، كما لو كان الزاني غير محصن أو كانا غير محصنين. و سواء كان الزوجان حرّين أم عبدين أم بالتفريق و سواء كان الزوج قد دخل أم لا و سواء كان دائماً أم متعةً، عملاً بالعموم.

هذه الرخصة[1] منوطة بنفس الأمر، أمّا في الظاهر، فإن ادّعى ذلك عليهما لم يقبل و حدّ للقذف بدون البيّنة. و لو قتلهما أو أحدهما قيّد بالمقتول إن لم يقم بيّنةً على ما يبيح القتل و لم يصدّقه الولي. و إنّما وسيلته مع الفعل باطناً الإنكار ظاهراً و يحلف إن ادّعي عليه و يورّي بما يخرجه عن الكذب إن أحسن؛ لأنّه محقّ في نفس الأمر مؤاخذ في ظاهر الحال. [2] [3]

أقول: یعلم من قوله (رحمة الله) «إن أحسن» أنّ التوریة لیست واجبةً؛ لأنّها لو کانت واجبةً، لوجبت معرفتها مقدّمةً، بل لها الرجحان إن أحسن ذلك؛ لخروج الحلف عن کونه حقیقیّاً لاشتراط الحلف الحقیقيّ بالإرادة الجدّیّة. و مع التوریة لا إرادة جدّیّة بالنسبة إلی ظاهر الکلام، فلا یتحقّق الحلف، فلا کفّارة.

المصداق السابع

من كانت عنده أمانة، فطالبه ظالم بتسليمها إليه و خيانة صاحبها فيها، فليجحدها ليحفظها على المؤتمن له عليها و إن استحلفه على ذلك، فليحلف له و يورّي في نفسه ما يخرج به عن الكذب و لا كفّارة عليه في ذلك و لا إثم؛ بل له عليه أجر كبير؛ فإن لم يحسن التورية و كانت نيّته حفظ الأمانة و منع الظالم ممّا لا يستحقّه، أجزأته النيّة و كان مأجوراً. [4]

أقول: قوله (رحمة الله) «فإن لم يحسن التورية و كانت نيّته حفظ الأمانة...» صریح في عدم وجوب التوریة حتّی في الحلف کاذباً، بل لها الرجحان لخروج الحلف عن کونه حقیقیّاً، لعدم الإرادة الجدّیّة.

کما قال المحقّق السبزواريّ (رحمة الله): «[لو حصل دفع الظالم بالإنكار وجب][5] و لو أنكرها، فطولب الحلف، حلف و يورّي ما يخرج به عن الكذب مع المعرفة و الإمكان و إلّا وجب الحلف بغير تورية و لو ترك الحلف حيث توقّف حفظ المال عليه، فأخذه الظالم، ضمنه للتفريط». [6]

أقول: قوله (رحمة الله) «مع المعرفة» یدلّ علی عدم وجوب التوریة و إلّا تجب المعرفة مقدّمةً؛ لأنّ الواجبات لا تسقط بعدم معرفتها، بل لا بدّ من معرفتها مقدّمةً لأدائها. و هذا من الضروریّات.

و قال إبن زهرة الحلبيّ (رحمة الله): «يجوز له أن يحلف[7] أنّه ليس عنده وديعة إذا طولب بذلك و يروّي في يمينه بما يسلم به من الكذب». [8]

أقول: قد سبق کلام ابن زهرة في الغنیة في مصداق الأوّل و ذکرنا المراد منه و أنّه ظاهر في عدم وجوب التوریة حتّی في الحلف، فراجع.

و قال المحقّق الحلّيّ (رحمة الله): «لو أنكرها، فطولب باليمين ظلماً، جاز الحلف مورّياً بما يخرج به عن الكذب». [9] [10] [11]

أقول: قد سبق کلام صاحب الشرائع و أنّ المراد منه عدم وجوب التوریة حتّی في الحلف. و هکذا کلام صاحب تحریر الأحکام و المسالك.

کلام الشهید الثاني ذیل کلام المحقّق الحلّي

قال (رحمة الله): «الجواز هنا بالمعنى الأعمّ و المراد منه الوجوب؛ لأنّ حفظ الوديعة لمّا كان واجباً و توقّف على اليمين، وجبت من باب المقدّمة. و إنّما تجب التورية عليه إذا عرفها و إلّا وجب الحلف أيضاً بغير تورية؛ لأنّه و إن كان قبيحاً، إلّا أنّ إذهاب حقّ الآدميّ أشدّ قبحاً من حقّ اللّه- تعالى- في اليمين الكاذبة، فيجب ارتكاب أخفّ الضررين و لأنّ اليمين الكاذبة عند الضرورة مأذون فيه شرعاً؛ كمطلق الكذب النافع بخلاف مال الغير؛ فإنّه لا يباح إذهابه بغير إذنه مع إمكان حفظه بوجه. و متى ترك الحلف حيث يتوقّف حفظ المال عليه، فأخذه الظالم، ضمنه للتفريط». [12]

 


[1] جواز القتل.
[5] في بعض النسخ.
[7] عند الظالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo